زيارة على حافة الانفجار: نتنياهو في ميامي بين ضغوط ترامب وحسابات البقاء السياسي/ بقلم: خالد خليفة
في ظل احتداما لواقع جيو سياسي داخلي واقليمي واسع النطاق، تأتي الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة، والتي من المقرر أن تبدأ يوم الإثنين المقبل، في التاسع والعشرين من ديسمبر2025في مدينة مارالاجو في ولاية فلوريدا حيث يقيم دونالد ترامب لقضاء عطلة نهاية العام. وتعتبر هذه الزيارة الخامسة التي يقوم بها نتانياهو الى الولايات المتحدة منذ تولي ترامب السلطة في البيت الأبيض حيث تُعدّ واحدة من أكثر الزيارات حساسية منذ اندلاع الحرب على غزة، لما تحمله من ملفات ثقيلة، وتناقضات واضحة بين أجندة الحكومة الإسرائيلية وأولويات الإدارة الأمريكية.
من المنتظر أن يلتقي نتنياهو بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وسط أجواء توصف بالحذرة والمترقبة. فالإدارة الأمريكية، بحسب التقديرات، تسعى إلى تحقيق اختراق سياسي ملموس قبل نهاية العام، ويتمثل هذا في دفع إسرائيل نحو الموافقة والتحرك باتجاه تنفيذ مقترحات المرحلة الثانية التي أعلن عنها من قبل واشنطن في أكتوبر الماضي، والتي تشمل ترتيبات ما بعد الحرب في غزة، إضافة إلى تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، وتفاهمات أمنية مع سوريا، إلى جانب إدارة الصراع مع إيران ضمن سقف محسوب يمنع الانفجار الإقليمي الشامل.
في المقابل، تبدو أجندة الحكومة الإسرائيلية مختلفة إلى حدّ كبير. فبينما يعمل البيت الأبيض على تعميق دوره الإقليمي، وتوسيع شبكة علاقاته مع دول المنطقة مثل مصر تركيا قطر السعودية ودول اخرى، تركز حكومة نتنياهو على أولويات داخلية ضاغطة. هذه الأولويات تشمل حسابات البقاء السياسي لنتانياهو في السلطة، وإعادة انتخاب الليكود في أكتوبر المقبل، والتهديد المتزايد داخليا في اسرائيل بإقامة لجنة تحقيق رسمية حول إخفاقات السابع من أكتوبر، إضافة إلى أزمة قانون تجنيد المتدينين، وفضيحة “قطر جيت” التي تلقي بظلالها الثقيلة على مكتب رئيس الحكومة وطاقمه المتهم بتقاضي الرواتب من دولة قطر قبل الحرب وبعدها.
اما على الصعيد العسكري، ورغم مرور أكثر من عامين على اندلاع الحرب، ما زالت إسرائيل تسيطر عسكريًا على نحو 50% من قطاع غزة، مع انتشار أكثر من 250 ألف جندي اسرائيلي في الجنوب، ونحو 150 ألفًا في الشمال على الجبهة اللبنانية. ومع ذلك، تبدو القيادة الإسرائيلية عاجزة عن تقديم رؤية واضحة لنهاية الحرب أو تداعيات استمرارها كما وعد نتانياهو الإسرائيليين بانه سيحقق النصر المطلق والمبين على حماس في غزة، في ظل تحذيرات متزايدة من أن تتحول غزة إلى “وحل استراتيجي” تستنزف إسرائيل سياسيًا وعسكريًا بحرب استنزاف طويلة الامد، الامر الذي يعمّق عزلتها الدولية.
وفي هذا الإطار يتجلى التناقض مع واشنطن بشكل أوضح، ففي الوقت الذي تطالب فيه الإدارة الأمريكية بالانتقال إلى المرحلة الثانية، والتي تشمل إعادة الإعمار، وترتيبات أمنية جديدة بمشاركة قوة دولية قد تضم مصر تركيا قطر ودولًا أخرى، خرج وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بتصريحات مثيرة للجدل حول نية إرسال “نواة استيطانية” إلى شمال قطاع غزة. هذه التصريحات تُفسَّر في واشنطن على أنها رسالة واضحة بعدم استعداد إسرائيل للانتقال إلى مرحلة سياسية الثانية في غزة، وبقائها متمسكة بخيار السيطرة الميدانية طويلة الأمد.
كما أن تهديدات نتنياهو المتكررة تجاه إيران، وإشاراته إلى إمكانية توسيع دائرة المواجهة لتشمل لبنان وربما أبعد من ذلك، تتعارض مع الرغبة الأمريكية في جني “ثمار التحالفات” مع الدول العربية، وتجنب أي تصعيد قد ينسف جهود التهدئة الإقليمية التي تعمل عليها واشنطن منذ أشهر.
وفي هذا السياق، تطرح زيارة نتنياهو إلى واشنطن أكثر من علامة استفهام وهي هل سيتمكن الرئيس الأمريكي من ممارسة ضغط حقيقي يدفع إسرائيل نحو الالتزام بالمرحلة الثانية، والدخول في مسار إعادة البناء؟ أم أن نتنياهو سينجح مرة أخرى في كسب الوقت، وإبقاء الوضع على ما هو عليه، بانتظار تغيرات داخلية أو إقليمية تخدم حساباته السياسية؟
الإجابة عن هذه الأسئلة قد تتضح خلال أقل من أسبوع، مع نهاية العام وبداية عام 2026، الذي يبدو مرشحًا ليكون عامًا حاسمًا في مسار الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني، إما باتجاه تسوية مرحلية مدعومة دوليًا، أو نحو انفجار إقليمي جديد مع غزة لبنان وإيران يصعب التنبؤ بنتائجه وكل ذلك بهدف بقاء نتنياهو.
تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency