* د. عود أبو فريح: إننا أمام ظاهرة مقلقة يتم خلالها المس بصورة كبيرة بكرامة الطلاب أمام زملائهم في كافة السلطات المحلية العربية

عادت الطفلة ابنة الصف الأول، من مدينة رهط، الى بيتها وحين التقت والدها سألته "هل نحن فقراء؟". وحين استفسر منها أخبرته أن المعلمة اخرجتها مع زملاء آخرين أمام طلاب الصف، لأنها لم تدفع عن الشهر الحالي (شاقلان عن كل يوم) بدل الوجبة الساخنة اليومية في المدرسة، وقد شعرت بخجل كبير أمام زملائها، لأنها لا تتأخر عادة في الدفع أبدًا..
كانت صدمة الوالد كبيرة جدًا، لأنه لا ينقص شيئًَا على أولاده، وسارع في كتابة رسالة إلى المعلمة وأرسلها في اليوم التالي مع ابنته، بصورة سرية، حيث طالبها بالتقيد بالقانون وعدم إخراج الطلاب أمام زملائهم لأن الأمر يمس بكرامتهم، وأخبرها أن طلب المدرسة تقديم موعد الدفع عن شهر يونيو-تموز الجاري هو طلب غير مقبول..
ويقول د. عود أبو فريح، مركز منتدى التعليم العربي في النقب، إننا أمام ظاهرة مقلقة يتم خلالها المس بصورة كبيرة بكرامة الطلاب أمام زملائهم في كافة السلطات المحلية العربية، وليس فقط في مدينة رهط، منوهًا إلى أن على وزارة المعارف أن تقوم بواجبها في هذا المجال، علمًا بأنها تتحمل 90% - مع صندوق ساكتا راشي - من ثمن الوجبة الساخنة. ويردف قائلا: "حين تتوجه إلى الطالب وتقول له أمام زملائه "أنت لا تدفع" فأنت كمرب للأجيال تظهر الفثير من الغني، وأصلا ادخال مشروع الوجبات الساخنة للمدارس، جاء للعمل على محو الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين الطلاب، وكذلك منح وجبة دسمة لجميع الطلاب، ليتركزوا في تعليمهم".
وقد توجه أبو فريح إلى مديرة لواء الجنوب في وزارة المعارف، عميرا حاييم، ورئيس بلدية رهط طلال القريناوي، بهذا الشأن، وأخبرهما بمسؤوليتهما القانونية والأخلاقية أمام هذه الظاهرة، ويقول: "احملهما المسؤولية الكاملة من إدارة غير قانونية وجباية غير قانونية وغير اخلاقية وضارة جدًا لنفسية الطالب، واشغال المدرسة في أمر ليست مخولة بالقيام به".

د. عواد أبو فريح- مركز منتدى التعليم العربي في النقب

وفي رسالة وجهتها المحامية تامي هرئيل-بن شاحر، من العيادة القانونية من أجل حقوق التعليم، تقول: "هذا الأمر هو مس صارخ بمادة 11 من قانون حقوق الطالب، حيث يجرح بصورة صاروخة كرامة الطالب أمام زملائه". وتضيف، أنّ اخراج الطالب أمام زملائه من الصف على أنه لم يدفع بدل "وجبة ساخنة" يجب شجبها بشدة وهي تمثل عقابًا للطالب وليس لوالديه. وأضافت أن هذا التصرف يتناقض وهدف القانون الذي يأتي لانهاء الفوارق بين الطلاب من العائلات الفقيرة والعائلات الغنية، والنهوض بالمساوةى بينهم".
من جانبه يردف د. أبو فريح قائلا: "تطبيق قانون الوجبة الساخنة بدأ قبل ثلاث سنوات عندما كانت البلدية تجبي ثلاثة شواقل على الوجبة بشكل غير قانوني. وكان توجهنا لمحكمة العدل العليا ما أجبر البلدية بوقف الجباية غير القانونية والطلب منها بالتزام القانون في هذه القضية، إلا أن البلدية لم تلتزم حتى الآن، واستمرت في جباية 2 شاقل بدل نصف شاقل".
وينص القانون على تقسيم الدفع بين الأهل والبلدية وصناديق "ساكتا راشي" والحكومة على النحو التالي: 10% بين الأهل والسلطة المحلية، أي نصف شاقل على الأهل ونصف شاقل على البلدية، والبقية على الحكومة والصناديق.
وقد قام منتدى التعليم العربي في النقب، بمساعدة العيادة القانونية في رمات غان، بالتوجه لجميع السلطات المحلية في النقب، حيث أوضحوا أمامهم القانون وخطورة عدم تطبيقه. وفي رهط، على سبيل المثال، هناك ما يقارب 15 ألف وجبة يومية لطلاب الابتدائيات، حيث يتم جباية أكثر من مليون شاقل في الفصل الدراسي – أي نحو 3 مليون شاقل في السنة الدراسية – بشكل غير قانوني. ويقول منتدى التعليم العربي في النقب: "نحن لا نعلم إلى اين تذهب هذه الأموال التي تؤخذ من جيوب من يقدر ومن لا يقدر على دفعها – ونحن بصدد مجتمع يعاني من وضع اقتصادي سيء وفقدان خدمات من السلطات المحلية".
وعقب كمال عطيلة، الناطق بلسان وزارة المعارف في الوسط العربي، بالقول: "طرأ خلل في تصرف المعلمة حين توجهت بصورة مباشرة للطالبة بطلب دفع أهلها للتغذية. على المعلمة أن تقوم بذلك مع الأهل فقط. المعلمة أخبرت الوزارة أن توجهها تم بصورة حساسة وبدون قصد المس بالطالبة أو بمشاعرها". وأضافت وزارة المعارف، أن "بلدية رهط يجب أن تعمل كما في كل سلطة محلية أخرى ودفع المبلغ المترتب عليها. يسمح للبلدية جباية اشتراك الأهل حسبما أوصت لجنة المعارف البرلمانية".
ووردنا من البلدية أنه سبق وقدم المنتدى التماس بشأن ثمن الوجبات الساخنة في المحكمة، وتم إعادة الملف، والحديث عن دفع مبلغ شاقل واحد فقط وليس شاقلين.