الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 09 / مايو 09:02

دور القيادة ﻓﻲ إدارة اﻷزمات في المؤسسات- بقلم: د. احمد مطلق حجازي

د. احمد مطلق
نُشر: 22/07/20 10:26,  حُتلن: 16:20

ﺗﻌﺪ اﻟﻘﻴﺎدة إﺣﺪى اﻟﻌﻮاﻣﻞ المـﻬﻤﺔ في تحقيق أﻫﺪاف المؤسسات، وﺧﻠﻖ ﺗﻮازن ﺑﻴﻨﻬﺎ وبين الموظفين، واﻟﺴﻌﻲ ﻟﺘﻮفير ﻣﻨﺎخ ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻟﻠﻌﺎﻣﻠين، الأمر الذي ﻳﺸﻌﺮﻫﻢ ﺑﺄهمية اﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻠﺘﻄﻮﻳﺮ واﻟﺘﻐيير اﻟﺪاﺋﻤين، وﻛﺬا ﺗﻠﺒﻴﺔ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺗﻬﻢ وتحقيق ﻃﻤﻮﺣﺎﺗﻬﻢ المتجددة، وذﻟﻚ وﻓﻖ ﻣﺎ تمتلكه المؤسسات ﻣﻦ إﻣﻜﺎﻧﻴﺎت وﻓﺮص، وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ مما ﻗﺪ ﻳﻌﻴﻖ اﺳﺘﻤﺮارﻫﺎ وﺑﻘﺎﺋﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻬﺪﻳﺪات وﻋﻮارض، ﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻮن ﰲ الحسبان أﺣﻴﺎﻧﺎ. وفي هذا المقال سأتطرق الى احد أنواع القيادة المهمة المنتشرة عالميا وتعتبر من أهم العوامل لنجاح العمل المؤسساتي الإداري، الا وهي القيادة الإدارية، ومن أهم المعايير الأساسية للوصول الى الأهداف المرجوة وذلك من خلال الاعتماد ﻋﻠﻰ ﻣﺎ تمتلكه ﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺷﺨﺼﻴﺔ وأﺧﻼﻗﻴﺔ وﻣﻌﺮﻓﻴﺔ، وﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﻟﻨﻤﻂ اﻟﺬي ﺗﺴﻠﻜﻪ ﰲ أدوارﻫﺎ والمهام التي ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ، ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻷزﻣﺎت اﻟتي ﺗﺘﻌﺮض لها.

نلاحظ في الآونة الأخيرة وضع الكثير من المؤسسات الفاعلة محليا وقطريا والتي تمر بأزمات كبيرة إداريا، خدماتيا واقتصاديا، وما يميزها ان المسؤولين الإداريين الذين يديرونها يعملون بثقافة تنظيمية ترتكز على الطريقة التقليدية الا وهي إطفاء الحرائق بدون تخطيط وبناء خطط عمل ممنهجة واضحة لمواجهة التحديات والأزمات المختلفة.
هذه القيادة الإدارية لا تلائم اﻟﺘﻘـﺪم اﻟـﺴﺮﻳﻊ ﻋﻠـﻰ المستوى اﻟﻤﺆﺳـﺴﺎتي وﻋﻠـﻰ اﻟﻤـﺴﺘﻮى اﻟﺘﻘﻨـﻰ، واﻟﺘﻐﻴـﺮات اﻟـﺴﺮﻳﻌﺔ اﻟﻤﺘﻼﺣﻘـﺔ التي ﺗـﺆدى ﻷﻧﻮاع ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪا وﻏﻤﻮﺿﺎ واﻟﺘﻰ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ "اﻷزﻣﺎت"، واﻟﺘﻰ ﻳﺠـﺐ اﻟﺘﻌﺎﻣـﻞ ﻣﻌﻬـﺎ واﻟﺤﺪ ﻣﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺸﺮ أوﻻ واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت واﻷﻣﻮال، وﻣﻤـــﺎ ﻻ ﺷــﻚ ﻓﻴـــﻪ أن اﻷزﻣـــﺎت ﻳﻜـــﻮن ﻟﻬـــﺎ اﻟﻌﺪﻳـــﺪ ﻣـــﻦ اﻟﺠﻮاﻧـــﺐ اﻟـــﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘـــﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴـــﺔ، واﻟﺘـــﻰ ﻳﺠـــﺐ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ بمسؤولية ﻣﻊ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ أﺛﻨﺎء إدارة اﻷزﻣﺔ وﺗﺤﺖ ﺿﻐﻄﻬﺎ.

ﺗﺘﺨﺬ اﻷزﻣﺎت أﺷﻜﺎﻻ مختلفة، لها درﺟﺎت ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ ﻣﻦ الخطر اﻟﺬي ﻳﻬﺪد المؤسسة، وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺑﻌﻀﻬﺎ داﺧﻠﻴﺎ ﻻ ﻳﻼﺣﻆ ﺧﺎرج المؤسسة، ﻣﻊ أﻧﻪ يمكن أن ﻳﺸﻜﻞ دﻣﺎرا داﺧﻠﻬﺎ، ﺣﻴﺚ ﻫﻨﺎك اﻷزﻣﺎت الهائلة مثل ظاهرة وباء الكورونا مؤخرا التي افرزت تحديات كبيرة في المجال الاقتصادي والاجتماعي وتأثيرها المباشر على المواطنين والمؤسسات الفاعلة، غير أﻧﻪ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﺷﻜﻞ اﻷزﻣﺔ وﻣﺎ ﺗﻔﺮزﻩ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻼت ﻣﻌﻘﺪة فعلى اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻹداري أن ﻳﻮاﺟﻬﻬﺎ، ﻛﻤﺎ تعتبر أﺧﻄﺮ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ ﺗﻠﻚ التي تمس اﻷﻓﺮاد داﺧﻞ اﳌؤسسة، ﻓﺄﺛﻨﺎء أﻳﺔ أزﻣﺔ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﻳﺼﺎب اﻷﻓﺮاد داﺧﻞ المؤسسة أو ﺧﺎرﺟﻬﺎ بالحيرة واﻻرﺗﺒﺎك واﻟﻘﻠﻖ وﻋﺪم المنطقية في التفكير وﻳﺒﺤﺜﻮن وﻳﻨﺘﻈﺮون اﻟﺘﻮﺟﻴﻪ اﻟﺬي يجب أن ﻳﻮﻓﺮﻩ ﺻﻮت ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺔ، وﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ أن ﻳﻮﻓﺮ ﻗﺪرا ﻣﻦ اﻷﻣﺎن والهدوء، وأن ﻛﻞ ﺷﻲء ﺳﻮف ﻳﺘﻢ ﻋﻤﻠﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﻞ ﺗﻠﻚ اﻷزﻣة.

أن اﻟﻘﻴﺎدة اﻹدارﻳﺔ تمثل ﺣﺠﺮ اﻷﺳﺎس ﰲ ﺗﻄﻮﻳﺮ الجهاز اﻹداري اﻟﺬي ﺗﺘﻮﻻﻩ، ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر أن ألية اﻟﻘﻴﺎدة ﺗﺘﺤﺪد ﻣﻦ ﻛﻮنها ﺗﻘﻮم ﺑﺪور أﺳﺎﺳﻲ ﰲ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻹدارﻳﺔ ووﻇﺎﺋﻔﻬﺎ المختلفة، ﻓﻬﻲ التي تجعل اﻹدارة أﻛﺜﺮ دﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻴﺔ وﻓﺎﻋﻠﻴﺔ، وﺗﻌﻤﻞ ﻛﺄداة محركة ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ أﻫﺪاف المؤسسة، وﻣﻦ ﻫﺬا المنطلق وﻷن أي ﻣؤسسة ﻻ يمكنها أن ﺗﻌﻤﻞ بمعزل ﻋﻦ ﺗﺄثيرات اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ والخارجية المختلفة والمتجددة، المتوقعة أو غير المتوقعة، وأﻣﺎم اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت واﻟﻌﻘﺒﺎت التي ﺗﻮاﺟﻪ المؤسسات ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼف أشكالها في ﺳﺒﻴﻞ تحقيق مخططاتها والحفاظ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎءﻫﺎ واﺳﺘﻤﺮارﻫﺎ وحتى نموها. وهنا لا بد من طرح بعض الأسئلة المهمة حول مهام ودور القائد الإداري في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها مؤسساتنا ومجتمعنا.

ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻘـﺎﺋﺪ اﻹداري أن ﻳﺤـﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻤـﺮار اﻟﻤؤسسة واﺳﺘﻘـﺮارﻫﺎ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة اﻷزﻣـﺎت ؟
ﻫﻞ ﳝﻜﻦ أن ﺗﻠﻌﺐ اﻟﻘﻴﺎدة اﻹدارﻳﺔ دورا ﻫﺎﻣﺎ ﰲ ﺗﺼﻮﻳﺐ ﺗﻮﺟﻬﺎت اﳌؤسسة نحو ﺑﻠﻮﻏﻬﺎ ﻟﻸﻫﺪاف اﻟتي حددتها ﻣﺴﺒﻘﺎ ؟
هل تم تحديد اهداف وغايات المؤسسة من قبل القائد الإداري؟
ﻫﻞ ﺗﺆﺛﺮ الخصائص اﻟﻘﻴﺎدﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺟﻬﺔ مختلف ﻣﺮاﺣﻞ اﻷزﻣﺔ داﺧﻞ اﳌؤسسة وخارجها ؟
في ﻇﻞ وﺟﻮد اﳌؤسسات في ﺑﻴﺌﺔ ﺗﺘﻤﻴﺰ بأنها ﻣﻀﻄﺮﺑﺔ وﻣﻌﻘﺪة ومتغيرة، ﻫﻞ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ذﻟﻚ وﺟﻮب اﻣﺘﻼك اﻟﻘﻴﺎدة اﻹدارﻳﺔ ﻷﺳﺎﻟﻴﺐ إﺑﺪاﻋﻴﺔ ﺑﻐﻴﺔ مواجهة التحديات المختلفة التي ذكرناها أعلاه، والاهم من ذلك الحفاظ ﻋﻠﻰ مركزيتها، تطويرها ونموها؟
ﻣﺎ ﻫﻲ أﻫﻢ المقومات واﻟﻌﻮاﻣﻞ التي ﻳﺴﺘﻨﺪ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻘﺎدة اﻹدارﻳﻮن داﺧﻞ ﻣؤسساتهم ﰲ ﺳﺒﻴﻞ تخطي اﻷزﻣﺎت ؟
ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻹداري أن بحافظ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻘﺮار المؤسسة واﺳﺘﻤﺮارﻫﺎ في فترة اﻷزﻣﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻮﻓﺮ جملة ﻣﻦ اﳋﺼﺎﺋﺺ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ فيه، وفي ﻗﺪرﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻟﻴﺪ وإﻧﺘﺎج أﻓﻜﺎر وأﺳﺎﻟﻴﺐ ﺟﺪﻳﺪة وﻣﻔﻴﺪة، وﻛﻠﻤﺎ أﻣﻜﻨﻪ ﺟﻌﻞ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻹداري أن يحافظ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻘﺮار المنظمة واﺳﺘﻤﺮارﻫﺎ في فترة اﻷزﻣﺔ، من خلال تجهيز المؤسسة بخطط مفصلة وبرامج عمل متعددة تعتمد على حلول استباقية لكي تكون في وﺿﻌﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﺟﺎﻫﺰﻳﺔ واﺳﺘﻌﺪادا ﻟﺘﺠﺎوز اﻷزﻣﺔ.

وهذا ما طرحته مقالتي التي تم نشرها في بداية ازمة جائحة الكورونا حول طرق إدارة المخاطر والأزمات.
وفي هذا المقال سنناقش أهمية القيادة وخاصة القيادة الإدارية واﻟﺪور اﻟﻜﺒير اﻟﺬي ﺗﻠﻌﺒﻪ اﻟﻘﻴﺎدة داﺧﻞ المؤسسة، إﻻ أن ﻫﺬا اﻟﺪور ﻳﺘﻌﺎﻇﻢ أﻛﺜﺮ أوﻗﺎت اﻷزﻣﺎت - إن نجاح أو ﻓﺸﻞ أي ﻣﻨﻈﻤﺔ في الحفاظ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎرﻫﺎ اﻟﺼﺤﻴﺢ وتجاوزها لمختلف المشاكل واﻷزﻣﺎت، انما ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺑﺪرﺟﺔ كبيرة ﻋﻠﻰ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﻘﻴﺎدة اﻹدارﻳﺔ، وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﻔﺎرق اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ بين المؤسسة اﻟﻨﺎﺟﺤﺔ والمؤسسة غير اﻟﻨﺎﺟﺤﺔ إنما ﻳﺮﺟﻊ الى اﻻﺧﺘﻼف ﰲ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻘﻴﺎدة وﺧﺼﺎﺋﺼﻬﺎ داﺧﻞ ﺗﻠﻚ اﻟمؤسسات.
يبرز اﻹﺑﺪاع ﻛﻤﻄﻠﺐ أﺳﺎﺳﻲ وﺿﺮوري ﻟﻠﻘﻴﺎدة اﻹدارﻳﺔ، ﻫﺬا المطلب اﻟﺬي ﻻ يمكن إﻏﻔﺎﻟﻪ، واﻟﺬي ﻓﺮﺿﺘﻪ الحاجة الى تجاوز اﻷزﻣﺎت - ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻟﻘﺎدة اﻹدارﻳﻮن ﰲ تجاوز اﻷزﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺆﻫﻼﺗﻬﻢ الخاصة ﻣﺜﻞ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ المتميزة والخبرة، وﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﺮ اﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺎت المختلفة ﻣﺜﻞ - المعدات، آليات العمل وﻛﻔﺎءة وﺗﻌﺎون المرؤوسين أي طاقم العاملين في المؤسسة.
تعتبر اﻟﻘﻴﺎدة ﻇﺎﻫﺮة اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ذات ﺟﺬور ﻋﻤﻴﻘﺔ، ﻻزﻣﺖ اﻟﺘﺠﻤﻌﺎت اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ في ﻛﻞ زﻣﺎن وﻣﻜﺎن، ﺣﻴﺚ اﺳﺘﺪﻋﻰ وﺟﻮد ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺠﻤﻌﺎت واﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎت ﺑﺸﻘﻴﻬﺎ الرسمي وغير الرسمي، ﺿﺮورة وﺟﻮد ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻮك اﻹﻧﺴﺎني ﻛﻔﻄﺮة وﺿﺮورة ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ في ﻧﻔﻮس اﻟﺒﺸر، والتي ﺗﻘﺮر أن ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻔﻆ "اﻟﻘﻴﺎدة"، ﺣﻴﺚ اﻗﺘﻀﻰ اﻷﻣﺮ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺗﻬﺎ، ٍﻣﻦ ﻗﺒﻞ الباحثين والمفكرين في ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻬﺎ وﺧﺼﺎﺋﺼﻬﺎ الذين ﺣﺎوﻟوا تفسير وﺟﻮد أﺷﻜﺎل وأنماط ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎدة.
تمثل اﻟﻘﻴﺎدة دورا ﻫﺎﻣﺎ ومحوريا في إدارة اﻷزﻣﺎت داﺧﻞ المنظمات، ﺧﺎﺻﺔ إذا اﻣﺘﻠﻜﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻴﺎدة ﻣﺎ ﻳﺆﻫﻠﻬﺎ ﻟﻠﻮﻗﻮف ﰲ وﺟﻪ اﻷزﻣﺔ و ﺗﺒﻌﺎﺗﻬﺎ، ﺣﻴﺚ ﻳﺮى الكثير ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣثين والمتخصصين وﻗﺎدة ﻋﻠﻰ أرض اﻟﻮاﻗﻊ أن نجاح المنظمة ﻣﻦ نجاح ﻗﻴﺎداﺗﻬﺎ، وﻓﺸﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﻓﺸﻠﻬﻢ وان اﻟﻌﻼﻗﺔ التي ﺗﺮﺑﻂ اﻟﻘﻴﺎدة ﺑﺈدارة اﻷزﻣﺎت داﺧﻞ المنظمات ﻣﻌﻘﺪة وﻣﺘﺸﻌﺒﺔ، ﻧﻈﺮا ﻻﺧﺘﻼف ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻘﻴﺎدة داﺧﻞ ﻛﻞ ﻣﻨﻈﻤﺔ لما لها ﻣﻦ ﺧﺼﻮﺻﻴﺎت واﺳﺘﻌﺪادات وخبرات، ﻫﺬا ﻣﻦ ﺟﻬﺔ، وﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ﻟﺼﻌﻮﺑﺔ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺸﻜﻞ وﺣﺠﻢ اﻷزﻣﺎت التي ﺗﺘﻌﺮض لها المؤسسات، وذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻜﻮن اﻷزﻣﺎت واﻟﺒﻴﺌﺔ التي تحدث ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻟﺘﻐير واﻟﺘﺠﺪد، وأن اﻷزﻣﺎت ﻗﺪ ﺗﻨتج ﻋﻨﻬﺎ أزﻣﺎت أﺧﺮى لم ﺗﻜﻦ ﰲ الحسبان، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻮﺣﻲ وﻳﺆﻛﺪ ﺻﻌﻮﺑﺔ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ ﺗﻌﻤﻴﻤﺎت وﻃﺮح ﺣﻠﻮل ﺟﺎﻫﺰة ﺗﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ المشاكل واﻷزﻣﺎت ﺑﺼﻮرة ﺟﺬرﻳﺔ، وﻳﻜﻤﻦ اﻟﺴﺒﺐ وراء ذﻟﻚ ﻛﻮن ﺗﻠﻚ اﻷزﻣﺎت ﻣﺼﺪرﻫﺎ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻫﻮ اﻹﻧﺴﺎن وﻣﺎ ﻳﺼﺪر ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎت وأﻓﻌﺎل ﻻ يمكن اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﻬﺎ ﺑﺼﻮرة دﻗﻴﻘﺔ، ﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻻ يمنع ﻣﻦ وﺟﻮب وﺿﺮورة اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ تجنب اﻷزﻣﺎت والمشاكل التي تتعرض لها أي مؤسسة، تماشيا ﻣﻊ المبدأ اﻟﺬي ﻳﺮى أن ﺗﺼﻮر وﺑﻨﺎء ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ أﻓﻀﻞ ﻻ ﻳﺘﻢ إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺤﺮر ﻣﻦ ﻗﻴﻮد الحاضر وآﻻم اﳌﺎﺿﻲ، وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل وﺟﻮد ﻗﻴﺎدة إدارﻳﺔ تمتلك ﻧﻈﺮة ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ وﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻈﺮوف التي ﻻ يمكن اﻟﻨﺄي ﻋﻨﻬﺎ، وﻻ ﺑﺪ أن تمتلك ﻫﺬﻩ اﻟﻘﻴﺎدات الحد اﻷدنى ﻟﻠﻤﻘﻮﻣﺎت والمتطلبات اﻟﻘﻴﺎدﻳﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ، وذﻟﻚ حتى ﻳﻜﻮن بمقدورها ﺗﺬﻟﻴﻞ مختلف اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت واﻟﻌﺮاﻗﻴﻞ التي ﺗﻮاﺟﻪ ﻣؤسساتهم.

ولذالك تتحدد مهام القائد الإداري الفذ من خلال تحديد رؤيا واضحة للمؤسسة ويمكن تطبيقها على ارض الواقع، وتحديد الأهداف والغايات لفترة زمنية محددة بمقدار سنوات عمل 5,7,10 وغيرها وما نريد ان نحققه في هذه السنوات، وهنا يترجم القادة الرؤيا والاهداف والغايات الى خطط عملية تربط عملهم اليومي بهذه الخطط، والاهم في ذلك متابعة مدى تقدمهم نحو تحقيقها، وأيضا اقناع ومشاركة طاقم العاملين في الأقسام والمجالات المختلفة، وتشكيل طواقم عمل ملائمة لها التجربة والكفاءة لتحقيق الأهداف والتقدم في تحقيق الرؤيا، ولا ننسى أيضا ان للقائد الناجح والفذ ان يقوم ببناء شبكات تواصل مع أطر وهيئات شعبية ومؤسساتية تضيف قيمة إضافية لعمله وتساعده على تطوير آليات إدارية وجماهيرية لمواجهة التحديات المختلفة.
إضافة الى ذلك توزيع صلاحيات ومسؤوليات لطواقم العمل لحل الازمات والمشاكل وتفويض شخصيات لها القدرة والكفاءة لتحمل هذه المسؤوليات وتجهيزهم بآليات عمل إدارية معلوماتية واستشارية تلائم الاحداث المختلفة لمواصلة المسيرة لتحقيق الرؤيا.

في النهاية، ونتيجة الأبحاث والخبرات المهنية يمكن ان نصل الى مجموعة ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎت ﺣﻮل ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎدة وإدارة اﻷزﻣﺎت واﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟتي ﺗﺮﺑﻄﻬﻤﺎ ﰲ ﻫﺬا الموضوع، وﻫﻲ دور اﻟﻘﻴﺎدة ﰲ إدارة اﻷزﻣﺎت داﺧﻞ المؤسسة، ﺣﻴﺚ ان اﻟﻘﻴﺎدة ﻛﻈﺎﻫﺮة وﺳﻠﻮك إﻧﺴﺎني ﺿﺮورﻳﺔ في ﻛﻞ المؤسسات االتي ﺗﺴﻌﻰ إلى اﻻﺳﺘﻘﺮار واﻻﺳﺘﻤﺮار واﻟﻨﻤﻮ.
أن اﻷزﻣﺎت ﻻ يمكن تجنبها تماما، ذﻟﻚ أن ﺗﺄﺛيراﺗﻬﺎ تختلف ﻣﻦ أزﻣﺔ إلى أﺧﺮى، ﻓﻬﻨﺎك اﻷزﻣﺎت التي ﺗﺼﻴﺐ ﻛﻴﺎﻧﺎت إدارﻳﺔ ﻋﺪﻳﺪة ﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ، وﻣﺮاد ذﻟﻚ أن ﺑﻌﺾ المؤسسات ﺗﺘﺄﺛﺮ ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ ﻛﻤﺎ أن أﺳﺒﺎﺑﻬﺎ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ.
أن أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻷزﻣﺎت ﻳﺘﺤﺪد اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻓﻬﻢ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻷزﻣﺔ واﻹﺣﺎﻃﺔ ﺑﺄﺳﺒﺎﺑﻬﺎ وﻋﻠﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻨﻤﻂ اﻟﻘﻴﺎدي داﺧﻞ اﳌؤسسة.

وهنا يكون دور كبير ﻟلقادة الذين ﻫﻢ ﺻﻨﺎع اﻟﻨﺠﺎح داﺧﻞ اﳌؤسسات، ويشكلون الحلقة اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺿﻤﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﻘﻴﺎدة اﻹدارﻳﺔ داﺧﻞ اﳌؤسسة، أن ﺗكرار اﻷزﻣﺎت وﺗﻮاﻟﻴﻬﺎ وتجددها ﻓﺮض الحاجة إلى اﻟﺒﺤﺚ دوﻣﺎ ﻋﻦ أنجع وأﺣﺪث اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ والمناهج التي ﻣﻦ ﺷﺄنها أن ﺗﻮﻓﺮ ﻗﺪرا ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻟﻠﻤﻨﻈﻤﺎت أﻣﺎم اﻷزﻣﺎت أو الخروج ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺄﻗﻞ الخسائر، وهنا لا بد للقائد ان يعمل ضمن مسار إدارة المخاطر وبناء تصورات مستقبلية لكل حدث طارئ.
وما احوجنا اليوم الى قادة مسؤولين في مؤسساتنا التي تعصف بها أزمات كبيرة لكي يتم انقاذها وتطويرها لكي نلحق بالركب الإداري المتحضر.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com

مقالات متعلقة