تتراكم الأزمات في منطقتنا عامًا بعد عام، حتى أصبحت الحروب المتكرّرة جزءًا ثابتًا من الواقع، تلقي بظلالها على كل تفاصيل الحياة اليومية. ومع كل جولة تصعيد أو توتّر أمني، تتقلّص فرص الاستقرار، وتتزايد الضغوط على المواطن البسيط الذي يعيش بين القلق المستمر والخوف من مستقبل غير واضح. وفي هذا السياق، يظهر المواطن العربي في الداخل بوصفه الفئة الأكثر هشاشة، نتيجة ظروف تاريخية ممتدة منذ عام 1948 وحتى اليوم.
لقد تركت الحروب بصمتها الثقيلة على الاقتصاد، فارتفعت الأسعار بشكل غير مسبوق، وتراجعت القدرة الشرائية بشكل لافت. الطبقات الفقيرة تجد نفسها اليوم أمام واقع معيشي يزداد صعوبة: تكاليف الغذاء والسكن والمواصلات والكهرباء ترتفع باستمرار، بينما تبقى الأجور ثابتة وغير قادرة على مواكبة هذا التغيير. ومع اتساع الهوّة بين الدخل والاحتياجات، يصبح عبء الحياة اليومية معركة عقيمة يخوضها المواطن بلا أدوات حقيقية للصمود.
وتزداد الأزمة تعقيدًا مع ارتفاع الضرائب، وعلى رأسها ضريبة الأرنونا التي ترتفع سنويًا، دون أن يقابلها تحسّن ملموس في الخدمات، خصوصًا في البلدات العربية التي تعاني أصلًا من نقص في الميزانيات وغياب المناطق الصناعية وتدنّي موارد المجالس المحلية. هذا الارتفاع يشكل عبئًا ثقيلًا على آلاف الأسر، لأنه لا يراعي مستوى الدخل ولا طبيعة الوضع الاقتصادي الهش في هذه البلدات.
ولا تقف الأزمة عند الفقراء، بل تمتد إلى الطبقة المتوسطة التي كانت تاريخيًا عماد الاستقرار الاجتماعي. فهذه الطبقة تواجه اليوم غلاءً مستمرًا، وارتفاعًا في الالتزامات اليومية، بالإضافة إلى تحوّل التكنولوجيا المعاصرة إلى مصروف ثابت داخل كل بيت. فالتعليم بات يعتمد على الأجهزة الذكية، والخدمات الحكومية تتم عبر التطبيقات، والعمل يتطلب أدوات رقمية، ما يجعل اقتناء التكنولوجيا ضرورة لا خيارًا. هذه التحولات تُثقل كاهل الأسر وتدفعها نحو تكاليف جديدة، رغم محدودية مصادر الدخل.
وتنعكس الحروب على مجمل الحركة الاقتصادية: تتوقف المصالح التجارية خلال فترات التصعيد، وتزداد حالات البطالة، وتتراجع القوة الشرائية. أما المصالح الصغيرة والمتوسطة، وهي الأكثر انتشارًا في المجتمع العربي، فتجد نفسها أمام تحديات مضاعفة، إذ تتأثر مباشرة بالإغلاقات والتوتر وانخفاض الطلب. كل ذلك يخلق دائرة اقتصادية مشدودة تُعيد إنتاج نفسها مع كل جولة عنف أو اضطراب.
ويجد المواطن العربي نفسه محاصرًا بين جملة من المشكلات المتداخلة: تمييز في الميزانيات، غياب فرص العمل النوعية، ارتفاع كلفة السكن، وغياب التخطيط العمراني الذي يتيح توسّع الأحياء والمناطق الصناعية. ومع تزايد مستويات الجريمة وانعدام الأمن المجتمعي، تصبح الحياة اليومية معركة تستنزف الطاقة والموارد وتخلق شعورًا عامًا باللاجدوى والضغط النفسي.
التكنولوجيا الحديثة التي دخلت البيوت من أوسع أبوابها، بدل أن تكون أداة للتسهيل، أصبحت عبئًا جديدًا. فالمتابعة الدراسية للأبناء تحتاج أجهزة حديثة واتصالًا سريعًا، والوظائف تتطلب مهارات رقمية، والخدمات الحكومية تُلزم المواطن باستخدام التطبيقات والمنصّات الإلكترونية. كل ذلك يضيف طبقة جديدة من الأعباء المالية والمعنوية على العائلات، خصوصًا في مجتمع يعاني أساسًا من فجوة رقمية ونقص في البنى التحتية.
وفي ظل هذا المشهد المركّب، تتزايد الفجوات بين الفئات الاجتماعية، وتتراجع قدرة العائلات على الاستمرار في مستويات المعيشة السابقة. فالأزمة لم تعد مجرّد ارتفاع أسعار، بل أصبحت أزمة بنيوية شاملة تمسّ الأمن الاقتصادي والاجتماعي والنفسي على حد سواء.
إذا رغبت، أقدّم نسخة بصياغة أكثر صحفية، أو أكثر أدبية، أو أضيف عناوين فرعية داخلية.
بعدما قرأت وكتبت وأستنتجت وحللت كان لي ذلك من مقال يصف حالنا.. اللهم أني بلغت ،وأن كنت مخطئا صححوني..!
تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency