الجليل إن حكى

زهير دعيم
نُشر: 15/12/25 17:14

الجليل بجباله الهائمة ليس هو مجرّد بقعة على خارطة ، بل
هو قلب نابض في جسد الوطن ، وهو الحرف الأول في
قصة الانتماء.... إن حكى الجليل نطق بالحقيقة ، ودوّى
صوته في فضاءات التاريخ ، كأنه الراوي الأصيل لِما لم
يُكتب ، وما طوته الرّياح بين الأغصان والعروش.
في الجليل يا صديقي كل حجر له اسم ، وكل شجرة تعرف
من غرسها ، وكل درب مشتهى لأقدام الأنبياء والعاشقين .
بل هو الأرض التي مشت عليها مريم العذراء فغمرته
بالطّهر والقداسة ، وباركها السيّد المسيح فزنّرها بعجائبه
ولوّنها بقداسته .
الجليل إن حكى .... سيحكي عن الينابيع التي لم تيأس ، وعن
البيوت التي رغم الزّمن ما زالت تفتح نوافذها كل صباح ،
لتضحك في وجه الشمس . هناك البلدات تحفظ أسماءها كأنها
تراتيل ، وتُردّدها الأمهات للأطفال قبل النوم : سخنين ،
عبلين ، شفاعمرو ، طمرة ، كفر كنا ، المغار، ترشيحا،
معليا ، وبيت جن... و....

في الجليل ، الكلمة سلاح ، والقصيدة سارية علم ، والمدرسة
حصن منيع .
هناك وعلى سفوحه يُكتب الشعر من وهجِ الشّمس، وتُلقى
القصائدُ من فوق صخورِ الحقيقة ، ويصنعُ الإنسانُ كرامتَه
من عرقِه ودمِه وكبريائِه .
وإن صدف وسألته عن المحبّة قال بالفم الملآن : المحبة
هنا ليست خَيارًا بل هو الهواء الذي نستنشقه .
وإن سألته عن الخوف أجاب ضاحكًا : نحن نزرع الشجاعة
في الحقول، ونعلّمها للأولاد مع الحروف الأبجدية .
الجليل إن حكى ، بكى البحرُ من دفء صوته ، وخجلت
الجبال من عنفوانه ، وسكنت الطيور على الأشجار تسمع من
فمه نشيد البقاء ، ورفعت الزّنابق رأسها شممًا وهي تُردّد :
من هنا مرّ يسوع ..
نعم جليلنا هو الجذر الذي لا يموت ، وهو التراب الذي لا
يُباع ، والذاكرة التي لا تنام .

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة