الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 15 / مايو 12:02

"بتيئفون" الخسارة يا جبهة الناصرة / بقلم: علي الزعبي ـ أبو توفيق

كل العرب
نُشر: 09/11/13 09:18,  حُتلن: 17:51

علي توفيق الزعبي في مقاله:

جبهة جرايسي كانت تتغنّى ولا زالت بالوطنية ومعارضة الخدمة العسكريّة طوال عقودٍ من الزمان

جرّافات البلدية وعمالها دخلوا أحياءً لم يدخلوها منذ الإنتخابات السابقة وراحوا يطوفون بالشوارع والساحات يشحذوا همم الناس بأساليب بذيئة رخيصَة

ما إن أنسدل الستار عن نتائج الإنتخابات وأظهرت تقدمًا لصالح منافس الجبهة السيد علي سلّام حتّى جُنَّ جنونهم وباتوا كالحُمُرِ المستنفرة يبحثون عن صوت هنا وآخر هناك

كيف تحوّل السيد رامز جرايسي من شخصٍ مثقفٍ محترم إلى تاجرٍ يشتري الوطنية ويقامر بها في الغرف المقفلة كيف سيزور شهداء الإنتفاضة في الأعوام المقبلة وماذا سيبرر لأهاليهم؟

الوطنيون او أشباه الوطنيين أصحاب الأغاني الوطنيّة الغنّاء والقصائد الوطنيّة التي إحتكروها لأنفسهم زورًا وبهتانا يلهثون وراء أشباه الأصوات أصوات من؟ أصوات المجندين في جيش الإحتلال

كيف يقبل أبناء توفيق زيّاد الجري وراء تلك الأصوات التي لا تمثل شيئًا؟ ولا تمثل حتّى أصحابها كيف سيسيرون في مظاهرات وهم يعلمون علم اليقين أنهم مستعدّون لتقبيل كعب البستار العسكري للوصول للسلطة

"أبناء مدينتي، الرفاق الكرام،
أتوجه إليكم اليومَ بعظيم الإمتنان وخالص الشكر وبالغ المحبّة، على دعمكم لنا طوال 40 عامًا خلت في رئاسة البلديّة، حاولنا فيها أن نعمل لأجل خدمتكم ورقي ناصرتنا وأهلها، فشكرًا لكم. وأمّا وقد ظهرت نتائج الإنتخاباتِ جليّةً لا لُبسَ فيها، وتبقّى ما تبقّى من فرز لأصوات الجنود، وتأكيدًا منا، نحن قيادة الجبهة، على رفضنا الكلي للتجنيد، فإنني أتنازل طواعيةً عن رئاسة البلدية لصالح السيد علي سلّام نظرًا لتصدره النتائج حتى الآن، فله مني كل محبّةٍ وتقدير، متمنيًا له التوفيق في مهمته غير الهيِّنة البتّة، مع إستعدادنا الكامل لمشاركته في تطوير ناصرتنا لننهض بها معًا".

كنت أتوقع أن يتوجه السيد رامز جرايسي إلى أهالي الناصرة بخطاب من هذا القبيل، بكلمات منمقةٍ كتلك، خصيصًا وإن جبهته كانت تتغنّى ولا زالت، بالوطنية ومعارضة الخدمة العسكريّة طوال عقودٍ من الزمان، وأن ينسحب بعدها وطاقمه إلى إجتماعات ماراثونيّة حثيثة لبحث أسباب تدني شعبيتهم إلى أدنى مستوىً في تاريخهم السياسي الطويل.



الحقيقة لا، فقد إختارت الجبهة طريقًا آخر بعيدًا جدًّا، حتى خلال سير الإنتخابات، فناهيكم أيها السادة عن الحافلات المليئة بالطلاب القادمة من المعاهد والجامعات في الوطنِ والمهجر والشتات، وأمّا عن زفتة الإنتخابات، فحدّثوا ولا حرج، حيث دخلت جرّافات البلدية وعمالها أحياءً لم يدخلوها منذ الإنتخابات السابقة. وراحوا يطوفون بالشوارع والساحات يشحذوا همم الناس بأساليب بذيئة رخيصَة، ووعود أكل عليها الدهر وشرب تتكرر إنتخابات بعد أخرى، وعامًا بعد آخرـ حتى مرّت السنون وخلت، وناصرتنا بلا بنيةٍ تحتيّة تليق بمكانتها، وميزانيةٍ بمديونية عالية جدًا، كنّا نرى القرى من حولنا تتقدّم قدمًا نحو الأمام، تدشّن المدارس وتبتعث الوفود وتخرج الطلاب في شتىّ بقاع المعمورة، ونحن مكانك راوح، فمعدّلات نتائج الطلاب في مدارسنا (التي خرجت كوكبةً عظيمة من جيل الأدباء الكبار أمثال مي زيّادة، ميخائيل نعيمة، راشد حسين وحنا أبو حنّا وتوفيق زيّاد وغيرهم الكثير الكثير) هي من المعدّلات الأكثر إنخفاضًا في البلدات العربية، وتحولت ناصرتنا من قبلة الشعراء والمثقفين أمثال محمود درويش وسميح القاسم إلى مقبرةٍ للإبداع والمبدعين والثقافة والأخلاق، وكل مشاريعهم في هذا الصدد كانت كذرِّ الرمادِ في العيون، حتى جفّت مشاريعنا الثقافيّة والإقتصاديّة، وجفّت معها آمالنا بمدينةٍ متطورة عصرية في ظل إدارةٍ رجعيّة فاسدة، أتت من أجل محاربة المحسوبية فأضحت بين ليلةٍ وضحاها، راعيًا وغطاءً يتستر بها أصحاب نظريات الخاوة والفساد.

الطعنة الكبرى
ثم تأتي الطعنة الكبرى، فما إن أنسدل الستار عن نتائج الإنتخابات وأظهرت تقدمًا لصالح منافس الجبهة السيد علي سلّام، حتّى جُنَّ جنونهم وباتوا كالحُمُرِ المستنفرة، يبحثون عن صوت هنا وآخر هناك، وبعد أن باءت جميع المحاولات في إخفاء صناديق الإقتراع بالفشل، إذ بورقة التوت تسقط مدوّية بالأفق، الوطنيون او أشباه الوطنيين، أصحاب الأغاني الوطنيّة الغنّاء والقصائد الوطنيّة التي إحتكروها لأنفسهم زورًا وبهتانا، يلهثون وراء أشباه الأصوات، أصوات من؟ أصوات المجندين في جيش الإحتلال، والذي ـ أي جرايسي ـ كان قبل أسبوعين يتباكى على ذكرى من سقط برصاص الجيش في الإنتفاضة الثانية.

بيع المبادىء
لقد إتضحت الصورة جليًا، كالشمسِ في كَبَدِ السماء، قد باعوا نظريّاتهم ومبادئهم، بل ثوابت شعبنا العربي الحر الأبي الصامد في أراضينا المُحتلة منذ العام 1948، إلا يخجل من يُطالب بإحتساب أصوات الجنود من أنفسهم، كيف يُشرعنون التدخلَ السافر للجيش في نتائج الإنتخابات، الا يستذكرون النكبة والنكسة والحكم العسكري وإجتياح لبنان وغزّة وإقتلاع الأراضي الشهير الذي أوصل توفيق زيّاد للعالميّة، كيف يقبل أبناء توفيق زيّاد الجري وراء تلك الأصوات التي لا تمثل شيئًا؟ ولا تمثل حتّى أصحابها، كيف سيسيرون في مظاهرات وهم يعلمون علم اليقين، أنهم مستعدّون لتقبيل كعب البستار العسكري للوصول للسلطة.
كيف تحولت تلك المبادئ والقيم والثوابت، لسوقية إسرائيلية بذيئة، تُباع وتشرى في أسواق الإنتخابات، ليس أرخص منها إلا من يلهثُ وراءها متشبثًا بها. كيف كان هؤلاء يتحكمون بنا طوال الـ40 عامًا الماضية، وهم يفعلون غير ما يضمرون، كيف تحوّل السيد رامز جرايسي، من شخصٍ مثقفٍ محترم، إلى تاجرٍ يشتري الوطنية ويقامر بها في الغرف المقفلة، كيف سيزور شهداء الإنتفاضة في الأعوام المقبلة وماذا سيبرر لأهاليهم، وبأي عين سيستمع لأغاني الجبهة الوطنية، التي ليست إلا غطاءً ـ كما إتضح بعد الإنتخابات ـ لمقامرين سياسيين ورجال أعمالٍ فاسدين، وتبيّنت أنها جبهة تكميم الأفواه، والرأي الواحد، ونظريّة إمّا نحن في الحكم أو لا أحد. وما دُمنا قد فتحنا الباب على مصراعيه فلنُسَمِّ الأُمور بمسمياتها، فأبدًا لم يكن أسمهم الجبهة، بل الأسم الحقيقي لهم "الحزب الشيوعي الإسرائيلي".

"لن تغسلوا عاركم"
لعنة أصوات الجنود ستطاردكم، ستطارد صناديق إقتراعكم، وأصوات إذاعاتكم، ستطاردُ زعمائكم وأفكاركم، وستقضّ مضاجعكم، وستلقي باللوم عليكم ، ستطاردكم الآن واليوم وغدًا، وفي الإنتخابات المقبلة، ولن تغسلوا عاركم أبدًا. أمّا أرواح شهدائنا فلن تنظر إليكم، ستلعنكم، وسترسل لكم رسالةً بلغة أبناء عمومتكم من اليهود "بتيئفون (صحتين) الخسارة، ودايمة أفراحكو وسلامة راسكو".

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة