إلهام دويري تابري ترد على سؤالك:

غريزة حب الامتلاك وتحقيق الرغبات هي من طبيعة مولودة دور الأهل هو تدريب الطفل على القدرة على تأجيل الرغبات، ترتيبها وأحيانًا كثيرة ضبطها

لتعزيتك ولسلامة صحتك يلزمك التدقيق ببعض عوامل أساسية كي تساعدك على رؤية أوسع بالنسبة للتحصيل والامتحانات، أهمها النضوج الطبيعي والذي هو حالة فردية. هذا عامل له أهمية كبيرة بعنصر التعلم

السؤال:
أنا أم لطفلين 7 و9 أعوام. كانت حياتي رائقة ولطيفة قبل دخولهما المدارس. أما الآن فأنا كالذئب الكاسر الذي لا يرحم. الامتحانات تعصِّبني. نتائج تحصيلهما تجعلني أنهار وتنفلت أعصابي. أكاد أختنق من خوفي من نفسي قبل افتتاح السنة الدراسية. بدأت من اليوم أخاف من العودة للتشنج والانفعال. لماذا؟ ساعديني أرجوك.

الجواب:
أتفهم مخاوفك. أشكر توجهك للمساعدة فهذا مؤشر صحي هدفه وقاية عائلتك ونفسيتك من الانهيار.
الأطفال يعانون كثيرًا من تجربة الحياة المدرسية بسبب ارتباطها بمشاعر الأهل غير اللطيفة، وأحيانًا كثيرة المنفرة بخصوص التحصيل والمذاكرة. انزعاج الأهل، قهرهم وتوترهم أثناء فترة التقييم والاختبارات المدرسية، تضر بتطور شخصية أطفالهم ولا تساهم بتحسين النتائج.
لطمأنتك أقول: إن معظم الموهوبين والمبدعين، وأيضًا العلماء والمخترعين ليسوا بالضرورة بطفولتهم تفوقوا ونالوا أفضل العلامات في اختبارات المدارس التقليدية وحتى ربما رسبوا.
كيف حصلت تلك المفارقة؟
لأنه ما يهم في التربية الإيجابية هو تطوير شخصية سوية وسعيدة.
كيف؟ ما الذي يلزم التركيز عليه؟

ماذا يلزمك التركيز عليه كي تقي نفسك من أسباب الانهيار؟
لتعزيتك ولسلامة صحتك يلزمك التدقيق ببعض عوامل أساسية كي تساعدك على رؤية أوسع بالنسبة للتحصيل والامتحانات، أهمها:
النضوج الطبيعي والذي هو حالة فردية. هذا عامل له أهمية كبيرة بعنصر التعلم. فمثلاً تعلم الطفل على استخدام الحمام للفطام من الحفاظات يحتاج لنضوج، قدرة الطفل على المشي تحتاج أيضًا لنضوج وغيرها من الأمثلة التي ستقنعك ولا مجال للجدال بشأنها. النضوج هو حالة طبيعية فردية. يجب أن لا ينسى الأهل أيضًا الفروق الفردية بشأن سن الأطفال في الصف الواحد. يصل الفرق أحيانًا لأكثر من عام. بين الطفل الأكبر في الصف وبين الأصغر في ذات الصف، وهذا عامل هام في جميع المجالات التعليمية وغير التعليمية أيضًا.

ماذا يتوقع الأهل من المربين؟
أن يعرف كل مرب بأن ما يميز الطفل في مراحل حياته الأولى هو حب الاستطلاع، المعرفة والإكثار من طرح الأسئلة. تلك حالة لا تحتاج لتوبيخ، ضغط أو عقاب. دور المربي هو استمرار تأجيج شغف طبيعة الطفل بشأن حبه للمعرفة وللاستكشاف لا لإخمادها. لذا يلزم أخذ تلك الطبيعة وعامل النضج بالحسبان في كل مجال، وحتى بالنسبة لأسئلة الاختبار والتقييم. لم يعد المعلم في العصر الحاضر هو الموسوعة العلمية، لأنه أصبح بمقدور الطفل اكتساب أية معلومة في أي وقت وفي كل مرحلة عمرية، وذلك بوسائل مصادر الاتصال المعلوماتية الالكترونية المتوفرة في كل مكان وزمان.

ما هو دوري في مجال تطوير شخصية طفلي الاجتماعية؟ هل بمقدور الأهل تدريب الطفل على حياة اجتماعية سعيدة وسوية؟ كيف؟
هي بتوفير بيئة اجتماعية متنوعة. كلما تمتع الطفل باللعب مع أنماط أطفال وتسلى برفقتهم، كلما زادت خبرته ونجح بتعامله الاجتماعي. يتدرب الطفل في البيئة اللعبية مع أطفال متنوعي الجوانب ويكتسب مهارات مثل، تقبل المجموعة الاجتماعية بجميع مركباتها، لون، دين، جنس، عرق... تلك مهارة يكتسبها الطفل كلما قصد الأهل تشجيعه بعبارات واضحة، تؤكد له احترام تعامله، مثل، (كم أنا فخورة بتعاملك اللطيف مع صديقك المكفوف، المعاق، الغريب... يدهشني أسلوب تعاملك حين... ما أروع طريقتك بحل الأزمات...). تركيز الأهل على مراقبة قيم أساسية في تعامله مثل، انتظاره دوره في اللعب، احترام قوانين اللعب، تقبله التنازل عند اللزوم، التقاسم والمشاركة والأهم شجاعته عند الخسارة، مثل، ( شو بتعجبني شخصيتك المرحة حتى وإنتي خسران).
أسلوب تعامل الأهل الداعم للطفل له دور كبير باكتسابه القدرة على مواجهة الفشل والإحباط أثناء خوضه التجارب. تلك عناصر أساسية لتطوير شخصية طفل اجتماعية سوية وسعيدة.

ما هو دوري بشأن تطوير شخصية طفلي العاطفية؟
يحتاج الطفل في جميع مراحله العمرية، تدريبه على الاستقلالية والابتعاد عن الاتكالية. عبارة: (كم أنا معجبة باعتمادك على نفسك لما تحتاج طلب...، خدمة، انتعال، ارتداء...).
من المهم تدريبه عند اللزوم الشجاعة والجرأة في حالة طلب النجدة والمساعدة. كثيرًا ما يعبر الطفل لأهله عن ذلك بعبارة: (أنا صرت كبير وبقدر...). أسلوب التعامل معه ليس بالضغط عليه أو بمحاضرة تربوية، وإنما بالتركيز على سلوكه الذي يعكس جرأة وشجاعة والتنبه لتشجيعه عليه بعبارات مثل، (قديش بتعجبني. إنتي لوحدك طلبت من البائع حاجتك من... ياي شو إنتي ولد مستقل. لبست حذاءك لوحدك).

وأخيرا ما هي أهم المهارات غير المولودة التي يلزم الأهل تدريب الطفل على اكتسابها؟
غريزة حب الامتلاك وتحقيق الرغبات هي من طبيعة مولودة. دور الأهل هو تدريب الطفل على القدرة على تأجيل الرغبات، ترتيبها وأحيانًا كثيرة ضبطها. تلك مهارات من مسؤولية الأهل اكسابها للطفل أثناء خوضه التجارب. هي لا تأتي بالتنبيهات، المحاضرات الجافة أو بالعقاب. بل تأتي عن طريق تقليد سلوك الأهل أولاً وامتداحه عند تغلبه عليها ثانيًا. حين يرى الطفل نموذج أمه تعتذر على...، تتقبل خسارة مناقصة في عملها، تواجه فشلاً عند... أو يلاحظ والده يعتذر حين يخطئ، يصالح حين يحدث خصام... تمتدحه أمه بعد خسارته في جولة لعب مع الأصحاب، تحترم نتائج فشله في ... تتقبل وقوعه في خطأ وتوضح له رأيها المتفهم...
تلك هي أسس الشخصية السوية التي تجعل طفلك ناجحًا ومتميزًا سعيدًا وآمنًا.
----------------------------------------------------------
انضموا الى صفحتي على الفيسبوك "الهام دويري تابري "لتلقّي أسئلتكم وللمزيد من التواصل.
عنوان موقعي الاكتروني: www.darelham.com
عنوان بريدي الإلكتروني: elham@darelham.com
لتعيين موعد زيارة للاستشارة التربوية الفردية، الاتصال على رقم هاتف: 6014425-04