كانتِ الطـّفلةُ بـُدور تعيشُ بسعادةٍ في ظِلِّ والِدَيْها تـَشعُرُ بالمحبةِ والحنان والعطفِ . سعيدةً مُطـْمَئِنـَّة لا ينقـُصُها شَيءٌ . إِلى أن جاءَ يومٌ ونـَشبَ الخلافُ بينَ الوالدين , أدّى إِلى تعكيرِ الجَوِّ
وسوءِ التـّفاهُمِ , مِمـّا أَوْصَلَ بِهـِما إِلى الطـَّلاق . ومِن هُنا بدأَ مِشوارُ حياةِ بُدور يَسوءُ . فقـَد
فقدَتِ الحنانَ والعطفَ الذي رَضَعَتـْهُ من صَدرِ أُمـِّها . وازدادَ الحالُ سوءاً عندما تزوَّجَ والدُها مِن
امرأةٍ أُخرى , التي أَنجبَتْ لهُ فيما بعد بنتاً أَسْمَتـْها حُسُن . وَبَدأت بُدور تشعُرُ بالحُزنِ والأسَى
والكراهيةَ من خالتِها التي كانت تـُمَيـِّزُ إِبنتـَها عنها عن طريقِ معاملتِها السَّيِّئه , حَتـّى لم تعُد
قادِرةً على الاحتمال . فدَخلتْ غُرفتـَها وجَلـَستْ على الأرض تـَبكي وتـَذرِفُ الدّموعَ, وتـَلومُ
أَباها وأُمَّها وهي تقول :لماذا يا أبي طَلـَّقـْتَ أُمي وتركتـَني وحيدة حزينة !؟ أَلـَم تعرِف أَنكَ
ظلمتـَني وَظـَلـَمْتَ أمي!؟ وأصبحَتْ حياتي جَحيماً . وأنتِ يا أُمِّي لماذا أَنجَبتيني وتركتيني
لِوحدي! أنا بحاجةٍ إِليكِ. أنتِ الحنانُ والعطفُ والدِّفءُ, أنتِ الحِضـْنُ الذي أنامُ فيهِ, وأنتِ الصـّدرُ
الـّذي أَحني رأسي عليهِ . لقد فقـَدْتُ البَسْمةَ والفرحةَ , وأعيشُ في الذُّلِّ والعَذابِ والقَهرِ .
يا ربي أعطيني حَلاً لمشكلتي. لن أَسْتـَطيعَ التـَّحَمُّلَِ بَعْد . لا أقدِرُ أنْ اعيشَ مع خالتي التي تـُحِبُّ
ابنَتها أكثرَ مِنـّي , وتحرمُني من كـُلِّ شَيءٍ . ثـُمَّ تِّقومُ فَتـُنادي عليها خالتـُها لِتتغَذّى . وبعد أن
تناولتِ الخالةُ وابنتـُها حُسُن وبُدور طعامَ الغذاءِ , قالت الخالة لِبُدور : امسحي الطاولةَ وكـَنـِّسي
الأرضَ , وكانَ كلامُها بشكل أوامِر . وقالت لابنتها حُسُن : خُذي يـَمّا يا حُسُن لـُعبتـَكِ والعبي
فيها , بينما بُدور تنظرُ إليها والدُّموعُ في عَينـَيْها . ثمَّ أَخرَجَت الخالةُ من الكيسِ فـُستانًا وقالت
لأبنتها : تعالـَي يا قلبي , إِلـْبَسي هذا الفستانَ الجديدَ حتى أرى مقياسَهُ عليكِ , وقد اشتـَريتـُهُ لكِ
هديةً لعيدِ ميلادِكِ الذي سَيُصادِفُ غدًا . والطفلةُ بُدورُ تنظرُ بحُزنٍ وتزدادُ حَسْرَةً وحُزناً .
وفي اليوم الثّاني جاءَ عيدُ ميلادِ الطفلة حُسُن , وكانت الطّاولةُ مُجَهَّزةً , وعلَيها مزهرِيَّةٌ فيها باقةُ
الزُّهورِ الْجميلةِ , الشُّموعُ والْكعكةُ الْجميلةُ الْمكتوبُ عليها اسمُ حُسُن وعيدُ ميلادٍ سعيد. تـَجمّع
أفرادُ الْأُسرةِ الْأبُ والْخالة وابنتـُها حُسُن والطِّفلة بُدور , وطلبتِ الأمُّ من ابنتِها إِضاءَةَ الشُّموع
(سِتُّ شَمعاتٍ) . وبَدءا يُغَنـّيان لها هابي بيرْث دي تو يو , هابي بيرث دي تو حُسُن . والأبُ
وهوَ يُغَنـّي كانت عيناهُ على ابنتِهِ بُدور الّتي رَفـَضـَتِ الغِناءَ , ونـَكَّـسَتْ رَأْسَها إلى الْأرض . ثـُم
أَطفأتْ حُسُن الشـُّموعَ . وأمْسَكـَتْ السِّكينَِ لِتـُقـَطـِّعَ الْكعكةَ بمُساعَدةِ أُمِّها . ثـُمَّ وَضـَعَتْ كـُلَّ قِطعةٍ
في صَحْن . وقـَدَّمَتْ لأبيها ثـُمَّ للطِّفلةِ بُدور الَّتي رَفـَضـَتْ أن تأكلَ الْكعكةَ لأنَّها شـَعَرَت
بالتَّـمييزِ وعَدَم اهْتمام بها . وهَيَ ترى ما فعلا لِحُسُن , وهِيَ تنظُـرُ إِلَيها بأَلَم وهِيَ لابسة
الْفستانَ الْجديدَ وعلى رأسِها التّاجُ الْمُزَخـْرَفُ الْجميلُ . وهُما يُعايـِدانِها : مبروك الْعيدِ والْعاقِبَةُ يا
ربّ للْمِئـَةِ وَالْعشرينَ سنَة . وبَعدَها تـَدْخـُل بُدورُ غرفَـتـَها , تركـَعُ على الأرضِ وتَبكي وتَقولُ :
يا رب خَلـَِّصْني مِن خالتي , لا أستطيعُ الْعَيْشَ مَعَها بَعدَ الْيوم , تـُعامِلُـني مِثْـلَ الْخَدّامةِ , وكُـلُّ
شُغْـل الْبَيتِ مَطلوبٌ مِنـّي ،ْ وتـُحِبُّ ابنتَـها أكثَـرَ مِنّـي , وتَشتَري لَها الْفَساتينَ وتـَعملُ لَها أعيادَ
ميلاد , وأنا لا أحَدَ يَذكـُرُني وكَـأنّي غَيْرُ مَوْجودٍةٍ . حَتّى أبي أصبحَ يُحبُّها أكثرَ مِنـّي . لِمَن أَشكي
! يا رَب ارْحَمني وساعِدني .
فَتَسمعُ خالتُـها منَ الْمَطبخ صَوْتَها وتخرُجُ فَتَراها راكعَة وتَبكي . فَتَصرُخً بِها : ما بـِكِ يا بـِنتْ
!؟ ماذا أصابَكِ! ولِماذا تَبكينَ؟ ماذا ينقـُصُكِ؟ يَكفي أنَّكِ تَعيشينَ عِندَنا , تأكلينَ وتشربينَ , وإلّا
كُـنتِ في الشَّـوارِعِ مَرْمِيَّة لا يوجدُ مَن يَرعاكِ. وَاللّا يُمكِنُ غِرْتِ من بِنتي حُسُن ومِن عيدِها؟
وإِذا بِالْأبِ يسمعُ الْكلامَ ويَقفُ بِزاويةٍ خَـفِيَّةٍ ويَسمَعُ كُـلَّ الْكلام لِلْآخِر . وإذا بِالْخالةِ تـُهَدِّدُها
وتقولُ لَها إذا لم تـُعجبُكِ هذِه الْعيشةِ أَريني عَرْضَ أكتافِكِ واللّـهُ يسَّهِلُ عَليكِ , إِلْحَقي أُمَّكِ ورَيِّحينا
مِنكِ. خَلـّي بنتي تأْخـُذُ عِزَّها . يدخـُلُ الْأبُ ويقفُ في الوَسَطِ مُتـَعَجِّبًا وهُوَ ينظُرُ إلى زَوجتهِ
بِلَـوْم قائِلاً : أنا سَمِعْتُ كُـلَّ الْكَلام , لَم أكـُنْ أَعرفُ كَـيْفَ كُـنتِ تُـعاملينَ ابنَتي بُدور بهذِهِ
الْمُعامَلةِ السَّيئَـة . ولِهذا السَّببِ كـُنتُ أرى بُدورَ حَزينة دائمًا وخاصة في عيدِ ميلادِ حُسُن. لم
تُـشـْعِريها بِالْمَحبَّةِ أبدًا , وكانَت تتجَرَّعُ السُّمَّ , وتشعُرُ بِالذُّلِّ بِسَببِكِ . يَجِبُ أن تَعلَمي أنَّ بُدورَ
إِبْنتي وأنا أبوها , وهِيَ جُزْءٌ مِنـّي ومِن قلبي وأنا أحْبَبتـُها قَبلَما أحببتـُكُم , ولَها الْحَقُّ بِالْعَيْش
مَعَنا وان تَحْظى بِالْحنان والْعََطفِ . ثـُمَّ يأخُذُ ابنتَهُ بُدورَ في الْأحْضان ويُقـَبّلـُها ويطْـلُـبُ مِنْها
السّماحَ لأنّهُ أخْطأَ تِجاهَها وتِجاهَ أُمِّها الْمُطلَّقَه. وقال : لم أكـُن أعرفُ أهَميةَ الأُْمّ لأوْلادِها.
سامِحيني يا ابنَتي وأَعِدُكِ أنَّـني سَأُعَوِّضُ لكِ كُـلََّ الْحنان الَّذي فَقَدتيهِ وسَأشتَري لكِ أحْلى فُستان
وأجملَ تاج , وسأعملُ لَـكِ أحلى عيدِ ميلادٍ, وسَأدْعو كُـلَّ الْأطفال لٍلْحَفلةِ . ثـُمَّ يُوَجـِّهُ الْكلامَ لأُمِّ
حُسُن لِتـَهْديدِها وتَصليحِ سُلوكِها قائلاً لها : مِنْ هذا الْيَوْم إعْتبَِري بُدورَ ابنتَكِ , وإِيّاكِ أن تُـفـَرِّقي
بَيْنَها وبينَ ابنتِكِ حُسُن , وإلّا سُيُصيبُكِ ما أصابَ زَْوجتي السّابقـَة , هَلْ تفهمين ؟
فتقترِبُ أمُّ حُسُن وتعتـَذِرُ للطِّـفلةِ بُدور وتطلُـبُ مِنـْها السَّماحَ قائِلَةً: سامِحيني يا حَبيبتي , فَأنتِ مِن
الْيَومَِ ابنَتي وأَنا أُمُّكِ , وسَأسْمعُ مِنكِ كَلمَةَ ماما عندَما تـُنادينَـني , وسَأُُعََوِّضُ لكِ كُـلَّ
خـَسارةٍ أغمُرُكِ بِالْعَطفِ وَالْحنان , فأنتِ وحُسُن سَتكونان أُختَـَيْنِ سعيدَتـَيْنِ . الواحَِدةُ مثلَ
الأُخرى, لا فَرْقَ بينكما في الْمُعامَلةِ أو الْمُشتَرَياتِ. وسَنَحتفلُ بِكُـما في كُـلِّ سَنَةٍ في عيدِ ميلادِ
كُـل مِنكُما .
تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency