الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 30 / أبريل 05:02

مشاهد القتل في غزة لا تتحملها القلوب.. وين الملايين وين؟/بقلم: أحمد حازم

أحمد حازم
نُشر: 19/05/18 07:19,  حُتلن: 12:41

أحمد حازم في مقاله:

التاريخ يقول (والتاريخ لا يكذب) أن أحفاد هرتسل ارتكبوا مذابح بشعة في كفر قاسم ودير ياسين والطنطورة وحولا

صناع الرأي والمحللين السياسيين في وسائل الإعلام الإسرائيلية بما فيهم هؤلاء الذين يتشدقون بــ"السلام" يؤيدون حكومتهم ويعملون على تضليل الرأي العام المحلي والعالمي

ما حدث ويحدث في غزة هو في الحقيقة حرب إبادة إسرائيلية بامتياز ضد أهل غزة بضوء أخضر أمريكي

التاريخ مليء بمجازر إسرائيل ضد العرب بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص. والتاريخ يشهد على المذابح التي ارتكبها أبناء وأحفاد من تعرضوا للإبادة الجماعية في عهد النازية. كان من المفترض بهؤلاء أن تكون هذه الإبادة درساً لهم ليتعلموا كيفية التعامل مع الشعوب، لكن ما حدث هو العكس. فما يفعله هؤلاء الأبناء والأحفاد هو تطبيق بشكل آخر ضد الفلسطينيين، لكن الهدف واحد.

التاريخ يقول (والتاريخ لا يكذب) أن أحفاد هرتسل ارتكبوا مذابح بشعة في كفر قاسم ودير ياسين والطنطورة وحولا. ولا تزال قانا اللبنانية تتذكر مقتل 107 مدنيين أبرياء دفعة واحدة معظمهم من الأطفال والنساء لجأوا إلى مقر تابع لقوة الأمم المتحدة في جنوب لبنان آنذاك هرباً من عملية "عناقيد الغضب". وقد اعتقد الهاربون بأن اللجوء إلى مقر للأمم المتحدة سيحميهم، لكن الجيش الإسرائيلي أقدم في 18 نيسان من العام 1996 على قصف المقر بكل برودة أعصاب. وكيف ينسى المصريون مجزرة مدرسة بحر البقر. هذه المجزرة ارتكبتها إسرائيل بدم بارد فى الثامن من نيسان/أبريل 1970 حيث قامت طائرات الفانتوم الإسرائيلية بقصف المدرسة بخمس قنابل وصاروخين فاستشهد نحو ثلاثين طفلاً دفعة واحدة،  قصيرو النظر في السياسة عندنا في المجتمع العربي، يعولون على اليسار الإسرائيلي على اعتبار أن مواقف هذا اليسار تختلف عن مواقف اليمين الإسرائيلي. كلهم من نفس الطينة، كلهم أحفاد هرتسل وأحفاد من نكلوا بالشعب الفلسطيني أمثال بيغين ورابين وشامير وغيرهم. كلهم متفقون على أن الفلسطيني هو "إرهابي". الحكومة الإسرائيلية التي تجمع اليمين واليسار والوسط وغير ذلك من التسميات، تعتبر أن مجزرة غزة الحالية وأيضاً المجازر السابقة سببها الفلسطينيون. تصوروا هذا "الهذيان".

صناع الرأي والمحللين السياسيين في وسائل الإعلام الإسرائيلية بما فيهم هؤلاء الذين يتشدقون بــ"السلام" يؤيدون حكومتهم ويعملون على تضليل الرأي العام المحلي والعالمي، حيث يدعون أن التنظيمات الفلسطينية في غزة تدفع للمواطنين أجراً حتى يتظاهرون ويخلعون السياج الحدودي ليعرضوا نفسهم للموت. إدعاءات كاذبة لتبرير جرائمهم.

إقرأوا معي ما كتبه محللون إسرائيليون في الخامس عشر من الشهر الجاري عن مجزرة غزة الأخيرة: الكاتب بن درور المحلل السياسي في صحيفة يديعوت أحرونوت يرى: " ان القتل بالنسبة للفلسطينيين هو جزء من ثقافة النكبة التي يغرسها الفلسطينيون في أنفسهم منذ سبعين سنة. إنهم لا يبحثون عن مصلحتهم, فقد أدمنوا النكبة التي كلها من بدايتها وحتى اليوم من إنتاج ذاتي”. أما المحلل العنصري بن كسبيت فيقول في صحيفة معاريف: "من يتطلع إلى الحقيقة يرى أن الفلسطينيين يسعون إلى أكبر قدر ممكن من القتلى، كي تعود فلسطين إلى مركز الاهتمام العالمي، ولكي تصعّد النار والغضب، ولكي تحاول إنتاج الطاقة اللازمة لانفجار آخر".

يوم الإثنين 14 مايو/أيار يوم نقل السفارة الأميركية إلى القدس، تاريخ جديد يدخل ملف المجازر الإسرائيلية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ضد أهل غزة على مسمع من العالم وبصره ولا نظام عربي يتحرك بجدية، حتى وإن تحرك البعض فردة فعله تكون باهتة لمجرد رفع عتب. مذابح غزة لا تعنيهم، سبعون عاماً ينظرون ويجتمعون ويقررون ولا ينفذون. مجرد كلام للإستهلاك. وهذا يؤكد صحة ما قاله الجنرال يادلين رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق ( أمان) "إن العرب يهددون بمسدّس فارغ".

ما حدث ويحدث في غزة هو في الحقيقة حرب إبادة إسرائيلية بامتياز ضد أهل غزة بضوء أخضر أمريكي. وبالموازاة لذلك ـــــ وهذا هو العار بحد ذاته ـــــ هناك أنظمة عربية لا تزال تعطي الحق لإسرائيل في ممارساتها ضد الفلسطينيين، وفي "الحق التاريخي" لها في أرض فلسطين. عار ما بعده عار. ويبدو أن مشاهد المذبحة الإسرائيلية في غزة لم ترها هذه الأنظمة او أنها لا تريد رؤيتها، لأنها مشاهد حرب إبادة لا يتحملها من عندهم قلوب، ولذلك من حق الغزيين التساؤل: "وين الملايين وين... وين الشعب العربي وين".

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة