الأخبار العاجلة
نسبة من معلمي المدارس الاعدادية والثانوية تعرضوا ويتعرضون للعنف , وهذه النسبه ليست فقط ضوء أحمر بل هي كارثة تهدد المجتمع العربي بأسره في البلاد , فكيف سيعطي المعلم ويربي طلابه اذا كان يتعرض منهم الى العنف؟ المدارس من المفترض ان تربي وتعلم وتُصدّر للمجتمع الأجيال المتعلمة التي ستبني مجتمعنا على أسس حديثة ، ولكن بدل ذلك أصبحت تصدر للمجتمع العنف , فأين الخلل ؟ . وما هي العوامل والمسببات التي أدت الى ارتفاع نسبة عنف الطلاب ضد المعلمين في المدارس ؟ ولماذا تحولت المدارس في مجتمعنا إلى مسرح للعنف بدل أن تكون صرح علمي ؟
فإذا أردنا أن نفهم ظاهرة العنف ، علينا تحليل الأسباب قبل النتائج ، والأسباب تبدأ من الخلل الذي أصاب منظومة قيمنا الاجتماعية والتربوية والتعليمية وحتى القانونية وضعف شخصية الاهل وتقصير أدائهم امام اولادهم .
العنف المنتشر اليوم في مجتمعنا , باعتقادي له عدة عوامل , ومن هذه العوامل , التحول السريع الذي حصل في مجتمعنا خلال العشرين السنة الماضية ، والانفتاح الكبير على ثقافات اخرى دخلت مجتمعنا وتأثر بها الأبناء في شتى المجالات وبشكل غير مدروس والتي هي غير ملائمة لطبيعة مجتمعنا المحافظ , أو بكلمات اخرى , قفزنا السلم من اسفله الى اعلاه مرة واحدة بدون تحضير ملائم ، الأمر الذي أدى إلى اختلال التوازن عند الكثير من أبنائنا ، الذين تعاملوا مع كثير من المستجدات بطريقة سلبية ، بالإضافة الى اهمال وتقصير نسبه كبيرة من الاهل في نقل الموروث الحضاري والقيم والعادات , وعدم تربية أبنائهم التربيه السليمة ، وكذلك وفرة النقود عند بعض الطلبة مما جعلهم يشترون السموم الخفيفة كالمرحوانا وغيرها , والمشروبات الكحولية , وحبوب الهلوسة ومشروبات الطاقة مما زاد الطين بله .
العنف يبدأ بسبب اهمال الأسرة ، فإذا لم يراقب الأهل ابنهم من بدايات سنواته الأولى في المدرسة ، وميوله المختلفة ومراقبة عملية وعلمية حثيثة ، فإن شخصية هذا الابن ، من الممكن أن تكتسب صفات سلبية ، و تتأصل في شخصيته ، وتنفجر في أي لحظة ، في وجه الأهل والمجتمع ، فمن يمارس العنف كمنهج حياة ، لا يعنيه إذا مارسه في المدرسة أو البيت ، أو حتى الشارع العام .
كذلك المناهج الدراسية لا تُنمِّي في الطالب إنسانيته الاجتماعية والفكرية ، ولا تركز على طريقة تعامله مع أبناء مجتمعه ، في كل مراحل حياته ، فلم نعد نرَ تلك المناهج التي تنمي في الطالب الحوار كأسلوب حياة ، وطريقة تعامل مع الآخرين ، ليحلَّ النقاش والحوار مكان العنف والصدام واستعمال الأيدي .
والحديث عن هيبة القانون يطول ويطول في بلادنا ، حيث آخر ما يهتم به قطاع كبير من مواطنينا احترام القانون ، ويعتبر التجاوز على القانون نوع من الرجولة والفهلوة ، وكثيرا من الاحيان ، سلوك السلطات المحلية وإدارات المدارس لدينا كرّس هذا الواقع المرير بعلاقتنا مع القانون ، من خلال التغاضي عن تنفيذه ، وتقديم الواسطة على احترامه وتنفيذه على الجميع ، فلو طُبق القانون بحزم على كل من يرتكب عنفاً في مدارسنا ، أو في الشارع ,او في المجتمع لما وصلنا إلى هذه الحالة التي تعاني منها المدارس ومجتمعنا اليوم ، ولو أُغلقت أبواب الواسطة ، وكان الإصرار على تطبيق القانون أولاً وأخيراً ، على كل من يتجاوز قوانين النظام العام للمدارس ، لكان واقعنا في مدارسنا أفضل بكثير مما هو عليه الآن ، وحافظنا على تميزنا السابق في التعليم ، سواءً من الناحية العلمية ، أو في مجال بناء الشخصيات التي كانت تُصدِّرها مدارسنا لمجتمعنا ، قيادات أسست وبنت مجتمعاً يشار إليه بالبنان.
الحديث عن العنف في مجتمعنا وفي مدارسنا بالذات ، أسبابا ونتائجَ لا يتسع المقام لذكرها ، ولكننا جميعاً نعرف ما هو الحل ، وأين يكمن هذا الحل ، لتخليص مجتمعنا من هذه الآفة التي تضرب به منذ سنوات ، في مقدمتها إعادة النظر بالمناهج الدراسية في المدارس ، ثم تطبيق القانون وتكريس احترامه في نفوس النشء والتغيرات الكبيرة التي طرأت على مجتمعنا ، مثل معايير جديدة من ناحية الشخصية ، والبناء الفكري والتربوي والاجتماعي .
يجب أن تتعاون كافة مؤسسات المجتمع ، في بناء شخصية الطالب ، كالبيت ، والمسجد , والكنيسة والخلوة والمدرسة والنادي وكل مؤسسات المجتمع ، التي على علاقة مع الطالب أو المراهق. كذلك لا بدّ من إعادة تفعيل مؤسسات المجتمع المدني وإلقاء محاضرات للتوعية ، على المستوى الثقافي والفكري ، فكل هذه عوامل وأسباب تؤدي إلى تغيير النتيجة الحالية ، التي وصلنا إليها من تفريغ كامل لشخصية الطالب ، فعندما يدخل الطالب بوابة المدرسة حاملاً معه أمراض مجتمعه ، ويضيفها على حالة الفراغ في الحياة المدرسية بامراضها الأخرى ، تكون هذه النتيجة المروعة.
لا بد من التأكيد ، انه يجب تعيين عمال اجتماعيين في كل مدرسه للتعامل بأسلوب علمي مع مخالفات الطلاب والطالبات من خلال بحث ودراسة حالاتهم ، والوقوف على اﻷسباب التي تسهم في ارتكابهم للمخالفات ، ومن ثم تشخيصها، ثمَّ التدخل اﻻجتماعي الملائم لعلاج مشكلتهم ، ثم تطبيق القانون والقصاص ، على كل من يمارس العنف ، لأن في القصاص حياة وعبرة وردعا ، كما جاء في القرآن الكريم " ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب " عندها ، نستطيع القول اننا بدأنا رحلة التخلص من العنف في مجتمعنا.
تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency