المجتمع العربي في البلاد بين تفشي الجريمة وسياست الإقصاء الحكومي 

خالد خليفه
نُشر: 21/12/25 11:37

المجتمع العربي في البلاد بين تفشي الجريمة وسياست الإقصاء الحكومي 
بقلم :خالد خليفه

يعيش المجتمع العربي في البلاد واحدة من أصعب مراحله التاريخية، في ظل تفشي غير مسبوق للجريمة والعنف، وتراجع خطير في دور الدولة وسيادتها ومؤسساتها 
بحيث انهو من المفترض أن تحمي المواطنين جميعًا دون تمييز.ان هذه الأزمة ليست وليدة الصدفة، بل نتيجة مباشرة لسياسات حكومية واعية، تعكس توجّهًا واضحًا في التعامل مع المجتمع العربي كعبء أمني لا كمجموعة مواطنين لهم حقوق متساوية.
ويعتبر أحد أخطر القرارات التي اتخذتها الحكومة الحالية تتمثّل في نقل أكثر من 250 مليون شيكل من الميزانيات المخصّصة لخطط اجتماعية واقتصادية تهدف إلى تقليص الفجوات بين المجتمعين العربي واليهودي، ولا سيما تلك المرتبطة بالقرارين 550 و549، إلى وزارة الأمن القومي وجهاز الشاباك، تحت ذريعة “مكافحة الجريمة”. هذا القرار لا يمكن فهمه إلا كاعتراف صريح بفشل الشرطة الإسرائيلية في أداء واجبها داخل البلدات العربية، وتحويل قضية مدنية-اجتماعية للوسط العربي إلى ملف أمني بحت.
وتعتبر الأرقام وحدها كفيلة بكشف حجم الكارثة. فقد قُتل خلال عام واحد أكثر من 248 مواطن عربي في جرائم قتل
 اكثر من 240 قتلو في العام الماضي2024  ليصل العدد في العامين الماضين الى اكثر من 550 من مواطني هذه البلاد ، بينما لم يتجاوز عدد القتلى في المجتمع اليهودي عشرات قليلة. ان هذا التفاوت الفاضح لا يعكس فقط اختلافًا في مستوى العنف، بل اختلافًا في مستوى تعامل الدولة مع الدم العربي مقارنة بالدم اليهودي. فعندما تقع جريمة في المجتمع اليهودي، تُسخّر كل الأجهزة والإمكانيات لكشفها، بينما تبقى معظم جرائم القتل في المجتمع العربي مجهولة الفاعل، وكأنها أحداث هامشية لا تستحق المتابعة الجدية انظر الى تغطيه الاعلام العبري للجرائم في الوسط العربي وكيف تمر هذه التغطيه مر الكرام مقارنه بما يحدث من تغطيه قويه للمجتمع اليهودي .
وفي المقابل، خصّصت الحكومة أكثر من 33 مليار شيكل لإعادة إعمار غلاف غزة والشمال البلاد، في محاولة لإعادة السكان اليهود إلى تلك المناطق، دون أن يُصرف ولو شيكل واحد لدعم البلدات العربيه في هذه المناطق  التي تعاني من انهيار البنية التحتية، وغياب الأطر الشبابية، وانعدام فرص العمل والسكن. هذه المفارقة تكشف بوضوح أن المشكلة ليست في نقص الموارد، بل في غياب الإرادة السياسية لتخصيصها للمجتمع العربي.
والأخطر من ذلك أن سحب الميزانيات الاجتماعية وتحويلها إلى الأجهزة الأمنية لا يؤدي إلى تقليص الجريمة، بل يفاقمها. فالجريمة لا تُحارب فقط بالسلاح والاعتقالات، بل بالاستثمار في التعليم، والثقافة، والرفاه الاجتماعي، وتوفير أفق اقتصادي للشباب. وعندما تُجفّف هذه الموارد، يُترك الشباب فريسة سهلة لعصابات الإجرام، في بيئة يغيب عنها القانون وتحضر فيها الفوضى.
وفي ظل هذا الواقع، تبدو الحكومة وكأنها تدفع المجتمع العربي دفعًا نحو الهجرة، سواء بشكل مباشر عبر سياسات الإهمال والتمييز، أو بشكل غير مباشر عبر خلق بيئة طاردة للحياة الآمنة والكريمة. وفي الوقت الذي تبحث فيه وزارة الأمن القومي عن مصادر تمويل إضافية، لا يُسمح للمجتمع العربي ببناء أدواته الاقتصادية أو بالانفتاح على مصادر دعم خارجية من أوروبا أو العالم الحر، كما تفعل الدولة نفسها حين يخدم ذلك مصالحها.
أما على الصعيد السياسي، فإن الانشغال المستمر للأحزاب العربية بصراعات داخلية حول القوائم المشتركة أو المنفصلة، يأتي على حساب بناء استراتيجية جماعية لمواجهة هذا الانحدار الخطير. فغياب الضغط السياسي المنظّم عليها  يتيح للحكومة الاستمرار في سياساتها دون ثمن.
إن ما يحدث اليوم في المجتمع العربي ليس أزمة أمنية فحسب، بل أزمة مواطنة وحقوق. استمرار هذه السياسات يعني مزيدًا من الدم، ومزيدًا من التهميش، ومزيدًا من فقدان الثقة بالدولة. والحل يبدأ بالاعتراف بأن الأمن الحقيقي لا يُبنى على حساب التنمية، وأن العدالة لا تتجزأ، وأن المجتمع العربي يستحق الحياة بكرامة وأمان، لا كملف أمني يُدار من خلف الجدران.

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة