الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 30 / أبريل 00:02

عذرًا يا عولمة لم نفهمك جيداً/ بقلم: طارق بصول

كل العرب
نُشر: 07/04/15 12:48,  حُتلن: 07:33

طارق بصول في مقاله: 

للعولمة اهداف مختلفة ومتنوعة منها سياسيّة من اجل التواصل بين الدول والأنظمة المختلفة - اقتصادي لنمو النشاط التجاري وتوقيع الصفقات المالية-الاجتماعيّة لمعرفة حضارات ومجتمعات اخرى 

الرجل المتدين والذي يرتدي لباس السنة ويسعى دائما بالامتثال بسنة الرسول علية الصلاة والسلام من حيث السيرة اصبح منبوذًا من المجتمع 

بسم الله وبحمده خالق الشعوب والقبائل المختلفة وصلّ وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.

إحدى ظواهر الجغرافية البشرية التي شهدها العالم منذ بداية سنوات ال-70 من القرن العشرين، هي العولمة التي حوّلت العالم إلى قرية صغيرة متّصلة مع بعضها البعض، فقد أصبح يتم نقل معلومات وسكان من مكان إلى آخر على سطح الكوكب الأزرق بأسرع وقت ممكن دون التّقييد بالبعد الجغرافي او الحدود السياسيّة.

للعولمة اهداف مختلفة ومتنوعة منها سياسيّة من اجل التواصل بين الدول والأنظمة المختلفة - اقتصادي لنمو النشاط التجاري وتوقيع الصفقات المالية-الاجتماعيّة لمعرفة حضارات ومجتمعات اخرى والتعرف على العادات والتقاليد للحضارات المختلفة. بهذا المقال سوف نقف عند الهدف الاخير "الاجتماعي " ونبين مدى تطبيقه بمجتمعنا العربي.

الهدف الاجتماعي للعولمة ينص على تواصل وتعرف الحضارات والمجتمعات على بعضها البعض من اجل فهم ومعرفة الاخر والتعرف على منهاج الاجتماعي المخفي لكل حضارة وأخرى، يعتبر هذا التّواصل اساسًا للتسامح بين سكان الحضارات والمجتمعات المختلفة فيما بينها، فعند معرفه الاخر من حيث فكره واعتقاده ومبادئه يدخل بقلوبنا التسامح وتقبله فقد قال تعالى في كتابة العزيز( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) " الحجرات -13 ".

فمن خلال العولمة تستطيع الشعوب التعرف على بعضها البعض وفهم الاخر فمثلاً : عند مشاهدة شعوب جنوب شرق اسيا بملابسهم وتصرفاتهم الخاصة بهم لأسباب تليق بحضارتهم المختلفة عنا، فعلينا فهم ذلك وتقبّلهم بنمطهم الكامل وعند معرفة سبب الهدوء لدى الشعوب الأوروبية المميّزة بخاصتهم الحضاريّة ومعرفة سبب العراء الافريقي بسبب قلة الغذاء فيتيح لنا تقبلهم واحترامهم، اذًا فَهم الحضارات يعتبر عاملا لانتشار التّسامح بين الناس والشعوب وتقبل الاخر رغم الاختلاف بالفكر والمبدأ والاعتقاد.

هذه النظرية انعدمت بمجتمعنا، فكل ما يتعلق بالآخر أو التعددية الاجتماعية اصبح مرفوضًا رغم انّه شرعيًّا وأساسيًّا لتركيبة المجتمع. لقد تبنى المجتمع عادات وتقاليد غربية وتمسك بها وأصبح يرفض كل من يتمسك بالعادات والتّقاليد العربية العريقة، فمثلًا: الرجل المتدين والذي يرتدي لباس السنة ويسعى دائما بالامتثال بسنة الرسول علية الصلاة والسلام من حيث السيرة اصبح منبوذًا من المجتمع، وحتى في بعض الاحيان مرفوضًا على المجموعة التي تتبنى عادات وتقاليد من حضارات اخرى. فالعولمة الصحيحة تلزم تقبل الاخر رغم اختلافه بآرائه، مثالا اخر هو الانسان المحافظ الذي يهتم كثير بالمحافظة بالعادات والتقاليد العربية فيُهاجم عند اتخاذه أي قرار، كمنع الالعاب النارية والغناء والفصل بين الرجال والنساء بالإعراس وهنالك امثلة لا نهاية لها، لربما بعض ممن يقرأ المقال سوف يقول بأنّ " الكاتب " متخلف او ذات رجعية او "ما زلنا نفكر ذلك وهناك من وصل القمر" فنقول أنّ العلماء الذين اكتشفوا الذرة او نزلوا على سطح القمر افتخروا بعاداتهم ومبادئهم، وحتّى أنّها كانت السبب لتوسيع افاقهم العلميّة.

نحن لا ننتقد المجتمع فنحن ابناؤه فقد قال رسول الله صلّى الله علية وسلم " إذا سمعت الرجل يقول هلك الناس فهو أهلكَهم"، علينا ان نفهم بأنّ العولمة الاجتماعية اساسها التّعرف على الاخر وفهمه وتقبله بالرّغم من اختلاف فكرة وآرائه –فمجتمعنا تبنى العادات والتقاليد الغربية ونسي أنّ عليه المحافظة على عاداته المستنبطة من تاريخه وتراثه، فعذرًا يا عولمة لم نفهمك جيّداً.

ونختم بقول الحمد لله

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة