نهب الميزانيات: مؤامرة ماي جولان وبن جفير ضد المجتمع العربي

محمد دراوشة
نُشر: 04/12/25 14:46

اليوم تعقد الحكومة جلسة حاسمة يُطرح خلالها ملف القرار 550 المتعلق بالخطة الخماسية لتقليص الفجوات في المجتمع العربي. لكن بدل أن تكون هذه الجلسة فرصة لتعزيز العدالة الاجتماعية، تتحول إلى مؤامرة لنهب ثلاثة مليارات شيكل من الميزانيات المخصصة لإنقاذ المجتمع العربي من أزماته المتراكمة. هذه الأموال التي كان يفترض أن تُستثمر في التعليم، الرفاه الاجتماعي، ودمج النساء والشباب في سوق العمل، تُسحب الآن لتغذية خزائن أمنية متخمة أصلًا بالموارد. إنها ليست مجرد أرقام في دفاتر الميزانية، بل هي سرقة مستقبل مجتمع بأكمله، وتهديد مباشر لحقه في التطور والعيش الكريم. هذه المبادرة المشؤومة يقودها كل من ماي جولان وإيتمار بن جفير، في مشهد يجسد أبشع صور العنصرية والفساد السياسي.

ماي جولان، وزيرة المساواة الاجتماعية، هي المفارقة الأكثر إيلامًا في هذه القضية. من يفترض أن تكون حامية لحقوق المساواة، تتحول إلى شريكة في جريمة سياسية واقتصادية ضد المجتمع العربي. جولان معروفة بخطابها العنصري، إذ وصفت نفسها سابقًا بأنها "عنصرية فخورة"، كما أنها متورطة في قضايا فساد ورشاوى وخيانة أمانة، حيث صادقت المستشارة القضائية للحكومة على فتح تحقيق جنائي ضدها. وجودها في موقع المسؤولية عن المساواة الاجتماعية ليس إلا غطاءً لسياسات تمييزية تهدف إلى إضعاف العرب وتجريدهم من أدوات النهوض. إن الوزيرة التي يفترض أن تدافع عن حقوق الفئات المهمشة، اختارت أن تكون أداة لتكريس التهميش، وأن تضع توقيعها على قرار يسرق لقمة الفقراء ويغلق أبواب المستقبل أمام الشباب.

أما إيتمار بن جفير، وزير الأمن القومي، فلا يخفي عداءه للعرب، بل يفاخر به. بدأ مسيرته السياسية في حزب "كاخ" الكاهاني المحظور، واحتفظ بصورة باروخ غولدشتاين منفذ مجزرة الحرم الإبراهيمي في منزله وصرّح أنه "بطله". حتى الجيش الإسرائيلي رفض تجنيده بسبب سجله الجنائي. اليوم، وهو وزير الأمن القومي، يواصل نهجه العنصري عبر مد يده إلى أموال الفقراء بدل أن يكتفي بميزانيات وزارته المكدسة. بن جفير يمثل الوجه الأكثر وضوحًا للعنصرية المؤسسية، ويستغل منصبه لتأجيج المواجهات وتكريس سياسات قمعية ضد المجتمع العربي، وكأن وجوده في الحكومة ليس إلا أداة لتجويع العرب وإبقائهم في دائرة الفقر والحرمان.

إن التداعيات الكارثية لنهب هذه الميزانيات لا تقتصر على أرقام تُسحب من هنا أو تُحوّل إلى هناك، بل هي انعكاس مباشر على حياة الناس اليومية ومستقبل المجتمع بأسره. فالعائلات المستورة التي تعتمد على أقسام الرفاه الاجتماعي ستُترك بلا دعم، لتتفاقم أزماتها وتزداد معاناتها في مواجهة ضائقات اقتصادية خانقة. والطلاب العرب الذين كانوا يستفيدون من برامج تعليمية وتربوية أساسية سيفقدون هذه الفرص، ما يعني أن أبواب الجامعات ستُغلق أمام الكثيرين منهم، وأن الطريق نحو الحصول على شهادات ومهن تفتح لهم أبواب المستقبل سيصبح أكثر وعورة. أما النساء والشباب، الذين كانوا على أمل الاندماج في سوق العمل عبر مشاريع مخصصة لدعمهم، فسيفقدون هذه المشاريع، لتزداد البطالة والفقر، وليتعمق الشعور بالتهميش والإقصاء. والبلديات العربية، التي كانت تعتمد على وظائف حيوية للحفاظ على التماسك المجتمعي وتقديم الخدمات الأساسية، ستخسر هذه الوظائف، ما سيُضعف قدرتها على خدمة مواطنيها ويهدد البنية الاجتماعية التي تحفظ الحد الأدنى من الاستقرار. إن ما يُرتكب هنا ليس مجرد تحويل ميزانيات، بل هو عملية منهجية لتفكيك المجتمع العربي وتجريده من أدوات الصمود، وهو ما يجعل هذا النهب جريمة سياسية واجتماعية بكل المقاييس.

هذا النهب ليس مجرد خلاف على أرقام في الميزانية، بل هو انعكاس لسياسة عنصرية ممنهجة يقودها جولان وبن جفير، هدفها تجويع العرب وإبقاؤهم في دائرة الفقر والتهميش. تحويل الأموال من مسارها الطبيعي إلى مسار أمني هو إعلان صريح بأن أولويات الحكومة ليست سد الفجوات الاجتماعية، بل تكريسها، وأن المواطن العربي يُعامل كعبء أمني لا كشريك في بناء مستقبل الدولة.

بئس العنصرية التي تتخفى وراء شعارات المساواة، وبئس السياسات التي تسرق لقمة الفقراء لتغذي خزائن الأمن. المجتمع العربي لن يقبل أن يُعامل كمخزن يُنهب عند الحاجة، ولن يسكت أمام هذه المؤامرة. هذه لحظة احتجاج وغضب ومواجهة مع عقلية استعمارية داخلية تريد أن تُبقي العرب في قاع السلم الاجتماعي. إن ما يحدث اليوم ليس مجرد قرار مالي، بل هو إعلان حرب على العدالة الاجتماعية، وعلى حق العرب في حياة كريمة ومستقبل أفضل.

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة