اليوم نجد أنفسنا محاطين بكومة من المصطلحات التي يستخدمها السياسيون والمثقفون في كل حديث لهم. يبدو أن هؤلاء المتحدثين يظنون أنفسهم علماء او نوابغ يستخدمون كلمات مثل "بيروقراطية،دكتاتورية وعلمانية…" وكأنها مفاتيح سرية لحل جميع مشاكلنا.

 لكن هل يفهم المواطن البسيط حقًا هذه المصطلحات؟

من خلال النظر إلى الواقع يبدو أن كثيرًا من المواطنين العاديين لا يفقهون معاني هذه الكلمات فالبيروقراطية التي تعني التعقيد الإداري الزائد قد تبدو لهم كحرف صعب النطق أكثر من كونها مشكلة تلامس حياتهم اليومية، أما الدكتاتورية التي تُستخدم لوصف الحكم الاستبدادي فهي تبدو لهم ككلمة تُستخدم في نشرات الأخبار أكثر من كونها واقعًا يعيشونه، والعلمانية التي تهدف إلى فصل الدين عن الدولة قد تُفهم خطأً على أنها دعوة للإلحاد.

المفارقة هنا تكمن في أن هؤلاء السياسيين والمثقفين يعتقدون أن استخدامهم لهذه المصطلحات يجعلهم يظهرون بمظهر الأكثر علمًا واطلاعًا. ولكن في الحقيقة يبدو أنهم يعيشون في عالم خاص بهم بعيدًا عن واقع المواطن البسيط الذي لا يهتم بهذه المصطلحات بقدر اهتمامه بكيفية تأمين لقمة العيش وتحسين ظروف حياته.

ربما حان الوقت لهؤلاء المتحدثين أن ينزلوا من أبراجهم ويتحدثوا بلغة يفهمها الجميع. اللغة البسيطة والواضحة هي ما يحتاجه المواطن ليشعر بأن هناك من يفهم مشاكله ويتحدث عنه. فالحديث عن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية لا يحتاج إلى مصطلحات معقدة بقدر ما يحتاج إلى أفعال حقيقية تُشعر المواطن بأن هناك تغييرًا إيجابيًا في حياته.

او على الأقل ان ينطقوا بكلمات سهله يفهمها المواطن ويفهم المقصود منها وليس بضرورة ان يرتدي المتحدث ربطه العنق التي تحول أفكاره وكلماته الى مصطلحات علميه يحاول من خلالها اظهار ثقافته ومعلوماته حيث ان الانسان يتعلم لكي يسهل الحياة على نفسه ومن منحوله وليس ليعقدها بسلوكياته ومنهجه الذي لا يفقه الا قله، وينتظرون المتحدث حتى يصمت ويعم التصفيق في تلك القاعة الظالمة المظلمة.

وفي الختام، يمكننا أن نقول إن استخدام المصطلحات العلمية بشكل مفرط قد يُعزز الفجوة بين النخبة والمواطن البسيط، لذا فلنترك هذه المصطلحات على رفوف المكتبات ونتحدث بلغة الناس بلغة الأفعال التي تغير الواقع وليس بلغة الكلمات التي تزين الخطب.