صَكُّ التَّمَرُّدِ على سُلْطةِ القَبيلَة

أَنا،
لَسْتُ ابنَ البِيئَةِ…
أَنا خَطَؤُها الفادِحُ،
الَّذي أَضاعَتْهُ يَدُ الجُغْرافيا
في زَحْمَةِ الطّاعَةِ.

المَكانُ؟
حُفْرَةٌ كُتِبَتْ فَوْقَها الأُسْطُورَةُ.
وَكُلَّما حاوَلْتُ الصُّعودَ،
مَدَّ الماضي ظِلَّهُ،
كَحَبْلِ مَشْنَقَةٍ يَتَدَلّى.

أَنا،
أَكْتُبُ كَيْ أَهْرُبَ.
أَكْتُبُ كَيْ أَفْضَحَ الهَواءَ.
أَكْتُبُ كَيْ لا تَتَحَوَّلَ لُغَتي
إِلى عَبْدٍ يَحْمِلُ خَتْمَ القَبيلَةِ.

لا أُريدُ ذاكِرَةً
تَتْلُو عَلَيَّ وَصاياها.
لا أُريدُ تارِيخًا
يَقيسُ قامَتي
بِمِقْياسِ مَوْتاها.
لا أُريدُ مُجْتَمَعًا
يُريدُني فَرْعًا إِضافِيًّا
عَلى شَجَرَةٍ ماتَتْ جُذورُها.

أَنا،
ابْنُ الشَّرْخِ،
ابْنُ الشَّقِّ الَّذي يَتَنَفَّسُ،
ابْنُ الصَّرْخَةِ
قَبْلَ أَنْ تَتَعَلَّمَ الحَرْفَ.

بِيئَتي؟
تَقولُ لي: "كُنْ."
وَأَقولُ لَها: "لَنْ أَكونَ."
تَطْلُبُ مِنِّي أَنْ أُرَتِّبَ قَلْبي
وِفْقَ نِظامِ القَبيلَةِ،
وَأَطْلُبُ مِنْها
أَنْ تَخْرُجَ مِنْ رأْسي،
كَفِكْرَةٍ سَيِّئَةٍ تَتَفَتَّتُ.

كُلُّ ما وَرِثْتُهُ
خَرَجَ مِنْ يَدي
كَغُبارٍ يَتَبَخَّرُ.
وَكُلُّ ما اخْتَرَعْتُهُ
صارَ وَجْهي الحَقيقِيَّ.

أَنا،
أُعيدُ نَحْتَ العالَمِ
كَمَا أُريدُهُ:
شَظايا،
أَسْئِلَةً،
مَجازاتٍ تَهْرُبُ مِنْ مَعْناها،
وَذاكِرَةً تَمْشي
بِلا جِنْسِيَّةٍ.

لا وُجودَ لِبِيئَةٍ…
يُوجَدُ قَيْدٌ.
وَلا وُجودَ لِتارِيخٍ…
يُوجَدُ جِدارٌ يَنْهارُ،
إِذا نَظَرْتَ إِلَيْهِ طَويلًا.

أَكْتُبُ،
لِأَنَّ الكِتابَةَ وَحْدَها
تَقْتُلُ السُّلْطَةَ،
وَتَمْنَحُني اسمًا
لا يَرِثُهُ أَحَدٌ.
أَكْتُبُ
لِأُعيدَ اخْتِراعَ الهَواءِ،
لِأَصْنَعَ مِنَ الصَّمْتِ
وَطَنًا لا يَخونُني.

أَنا،
السَّطْرُ الخارِجُ عَنِ القانُونِ.
اللُّغَةُ الَّتي لَمْ تُرَبَّ جيِّدًا.
الصَّوْتُ الَّذي لا يَطْلُبُ إِذْنًا
لِيَتَنَفَّسَ.

وَسَأَبْقى…
أُعيدُ خَلْقَ نَفْسي
ضِدَّ كُلِّ ما أَنْجَبَهُ العالَمُ،
وَضِدَّ كُلِّ ما يُريدُ العالَمُ
أَنْ يُعيدَ إِنْتاجي بِهِ.