الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 19 / مايو 05:02

د. جوني منصور- جنازة وحجارة وقلة أخلاق

كل العرب
نُشر: 25/10/10 10:07,  حُتلن: 07:58

د.جوني منصور في مقاله:

 التسيب والانفلات هو نتيجة سياسات حكومات اسرائيل المتعاقبة، وخاصة الحكومة الحالية التي نقشت على رايتها تبني سياسات عنصرية وتمييزية

الألم يعصر قلوبنا جميعًا لرؤية تنامي ظاهرة العنف والقتل على وجه التحديد، إلا أن إهانة حرمات ومظاهر دينية، دلالة على تعمق الظاهرة العنصرية في عمق المجتمع الاسرائيلي

أوجه نداء سريعا إلى كافة قيادات المجتمع العربي في الوطن من شخصيات تربوية واجتماعية وسياسية ودينية للاجتماع وبحث قضية العنف بصورة جدية واتخاذ اجراءات اجتماعية وسلوكية

ها هو مظهر آخر من مظاهر العنف والتردي السلوكي والعنصرية والاستهتار بمشاعر الآخرين يترك بصماته قويًا وعميقًا على المجتمع العربي العكي، وذلك في أعقاب قيام عدد من طلاب الكلية البحرية في المدينة برشق المشيعين لجنازة الشاب المغدور فايز المصري (17 عاما) بالحجارة وإسماعهم كلمات نابية وإطلاقهم ضحكات فيها الكثير من السخرية والاستهتار.
 
الانفلات العنصري
هذا المظهر يُضاف إلى الانفلات العنصري والتسيب الاخلاقي الذي يسود المجتمع الاسرائيلي، وغياب ضوابط اخلاقية واجتماعية تضع حدا لمثل هذه المظاهر المتفشية في هذا المجتمع. ولكن في مراجعة للأحداث، وبالرغم من الكوارث التي تحل على مجتمعنا العربي الفلسطيني في الوطن، فإن هذا التسيب والانفلات هو نتيجة سياسات حكومات اسرائيل المتعاقبة، وخاصة الحكومة الحالية التي نقشت على رايتها تبني سياسات عنصرية وتمييزية ، وتبني اساليب الملاحقات والمضايقات السياسية، وفرض قوانين عنصرية جائرة تخلص منها العالم من زمن طويل. ألا تعتقدون ان هذه الأجواء التي تسود البلاد وتراخي يد الحكومة ومؤسساتها في التعامل مع قضايا العنف الكلامي(اللفظي) والجسدي والجريمة هي من الأسباب المركزية في ظهور مثل هذا السلوك؟

ظاهرة العنف في اوساط العرب
ومن جهة أخرى تتناول الصحافة العبرية ظاهرة العنف في اوساط العرب في اسرائيل بشكل يُظهر هذا المجتمع انه متخلف وتسيره قوانين الغاب، وأنه يمكن التعامل مع هذا المجتمع بقسوة وشدة وعنف واستهتار.  ولكن، من يتفحص الظاهرة مليًّا، يدرك ان المجتمع الاسرائيلي تحكمه تيارات عنصرية يمينية وتغذيه يوميًا بكراهية العرب والتعامل مع "هؤلاء العرب" على انهم جسم شاذ وغريب ويجب اقتلاعه. صحيح ان الألم يعصر قلوبنا جميعًا لرؤية تنامي ظاهرة العنف والقتل على وجه التحديد، إلا أن إهانة حرمات ومظاهر دينية، خاصة جنازات دلالة على تعمق الظاهرة العنصرية في عمق المجتمع الاسرائيلي.

سكان عكا!
أما ما يلفت الانتباه في هذا السياق، أن مدير الكلية البحرية في عكا وفي معرض تصريحه اشار إلى انه سيقوم بفحص الأمر والتحقيق فيه، دون أن يتحمل المسئولية ودون أن يُحمل الطلاب مسئولية ما حدث وما قاموا به. ومن جهة أخرى نتساءل ما هي التربية التي يقومون بها في هذه الكلية؟ كيف يعلمون طلابهم عن سكان البلاد، وخاصة سكان عكا؟ هل تنفذ برامج تربوية في هذه المدرسة وغيرها ذات صلة بتحسين العلاقات بين العرب واليهود في عكا وغيرها؟ أم أن التربية في هذه الكلية وغيرها تتبنى برامج لا تحمل في طياتها رؤى انفتاحية وتسامحية، بل توجهات فوقية وعنصرية؟

ازدياد العنف الموجه نحو العرب
ازدادت مخاوفنا في الآونة الأخيرة من ازدياد العنف الموجه نحو العرب من قبل جهات اسرائيلية ومؤسسات تربوية يهودية في عكا وصفد وطبريا والرملة ويافا، إضافة إلى العنف المستشري في أوساط المجتمع العربي. لهذا، فإن ما جرى في عكا بالأمس ليس أمرًا سهلاً وبسيطًا، ويجب ألا يمر بصورة عابرة. وعلى الأطراف المسئولة والمعنية بالحفاظ على حصانة المجتمع العربي الشروع حالاً ببناء استراتيجية عمل وعلاج ومتابعة، وإنني أوجه نداء سريعا إلى كافة قيادات المجتمع العربي في الوطن من شخصيات تربوية واجتماعية وسياسية ودينية للاجتماع وبحث قضية العنف بصورة جدية واتخاذ اجراءات اجتماعية وسلوكية.

فقدان السيطرة على المجتمع
إننا نفقد وبسرعة كبيرة سيطرتنا على مجتمعنا، وأننا في مرحلة ما لن نتمكن من الحفاظ على الضوابط الاجتماعية والسلوكية التي تميز بها مجتمعنا كمجتمع راق وحضاري. وبالتالي فإن ما يجري يجب ان يواجه من قبل مجتمعنا بصورة مدروسة وعدم ترك علاج الظاهرة للمؤسسات الحكومية. صحيح، ان واجب السلطات والمؤسسات معالجة مثل هذه المظاهر، ولكن لنا دور وبإمكاننا كمجتمع عربي فيه اعداد كبيرة من المثقفين ورجال المجتمع ان نوقف نزيف الدم القاتل. 

مقالات متعلقة