الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 30 / أبريل 16:02

خمس شهادات.. خمس تجارب: الحلو والمُر في حكاية الولد البكر

من أماني حصادية:مراسلة
نُشر: 21/12/10 13:23,  حُتلن: 08:52

إسكندر:

لا أمارس سلطاني على إخوتي، ولا أسعى لمنعهم قسراً عن القيام بأي أمر يريدونه

في عائلتنا ليس للرهبة مكان، إنما من المؤكد أنّ للأخ الأكبر دوراً، لعبتُه ومازلت ألعبه

ثمّة مَن يعتبر أن مجرّد أن يكون الإنسان الإبن البكر للعائلة، هو نعمة في حد ذاته، لما هناك من مميّزات لحامل هذا اللقب. لكن، يبدو أنّ الحقيقة قد تكون مغايرة بالنسبة إلى البعض الذين يعتبرون أنّ للأمر أعباء كثيرة.
غالباً ما يعتبر الولد الكبير في العائلة مثالاً أعلى للإخوة الأصغر في كل تصرفاته. حتى إنّه يكون مسؤولاً عنهم وعن إرشادهم إلى الأفضل. وأحياناً يحمل البكر، صورة الأب الرديف في حال غياب رب البيت لسفر أو مكروه أو مرض. وفي موازاة هذا الوجه المثقل بالمسؤوليات، ثمّة نظرة مختلفة إلى الولد البكر من قبل الأهل، فهو الذي يدشن هؤلاء بولادته حلم الأمومة والأبوّة، فتراه يعيش في عزّ ونعيم، من عاطفةٍ، وإهتمامٍ حصري، وإمتيازات، مما يكرّسه ملكاً على العائلة. ففي البداية، يتم التعاطي معه كلعبة صغيرة، يندهش الأهل بكل ما يقوم به. كذلك، فإن كثيرين من الناس يقولون إن طعْمٍ أمومة وأبوّة المرّة الأولى، يبقى الأقوى والأشد تأثيراً في الشريكين. في حين يعتبر البعض، أنّ الولد البكر غالباً ما يتحوّل إلى حقل تجارب النسبة إلى ذويه، الذي يتعلّمون منه ومعه وظيفتهم الجديدة، ومتطلباتها على المستويات كافة. إستناداً إلى ذلك، كيف ينظر البكر إلى مرتبته في العائلة؟ وكيف يصف هذا الخليط بين إيجابياتها وسلبياتها؟ وماذا عن الإبن الأوّل الذي لا يلبث اسمه أن يتحوّل كنية لأُمّه ووالدته؟ وهل يوسّع ذلك من حقل مسؤولياته؟ هذا ما يتحدث عنه خمسة من الأبناء والبنات البكر ، الذين يروون تفاصيل عن تجاربهم بحلوها ومُرها.



حقل تجارب
نادين، هي الإبنة البكر لعائلة مؤلفة من ثلاث فتيات. تنظر إلى إيجابيات الولد البكر في طفولته بالإشارة إلى أنّها "تتمثل بنيله الكثير من الإهتمام على الصعد كافة، كونه الأوّل في العائلة". وتضيف: "أمّا السلبيات في الطفولة، فتتمثل في أنّ الطفل الأوّل يكون حقل تجارب في حياة الوالدين". ترى نادين أنّ "الإهتمام الزائد بالبكر من دون ضوابط تربوية، قد يؤدي إلى طفل مدلل. وربّما يتلقى هذا الطفل صدمة حياته عندما يأتي الطفل الثاني، ويبدأ إهتمام الأهل بالتوجه نحوه تلقائياً. فالطفل الأوّل يعيش أولى أزماته مع وصول أوّل شقيق أو شقيقة". بعد تحليل تربوي ونفسي، تعود نادين إلى الحديث عن مراحل أخرى متقدمة في حياة البكر، منها على سبيل المثال: مرحلة الدراسة وإن كان فيها بعض المسؤوليات المعنوية. وتقول في هذا السياق: "منذ أن وعيتُ على الدنيا، كنت أسمع أُمّي تدعوني إلى أن أهتم معها بشقيقتيّ الصغيرتين كي لا أغار منهما"، لافتة إلى أنّ "هذه المسؤولية بدأت تنمو عندي وتكبر بالتدريج في كل مراحل عمري حيال إخوتي". وتقول: "في ما بعد، وعندما كبرتُ نسبياً، كنت أعاني خوف والدي عليَّ. ذلك أنّه كان متشدداً معي، في حين كانت والدتي تستوعبني، لأنّ الفارق العمري بيني وبينها لا يتعدى الـ17 سنة". تضيف: "دائماً كنت أتلقى اللوم عن أي خطأ يحصل مع أختي كوني الكبيرة، ويُطلب مني تعليمهما. وهذا من الأمور التي كانت تزعجني جدّاً. وعندما كنت أطالب بالخروج من المنزل كوني الكبيرة، كما يقول والداي، لم أكن أحصل على هذا الحق بسهولة". وتتابع: "كذلك، عندما وصلت إلى الجامعة كنت أطلب التأخر في العودة إلى المنزل، إلا أن والدي كان يخشى من أن تطلب أختي الحق نفسه الذي سمح لي به. وهذا ما كنت أعتبره ظلماً كبيراً". وتقول: "كذلك، إذا أراد والداي الخروج لسهرة ما، كنت أنا المسؤولة عن إخوتي الثلاثة. وكنت أكثر مسؤولية عن أخي كونه الأصغر والصبي". إلا أنها تعود لتشير إلى أنّه "على الرغم من كل ذلك، فإنّه في ظل هذا الضغط، ونظراً إلى كوني البكر، فقد كنت أرتاح إلى والدتي التي كانت صديقتي بالتمام والكمال مثلما هي أُمّي. وهي كانت دائماً إلى جانبي، لأنّها ربّة منزل فقط".
وهل أفرحك أن تكوني البكر؟ تصمت نادين قليلاً، قبل أن تعود لتقول: "الأمر يصبح جميلاً مع التقدم في العمر ومن ثمّ الزواج، حيث يدرك الإنسان أهمية أن يكون البكر". تضيف: "عندما كنت أستعدّ لحفل زفافي، كنت أفكر بفرحة والدي، كوني الفرحة الأولى عند الولادة ثمّ عند الزواج. وقد أقمت فرحاً لأفرحهما وليس لأني أحب العرس. فالكبير هو الذي يقدم للعائلة التجارب والإختبارات جميعها".

كبرت قبل أواني
إسكندر آدم يكبر شقيقته بسنتين، وشقيقه بخمس سنوات. أمّا الفارق بينه وبين آخر العنقود وهو صبي، فيبلغ 11 سنة. هو إذن، الولد البكر للعائلة، وله أخ أصغر منه بكثير يكن له الكثير من الحنان. لكنّه لم يشعر أبداً حياله بالأبوة إنّما الحنان حياله فائض. نسأل إسكندر عما إذا كان للأخ الكبير رهبة في نفس إخوته الأصغر؟ فيقول: "في عائلتنا ليس للرهبة مكان، إنما من المؤكد أنّ للأخ الأكبر دوراً، لعبتُه ومازلت ألعبه. لكني لا أمارس سلطاني على إخوتي، ولا أسعى لمنعهم قسراً عن القيام بأي أمر يريدونه. فنحن جميعاً نحترم بعضنا بعضاً ونتعامل ديموقراطياً". ويضيف: "لست محترَماً من إخوتي لمجرد كوني الأكبر. لكن كأخ كبير في العائلة، لي دور، ربّما يتركز على إستشارة ما، أو إبداء الرأي في موقف ما". يتابع: "ليس الإخوة مَن يطلب الموقف أو الإستشارة من تلقاء أنفسهم، وبحسب خبرتي أنّ الأهل هم من يمهّدون الطريق ليكون للبكر دوره المماثل لدورهم في كثير من الأحيان". وعن أسباب إقدام الأهل على إعطاء إسكندر هذا الدور؟ يجيب: "أعود بالذاكرة إلى حين وُلدت شقيقتي وكانت الثانية في العائلة. هذه المرحلة تتذكرها والدتي وتقول إنّها شعرت كم أنا كبير ولست طفلاً. فلم أشعر بالغيرة من شقيقتي، بل أتذكر تماماً كم غرت من أخي الذي حل ثالثاً في العائلة. غرت صحيح، لكني لا أذكر أني آذيته يوماً، وغيرتي هذه استمرت حتى عمر متقدم، ولم تتبدّد إلا مع تكوّن الوعي عندي".
ويتحدّث إسكندر شارحاً المسؤولية التي أسندها إليه والداه حيال إخوته فيقول: "كان مطلوباً مني الإنتباه على أختي كوني أكبر، وبصفتي ذكراً. وفي مرحلة تالية، بعدما كبرت شقيقتي وكبرتُ أنا وصرت في حاجة إلى الخروج من المنزل، كان مطلوباً مني أن أرافق أخويّ لأنّهما أصغر مني في بعض الأحيان. دائماً كانت أُمّي وأبي يرددان: "خذهما معك لأنّهما لايزالان صغيرين".
وعندما نسأله عن إيجابيات أن يكون بكراً، يردّ مباشرة: "كنت أفضّل ألا أكون البكر. نسأله: وهل تعذبت لكونك البكر؟ يجيب: "لم أتعذب، إنما كبرت قبل أواني. كما أن والديّ من المؤكد أنهما جرّبا بي أساليب التربية كافة لإختبار الأصلح. وليس غريباً أن أقول إنهما سمحا لي بالخروج بحرِّية عندما أصبحت في عمر الـ18 سنة". ويضيف: "لقد عشت ضمن قيود كثيرة لم تكن موجودة في حياة أخوي الصغيرين. واجهت كل اللاءات في حياتي. لكن، مع أخوي الآخرين كان الطريق قد تمهد". ويستطرد إسكندر قائلاً: "ربّما في نهاية المطاف، يتعب الوالدان من التربية، فيستسلمان مع الأولاد الآخرين، بعد أن تكون جميع إختباراتهم قد مرّت على الولد الكبير". نلحّ على إسكندر أن يتذكر إيجابية واحدة كونه البكر؟ فيكرر موقفه قائلاً: "أن يكون المرء بكراً مسألة متعبة. فتوقّعات الأهل من البكر تكون دائماً مبالغاً فيها. هم يتوقعون منه النجاح الدائم". ويتابع: "والدتي تقول بكل فخر إنها أُم إسكندر. لكن، أن يكون المرء بكراً، مسألة تنكّد الحياة. فالمطلوب على الدوام تلبية توقعات الأهل من هذا البكر. إلا أن مَن هم في المراتب التالية من بين الأبناء ينفذون من هذه المطالبات. وفي مراحل لاحقة، يصبح البكر محط إستشارة في كل صغيرة وكبيرة على صعيد العائلة. إنّه دور موجود شئنا أم أبينا، مع العلم أنّ البكر ليس رب العائلة، بل هو فرد كما إخوته الأصغر".

أب رديف
وعما إذا كان أخوته يشعرون حياله بأنّه أب رديف؟ يقول: "هي ليست مطلقاً مشاعر أو مطالب من الإخوة، بل هي دينامية حياة، تفرض نفسها برغبة وتحريض من الأهل. فالأب في مرحلة من حياته يتراجع مدخوله الشهري، وربّما يكون دخل الإبن أكبر من دخل والده. هنا يحاول الإبن سدّ بعض الإحتياجات، من دون أن يتمادى كثيراً في الحلول مكان والده". ويضيف: "لست موافقاً مطلقاً على أن أحل مكان والدي كولد بكر، ولا أجد الفكرة في مكانها. هي تشكل خطراً على الإبن في حد ذاته، وكذلك على الأسرة والإخوة". وعن موقفه في ما لو كانت الأسرة في حاجة ماسة إلى مساعدته كبكر، يقول: "بالطبع لن أرفض. فأنا أساعد حيث يجب، مع الحرص الشديد على عدم شطب دور الأب. فالأب مستمر في دوره وربّما بين لحظة وأخرى أتزوج وأرحل". ويختم إسكندر قائلاً: جميل أن يكون أحدنا بكراً، وأنا أعتزّ بهذه المرتبة. ودائماً أذكّر والدتي بأني حبّها الأوّل من بين أبنائها. فدائماً الصغير يتدلل، لكن للكبير عزّ لم ولن يكون لسواه. وفي النهاية كل طفل في العائلة يأخذ حقه ونصيبه من الإهتمام. لكن الطفل الأوّل هو محطّ نظر وإنتظار. إنتظار تخرّجه في المدرسة ثمّ الجامعة. وبعدها يبدأ السؤال عن موعد خطوبته، وزواجه. حتى وإن قررتُ عدم الزواج، فلن تنفك والدتي تلحّ عليَّ بأن أستقرّ لمجرّد أني البكر".

حسنات وسيِّئات
نسأل ريتا باروتا عما إذا كانت قد تمتعت بكونها البكر ولاتزال؟ فتؤكد: "ثمّة حسنات وسيِّئات للأمر". وتقول: "البنت البكر هي على الدوام ابنة أبيها، وحصة الأب من بين الأولاد". وتضيف: "لسنا في واردٍ التحليل النفسي والولوج في عقدة أوديب. إنما، ونظراً إلى كوني بكراً، كنت المفضلة ولا أزال حتى اللحظة في مرتبة خاصة بنظر والدي". وتشير إلى أنّه "ربّما هذه واحدة من حسنات البنت البكر، حيث يكون التعاطي معها خاصاً جدّاً". وتضيف: "هذه الحسنات تتحوّل دفعة واحدة إلى سيِّئات. فكوني البكر، يتطلب مني أن أكون أفضل الناس. مسؤوليتي أكبر من مسؤولية أي إبن أو بنت في العائلة". وتلفت إلى أنّ "البكر يجب أن يكون الأحسن والأفضل، لأنّ الآخرين لابدّ أن يتمثلوا به، ومن غير المقبول أن يقع في الخطأ. وهذه من السيِّئات التي تشكل عبئاً متعباً". وعما إذا كانت مستمرة مع هذه الأعباء، ليس لأن ما كان مطلوباً قد تَبدّل، بل هو لايزال على حاله. لكني شخصياً تبدّلتُ. وقررت أنّ التوقعات المطلوبة مني يجب أن تختلف. قررت أنّه يستحيل أن أبقى طوال العمر مثالاً أعلى". هل ترافق قرارك هذا مع ثورة على المطلوب من البكر؟ تجيب ريتا: "كل قرار يلزمه حزم. ويمكن وصف الأمر بأنّه بمثابة ثورة إنّما مصغرة". وتختم قائلة: "بصراحة، لم أعد مرتاحة للعيش في ظل توقعات كثيرة مني. أريد أن أعيش بشكل عادي وطبيعي، وأن أقوم بما هو مطلوب مني كما أراه وليس كُرمى لغيري". وفي محاولة منا لمعرفة ما إذا كان الأهل، وبخاصة الوالد، قد عانوا من قرارات ريتا؟ تقول: "لم يكن هناك أسى ومعاناة بقدر ما كان في الجو "نقزة" من هذا المستجدّ على حياتي. الجميع توقفوا عند موقفي بتعجب. ثمّ كان سعيي إلى محاولة فهم ما أقوم به". وتضيف: "شخصياً لم أدر ظهري للآخرين إثر إتّخاذ قراري. إنما سعيت إلى إقناع أهلي ومناقشتهم قدر الإمكان. وكان الخيار أمامهم: إمّا الإقتناع بموقفي أو القبول به. فقد صار واضحاً بالنسبة إليهم أن ما أريده لذاتي، ليس هو الطموحات التي يرغبونها مني كابنة بكر. فأنا أعيش في مفاهيم مختلفة وعصر مختلف. وهكذا نحن على ودّ تام حالياً بعدما كنّا في مرحلة مضت شبه أضداد. نحن حالياً في علاقة صحية جدّاً لا تحمّلني أعباء نفسية كوني البكر". في عمر العشرين، لم تكن ريتا باروتا سعيدة جدّاً بمرتبها البكر على صعيد العائلة. وفضّلت لو تكون الصغرى وليس حتى الوسطى. "فمع الولد الأصغر والأوسط تكون الحياة أكثر سهولة" كما تقول. نسألها عما إذا كان والداها اكتشفا أنهما ارتكبا أخطاء معها الأمر الذي لم يحصل مع إخوتها؟ فتجيب: "كلمة خطأ هي كلمة كبيرة، لا أقولها في حق والديّ. ففي طبيعة الأمور أنّ الأهل يتعلمون في الولد الأوّل. لذلك، تكون بعض الإختبارات عليه أشد قسوة وصعوبة. وكوني الكبيرة، قد أعاني تحطماً في شخصيتي في بعض الأماكن أكثر من إخوتي. لقد كانت تربيتي أشد قسوة. لهذا، أنا لا أرى أخطاءً من والديّ بقدر ما أرى نفسي عنصراً جديداً في حياتهما، ووجدا كل ما يقومان به من أفضل الطرق في التربية".

دلال وإهتمام
سعد الدين السعيدي هو البكر لعائلة مكونة من أربعة أبناء. نسأله عما إذا كان موقعه كإبن بكر قد جعله يتمتع ببعض الإمتيازات؟ فيقول: "ما يتردد هو أن الإبن البكر ينال كل الدلال والإهتمام من العائلة. البكر يكون لعبة الأهل، والعناية بكاملها تتركّز عليه، هكذا يقولون. وأنا شخصياً أدرك أني دُلعت كثيراً. لكن، في وقت لاحق، يصبح لدى الأهل طموح لا حدود له من ابنهم". ويرى سعد الدين أنّ "الطموحات التي يرسمها الأهل مزعجة في عمر معين، لأنّها تشكل ضغطاً على الإنسان". ويضيف: "فعلياً، هذه الطموحات أتعبتني. لكنها في المقابل أسهمت في تنمية شخصيتي بشكل جميل. وأهمّ أثر تركته في مسيرتي يتمثل في أن طموحات والديّ فيّ أسهمت في تحقيق طموحاتي المهنية، ورسخت لي شخصية إجتماعية مميزة وأخلاقاً يترحم حيالها الكبار في السن على والدي". وفي سياق رده على سؤال حول المسؤوليات المادية حيال الأسرة، يجيب: "والدي توفي عام 2000، وكنت حينها في عمر 20 سنة، وكانت عليَّ مسؤولية بل وجدتها فرصة لإكتساب خبرة جيِّدة في حياتي".
نستوضحه عما إذا كان الإخوة يقدرون ما قام به، يجيب: "لستُ في إنتظار التقدير، ولم أقم بما قمت به من أجل التقدير، بل قمت بواجبي. ولا أشك في أن إخوتي لا ينسون وقوفي إلى جانبهم".
وهل تعتقد أن والدتك تفرح بأن تكنّى بـ"أُم سعدالدين"؟ يقول: "أعتقد نعم. كذلك من حقي أن أفرح عندما أسمع الجميع ينادون والدتي بإسمي". سعد يرفض القول إنّه قد تحمل أكثر من طاقته ولاسيما بعد وفاة والده، ويقول: "ما من أحد يحمل أكثر مما في حدود طاقته. لقد قمت بواجبي حيال إخوتي ووالدتي". ويرى أن من الطبيعي أن تلح عليه والدته بالزواج، فهو بلغ الـ30 من العمر، ويكشف أن "إلحاح والدتي يأتي في إطار التذكير بضرورة أن تفرح بي وليس أكثر، مع العلم أن شقيقتي سبقتني".

مساعدة الأهل
أحمد عزاقير، هو البكر لعائلة مؤلفة من خمسة شبان وثلاث فتيات، وهو يقول في هذا السياق: "ليس بيدي أن أكون البكر أو غيره، هكذا شاءت الظروف والقدَر. وهذا كان مصدر فرح لي.
نسأله عن مميّزات نيله هذا اللقب، فيعود إلى عمر الطفولة ليتذكر الدلال الذي كان له لفترة ولو قصيرة سبقت وصول الطفل الثاني". ويضيف: "في كل الحالات، فإنّ الدلال في العائلة المتوسطة والبسيطة محدود. فأحدنا عندما يبدأ يشعر بأهمية الدلال والغنج في عمر الـ13 أو 14 عاماً، يصبح أمام واجب التفكير في مساعدة أهله. فقد كنّا ندرس قبل الظهر في ظل الدوامين المدرسيين ونعمل بعد الظهر.
يتريث أحمد عندما نسأله عما إذا كان إخوته الأصغر يرون فيه أباً ثانياً، ويقول: "ربما تكون مسافة الزمن كبيرة بيني وبين الإخوة الأصغر مني. لكني أتقارب نسبياً في العمر مع مَن هم بعدي مباشرة. وفي كل الأحوال، لستُ أحمل مشاعر أو مواقف أبوّة حيال إخوتي، لكنهم جميعاً تقريباً يحرصون على إستشارتي في بعض شؤونهم".
وهل تحمّله مرتبته في العائلة أعباء معينة؟ يقول أحمد: "بالتأكيد. فعلى سبيل المثال، في المناسبات، يتهرب إخوتي الصغار من تمثيل العائلة، ويتركون هذه المهمة لي على الدوام. وهكذا أتحمل من الواجبات أكثر من أخي الأوسط والصغير". ويتذكر أن ما عاشه من طفولة مختصرة نتيجة العمل المبكر بسبب الحرب الأهلية، "حاولت إبعاده عن أبنائي لأني أردت لهم حياة طبيعية". وهل كانت المساعدة المادية للأهل مطلوبة مباشرة أم كانت بمبادرة ذاتية؟ يجيب أحمد عزاقير: "لم يطلب مني أهلي المساعدة مطلقاً، لكني كنت أدرك وألاحظ أن عائلتنا كانت محدودة الدخل، في ظلّ متطلبات الحياة الكثيرة. فكانت المساعدة بمبادرة مني. وفي رأيي أن كل شاب مستقيم يعمل على مساعدة أهله عندما يحتاجون إليه، سواء أكان كبير العائلة أو وسطها أم صغيرها".

مقالات متعلقة