الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 06 / أكتوبر 04:02

قانونية دولية تحاكم إسرائيل... بنسودا إفريقية الهوية فلسطينية الضمير/أحمد حازم

احمد حازم
نُشر: 05/03/21 11:44,  حُتلن: 16:15

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

انتهت الحكاية وتم اتخاذ القرار لمثول إسرائيل وبعض جنرالاتها وساستها أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي (هولندا). وعلى الفلسطينيين أن يقولوا بأعلى صوتهم: شكراً للمدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، التي أصدرت أول أمس الأربعاء بيانا أكدت فيه فتح تحقيق رسمي في جرائم ارتكبتها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، وأن التحقيق سيتناول جرائم مشمولة بالاختصاص القضائي للمحكمة، والتي ارتكبت في غزة منذ 13 حَزِيران/يونيو 2014.
قضاة المحكمة الجنائية الدولية اجتمعوا قبل شهر ورتبوا كل الأمور أمام تحقيق في جرائم حرب، عندما أعلنوا أن الاختصاص القضائي للمحكمة يشمل فلسطين كونها عضو في المحكمة. وقبل قرار القضاة كانت بنسودا وهي قانونية من دولة غامبيا الإفريقية قد قالت بصوت عال في كانون الأول/ديسمبر 2019 إنها تريد تحقيقا كاملا بعد تحقيق أولي استمر خمس سنوات، لكنها طلبت من قضاة المحكمة البت في مسألة الاختصاص وما إذ يشمل الأراضي الفلسطينية، الأمر الذي ثبته القضاة مؤخراً، وبناءً على هذا ستبدأ محاكمة إسرائيل.
ومن الطبيعي أن تثور إسرائيل على قرار المحكمة الدولية، وأن تعربد على قضاة المحكمة والمدعية العامة لها، وتوجه لهم كلمات جارحة لأنهم حكّموا ضميرهم بشأن قضية شعب يُقتل وتحتل أراضيه ويعتقل شبابه وأطفاله ونساؤه من جنود الاحتلال الإسرائيلي ولا يريدون محاسبتهم دولياً. يعني بدهن يظلوا يعربدوا وما حدا يسألهن". لكن القانونية الدولية الإفريقية بنسودا تحدت إسرائيل ومن يقف خلفها ويدعمها سياسياً وأصرت على جرها للمحكمة الدولية لمحاكمتها.
وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكينازي وصلت به الوقاحة إلى قلب الصورة وكأن جنود إسرئيل هم المعتدى عليهم إذ صرح في بيان له حول قرار المحكمة، "بأن إسرائيل ستتخذ كل الخطوات اللازمة لحماية مواطنيها وجنودها من الاضطهاد القانوني". فعن أي اضطهاد يتحدث؟ الجنود الإسرائيليون هم الذي يضطهدون ويقتلون ويعتقلون، وهم الذين يحتلون الأرض الفلسطينية.
قرار المحكمة الدولية يا "مستر أشكنازي" يرتكز على أساس قانوني ويندرج ضمن الحكم الأخلاقي النابع من الضمير، وليس ضمن "الإفلاس الأخلاقي والقانوني" كما ادعيت أنت. إسرائيل يا أصحاب "قانون القومية" آخر من يحق لها التحدث عن الأخلاق بسبب تاريخها اللاأخلاقي مع الفلسطينيين.
ولكن ما هي الجرائم التي سيتم محاكمة إسرائيل عليها؟ المحكمة الدولية حددت ذلك بكل وضوح: الجرائم المرتكبة من الجيش الإسرائيلي، والتي تشكل أساسا في استهداف المدنيين الفلسطينيين وقتلهم وتدمير مبان مدنية في غزة منذ 13 حَزِيران/يونيو 2014". والجرائم التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في سياق "المسيرة من أجل غزة" في 2018، وأطلق خلالها الجنود النار على المشاركين، وقتلوا نحو مائتي مدني فلسطيني، وجرحوا العديدين منهم. وأخيرا، الجرائم المرتكبة في إطار سياسة الاستيطان.
المحكمة الجنائية الدولية اعتمدت في قرارها على ثلاث نقاط في غاية الأهمية: اعتبار فلسطين "دولة طرفا في نظام روما الأساسي"، بعدما تم الاعتراف لها بوضع "دولة مراقبة غير عضو في الأمم المتحدة" في عام 2012. ويمكنها بالتالي تفعيل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، ولا سيما اختصاصها الإقليمي، وتقديم "إحالة" (شكوى) إلى مكتب المدّعي العام.
والنقطة الثانية اعتمدت المحكمة على حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، كما جاء في قرارات عديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا سيما القرار 67/ 19، الذي يمنح فلسطين صفة الدولة المراقبة، والذي "يعيد تأكيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والاستقلال في دولة فلسطين التي تقع في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967".
أما النقطة الثالثة فهي: اتفاقيات أوسلو التي تعفي المواطنين الإسرائيليين من الاختصاص الجنائي للسلطة الفلسطينية، والتي ليس لها تأثير على تحديد الاختصاص الإقليمي للمحكمة.
على كل حال، صحيح أننا لا زلنا بعيدين عن محاكمة مجرمي الحرب، لكن قرار المحكمة الجنائية الدولية في الخامس من فبراير/ شباط الماضي اختصاصها في الملف الفلسطيني يعتبر انتصاراً كبيراً للقانون الدولي وتأكيداً على صحة الدعوى التي رفعها الفلسطينيون لمحاكمة إسرائيل غداة العملية العسكرية الإسرائيلية "الرصاص المصبوب" في غزة، (2008 ـ 2009)>
تصوروا أن قانونية إفريقية من دولة صغيرة فقيرة اسمها غانبيا تقع على ساحل غرب أفريقيا، يبلغ عدد سكانها مليونا نسمة، لا آبار بترول ولا غاز طبيعي لديها، استطاعت مواطنة منها الوقوف في وجه إسرائيل وأمريكا وتُحدتهما بصلابة دعماً للقضية الفلسطينية، وملوك ورؤساء العالم العربي يرتعشون خوفاً من أحفاد هرتسل. ألا تستحق بنسودا الإفريقية على الأقل نصب ثماثيل لها في عواصم عربية ولا سيما في رام الله بدل الأصنام الموجودة في هذه العواصم؟

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة