الأخبار العاجلة

Loading...

نسبة من معلمي المدارس الإعدادية  والثانوية تعرضوا  للعنف  

الدكتور صالح نجيدات
نُشر: 09/01/25 07:42

نسبة من  معلمي المدارس الاعدادية والثانوية  تعرضوا ويتعرضون  للعنف ,  وهذه النسبه ليست فقط ضوء أحمر  بل هي كارثة تهدد المجتمع العربي  بأسره في البلاد  , فكيف سيعطي المعلم ويربي طلابه اذا كان  يتعرض منهم الى  العنف؟   المدارس من المفترض ان  تربي  وتعلم  وتُصدّر للمجتمع  الأجيال  المتعلمة  التي ستبني مجتمعنا  على أسس حديثة ،  ولكن بدل ذلك  أصبحت تصدر  للمجتمع العنف  , فأين الخلل ؟  . وما هي  العوامل والمسببات التي أدت الى ارتفاع نسبة عنف الطلاب  ضد المعلمين في المدارس ؟  ولماذا تحولت المدارس في مجتمعنا إلى مسرح  للعنف بدل أن تكون صرح علمي ؟
فإذا أردنا أن نفهم  ظاهرة العنف ، علينا تحليل  الأسباب قبل النتائج ، والأسباب تبدأ من الخلل الذي أصاب منظومة قيمنا الاجتماعية والتربوية والتعليمية وحتى القانونية وضعف شخصية الاهل وتقصير أدائهم  امام اولادهم .
العنف المنتشر اليوم في مجتمعنا , باعتقادي له عدة عوامل  , ومن هذه العوامل  , التحول السريع الذي حصل في  مجتمعنا خلال العشرين السنة الماضية ، والانفتاح الكبير  على  ثقافات  اخرى  دخلت مجتمعنا  وتأثر بها الأبناء في  شتى  المجالات وبشكل غير  مدروس  والتي هي غير ملائمة  لطبيعة مجتمعنا المحافظ , أو بكلمات اخرى  , قفزنا السلم من اسفله الى اعلاه مرة واحدة  بدون تحضير ملائم ،  الأمر الذي أدى إلى اختلال التوازن عند الكثير من أبنائنا ، الذين تعاملوا مع كثير من المستجدات بطريقة سلبية ، بالإضافة  الى اهمال وتقصير  نسبه  كبيرة  من الاهل في نقل الموروث الحضاري والقيم والعادات ,  وعدم تربية  أبنائهم التربيه السليمة ، وكذلك وفرة النقود عند بعض الطلبة  مما جعلهم يشترون  السموم الخفيفة  كالمرحوانا وغيرها  ,  والمشروبات الكحولية  , وحبوب الهلوسة  ومشروبات الطاقة  مما زاد الطين بله .
العنف يبدأ بسبب اهمال الأسرة ، فإذا لم يراقب الأهل ابنهم من بدايات سنواته الأولى في المدرسة ، وميوله المختلفة  ومراقبة عملية وعلمية حثيثة ، فإن شخصية هذا الابن ، من الممكن أن تكتسب صفات سلبية ، و تتأصل في شخصيته ، وتنفجر في أي لحظة ، في وجه الأهل والمجتمع ، فمن يمارس العنف كمنهج حياة ، لا يعنيه إذا مارسه في المدرسة أو البيت ، أو حتى الشارع العام .
كذلك المناهج الدراسية لا  تُنمِّي في الطالب إنسانيته الاجتماعية والفكرية ، ولا تركز على طريقة تعامله مع أبناء مجتمعه ، في كل مراحل حياته ، فلم نعد نرَ تلك المناهج التي تنمي في الطالب الحوار كأسلوب حياة ، وطريقة تعامل مع الآخرين ، ليحلَّ النقاش والحوار مكان العنف  والصدام  واستعمال الأيدي .
والحديث عن هيبة القانون يطول ويطول في بلادنا ، حيث آخر ما يهتم به قطاع كبير من مواطنينا احترام القانون ، ويعتبر التجاوز على القانون نوع من الرجولة والفهلوة ، وكثيرا من الاحيان ، سلوك  السلطات المحلية  وإدارات  المدارس  لدينا كرّس هذا الواقع المرير بعلاقتنا مع القانون ، من خلال التغاضي عن تنفيذه ، وتقديم الواسطة على احترامه وتنفيذه على الجميع ، فلو طُبق القانون بحزم على كل من يرتكب عنفاً في مدارسنا ، أو في الشارع ,او في المجتمع لما وصلنا إلى هذه الحالة التي تعاني منها المدارس ومجتمعنا اليوم ، ولو أُغلقت أبواب الواسطة ، وكان الإصرار على تطبيق القانون أولاً وأخيراً ، على كل من يتجاوز  قوانين النظام العام للمدارس ، لكان واقعنا في مدارسنا  أفضل بكثير مما هو عليه الآن ، وحافظنا على تميزنا السابق في التعليم ، سواءً من الناحية العلمية ، أو في مجال بناء الشخصيات التي كانت تُصدِّرها مدارسنا لمجتمعنا ، قيادات أسست وبنت مجتمعاً يشار إليه بالبنان.
الحديث عن العنف في مجتمعنا وفي مدارسنا  بالذات ، أسبابا ونتائجَ لا يتسع  المقام لذكرها ، ولكننا جميعاً نعرف ما هو الحل ، وأين يكمن هذا الحل ، لتخليص مجتمعنا من هذه الآفة التي تضرب به منذ سنوات ، في مقدمتها إعادة النظر بالمناهج الدراسية في المدارس ،  ثم تطبيق القانون وتكريس احترامه في نفوس النشء والتغيرات الكبيرة التي طرأت على مجتمعنا ، مثل  معايير جديدة من ناحية الشخصية ، والبناء الفكري والتربوي والاجتماعي  .

يجب أن تتعاون كافة مؤسسات المجتمع ، في بناء شخصية الطالب ، كالبيت ، والمسجد , والكنيسة  والخلوة  والمدرسة والنادي وكل مؤسسات المجتمع ، التي على علاقة مع الطالب أو  المراهق. كذلك لا بدّ من إعادة  تفعيل  مؤسسات المجتمع  المدني وإلقاء  محاضرات للتوعية ، على المستوى الثقافي والفكري ، فكل هذه عوامل وأسباب تؤدي إلى تغيير النتيجة الحالية ، التي وصلنا إليها من تفريغ كامل لشخصية الطالب ، فعندما يدخل الطالب  بوابة  المدرسة  حاملاً معه أمراض مجتمعه ، ويضيفها على حالة الفراغ في الحياة المدرسية  بامراضها الأخرى ، تكون هذه النتيجة المروعة.
لا بد من التأكيد ، انه  يجب  تعيين عمال اجتماعيين  في كل مدرسه للتعامل بأسلوب علمي مع مخالفات الطلاب والطالبات من خلال بحث ودراسة حالاتهم ،  والوقوف على اﻷسباب التي تسهم في ارتكابهم للمخالفات ، ومن ثم تشخيصها، ثمَّ التدخل اﻻجتماعي الملائم لعلاج مشكلتهم ، ثم تطبيق القانون والقصاص ، على كل من يمارس العنف ، لأن في القصاص حياة وعبرة وردعا ، كما جاء في القرآن  الكريم " ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب "  عندها ، نستطيع القول اننا بدأنا رحلة التخلص من العنف في مجتمعنا.

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة