لا شك في أن نتنياهو يعتبر حالة فريدة من نوعها في عالم السياسة والحكم وحتى في السلوكيات، لدرجة يصح تسمية هذه الحالة بأنها "ظاهرة" ليس في لإسرائيل فقط بل وفي العالم أيضا. فكيف يمكن لسياسي البقاء في رئاسة الحكومة وهو متهم بقضايا فساد ورشاوى يستحق لكل والحدة منها السجن في قضاء نزيه يحترم نفسه؟ وكيف يستطيع سياسي مواصلة مهامه كرئيس حكومة في دورات متعددة والتهم تلاحقه من يوم إلى آخر؟ فهل هذه عبقرية سياسي أو غباء ناخب أم الاثنان معاً؟ ولو كانت هذه التهم موجهة لسياسي في دولة أخرى، لكانت اقامته خلف القضبان بوجود قضاء حر، لكن نتنياهو طوّع القضاء وكل المؤسسات لصالحه وأصبح يتصرف كفرعون زمانه.
وفي الوقت الذي صرح فيه المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، في وقت سابق من الشهر الماضي إنه "في إطار المحادثات المتعلقة بالمرحلة الثانية، جرى التأكيد على تمكين هيئة حاكمة في غزة تحت سلطة غزاوية موحّدة، بما يضمن حماية المدنيين والحفاظ على النظام العام" يحاول "الفرعون" نتنياهو المماطلة ويختلق الأسباب والحجج لوضع العراقيل أمام تنفيذ الاتفاق.
صحيفة هآرتس ذكرت استنادا لمصادر إسرائيلية أن التوجه الإسرائيلي للمرحلة المقبلة يعتمد بشكل أساسي على موقف إدارة ترامب من كيفية الربط بين انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي ونزع سلاح حركة حماس. ما قالته الصحيفة يؤكده وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي قال خلال مراسم بناء 1200 وحدة سكنية في مستوطنة بيت إيل: "لن ننسحب أبدا من كل قطاع غزة وسنقيم بؤرا استيطانية في شمال قطاع غزة في الوقت المناسب وبالتوقيت الملائم،"
شخصيات مهمة في الإدارة الأمريكية (باستثناء ترامب) وحسب كل المؤشرات لم يعد لها ثقة بنتنياهو. القناة 12 العبرية قاللت "أن نتنياهو قد خسر جميع هذه الشخصيات، والشخص الوحيد المتبقي لديه هو ترامب، الذي يريد أيضا أن يرى صفقة غزة تتحرك بشكل أسرع مما هي عليه الآن".
ويبدو واضحا ان كل مبعوث أمريكي لا تتماشى مواقفه مع موقف نتنياهو فهو مشكوك في أمره، وأن أمريكيته لا تشفع له. القناة العبرية نفسها قالت إن "نتنياهو يشكك في أفكار ويتكوف وكوشنر، وخاصة بما يتعلق بنزع سلاح حماس، وأن نتنياهو يسعى إلى إقناع ترامب بتبني موقفه".
غزة الآن بين جحيم القصف الإسرائيلي وبين جرف الأمطار. هذه الحالة وصفها محلل سياسي بقوله: "هنا تتعرَّى الكارثة في صورتها الأكثر قسوة، حيثُ يتداخل الطبيعي مع السياسي، ويتحول المطر والبرد إلى امتداد غير مباشر لسياسات التجويع والتدمير؛ فوفاة الرضَّع بسبب البرد ليست قدرًا، هي نتيجة سلسلة قرارات واضحة."
وما جام الشيء بالشيء يذكر أرفع صوتي الى جانب صوت الزميل المحلل السياسي حامد إغبارية الذي قال في مقال له: "هؤلاء الحمقى، الذين لا يعرفون غزة ولا أهلها، ولا يعرفون الفلسطيني حق المعرفة، ولا يعرفون المسلم المتمسك بأرضه تمسكَه بعقيدته، إن غزة لا تشبه غيرَها، ولا يشبهها غيرُها، لأنها نموذج خاص من طينة خاصة لم تتمكن “العلوم التكنولوجية الغربية” من فك شيفرتها، ولا أظنها تتمكن يوما ما." على كل حال، السؤال المطروح الآن: عمّا إذا كان ترامب سيقف إلى جانب نتنياهو أو إلى جانب مستشاريه الكبار بكل ما يتعلق بغزة."
بقي علينا القول: نتمنى للجميع سنة جديدة خالية من الحروب والنزاعات ولأهل غزة التخلص من الاحتلال والعودة الى حياة كريمة. لنرفع أيادينا طالبين من المولى عز وجل الاستجابة لدعائنا.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com
تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency