الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 28 / مايو 20:01

ياسر عرفات كشف حماس وفتح/ بقلم: خير الله خير الله

كل العرب
نُشر: 13/11/14 08:26,  حُتلن: 08:29

خير الله خير الله في مقاله: 

ياسرعرفات، ما زال من حيث هو يخيف «حماس» التي طمرت المشروع الوطني الفلسطيني القائم على خيار حلّ الدولتين

حماس تخشى شبح «أبو عمّار» نظراً ألى أنّها تدرك جيداً أن هذا الشبح كفيل بإخراجها من غزّة وإعادة القطاع إلى أهله

كشف ياسر عرفات «حماس» وأنّ لا رغبة لها في مصالحة وطنية فلسطينية حقيقية وأن كلّ ما فعلته في الفترة الأخيرة هو الانحناء للعاصفة موقتا

أحيت «حماس» على طريقتها الذكرى العاشرة لغياب ياسر عرفات الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني والرجل الذي استطاع وضع فلسطين على الخريطة السياسية للشرق الأوسط. ألقت «حماس» قنابل على منازل عدد من القياديين في «فتح» ونسفت المنصة التي كان مفترضاً ان تستضيف الاحتفال الذي كان سيقام في غزّة تخليدا لذكرى رحيل «ابو عمّار».

خلاصة ما جرى أنّ ياسرعرفات، ما زال من حيث هو، يخيف «حماس» التي طمرت المشروع الوطني الفلسطيني القائم على خيار حلّ الدولتين. فضّلت عملياً تغيير طبيعة المجتمع الفلسطيني وأخذه نحو التخلف والبؤس بغية السيطرة عليه.

لا تزال «حماس»، بصفة كونها جزءاً لا يتجزّأ من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، تخشى شبح ياسرعرفات. تخشى شبح «أبو عمّار» نظراً ألى أنّها تدرك جيداً أن هذا الشبح كفيل بإخراجها من غزّة وإعادة القطاع إلى أهله. لا بدّ من عودة غزّة إلى اهلها في أقرب وقت، نظراً إلى أن لعودة غزّة إلى الغزاويين معنى. هذه العودة تعني أن القطاع سيستعيد بعضاً من حيويته، وسيخرج الفلسطينيون عندئذ من ذلك السجن الكبير ذي السقف المفتوح الذي يناسب «حماس» والجانب الإسرائيلي في الوقت ذاته. ستؤكّد هذه العودة أنّ هناك شعباً فلسطينياً واحداً في غزّة والضفّة الغربية.

ليس مستغرباً أن يكون ياسر عرفات لا يزال يخيف إلى اليوم. ليس مستغرباً أن تكون «حماس» التي تسيطر على كلّ جانب من الحياة في غزّة في حال هلع. لا تستطيع حتّى سماع اسم «ابو عمّار» على الرغم من مضي عشر سنوات على غيابه الجسدي. تلك عظمة ياسرعرفات الذي ترك فراغاً لم يوجد من يستطيع ملأه على الرغم من مرور عشر سنوات على رحيله. لا يزال ياسر عرفات في قلب كلّ فلسطيني يؤمن بثقافة الحياة وفي وجدان هذا الفلسطيني.

ما كانت تخشاه «حماس» هو أن ينزل الفلسطينيون إلى الشارع في الذكرى العاشرة لرحيل «ابو عمّار» كي يرفعوا صورته عالياً وكي يقولوا إنّ كفى تعني كفى وأنه حان وقت وقف المتاجرة بالشعب الفلسطيني. كان هناك خوف حقيقي من أن يستغلّ الفلسطينيون هذه المناسبة كي يكشفوا حقيقة مشاعرهم تجاه حركة تحكم غزّة بالحديد والنار بفضل ميليشيا تابعة لها. كلّ هدف «حماس» يتلخّص بضرورة المحافظة على «الإمارة الإسلامية» التي أقامتها، على الطريقة الطالبانية، وذلك من أجل تحويل القطاع نقطة انطلاق لشنّ عمليات إرهابية تستهدف مصر أوّلا وأخيرا.

مرّة أخرى كشف ياسر عرفات «حماس». كشف أنّ لا رغبة لها في مصالحة وطنية فلسطينية حقيقية وأن كلّ ما فعلته في الفترة الأخيرة هو الانحناء للعاصفة موقتا.
مرّت العاصفة. قبلت «حماس» بوقف النار مع اسرائيل استناداً إلى المبادرة المصرية التي تأخّرت في قبولها ما يزيد على شهر بسبب خضوعها لضغوط اولئك الذين يريدون تصفية حساباتهم مع مصر. كلّ ما في الأمر الآن، أنّ وقت الحساب جاء. من سيعيد اعمار القطاع؟ من سيعوّض العائلات التي فقدت ابناءها؟ من يستطيع القول لـ «حماس» أنّها خاضت حرباً خاسرة فرضها عليها المتاجرون بالشعب الفلسطيني وقضيّته؟

المؤسف أن اسرائيل قادرة على ممارسة ارهاب الدولة من دون ان يوجد من يحاسبها. ما هو مؤسف اكثر أنّ «حماس» ترفض اي تنازل عن السلطة في غزّة، حتّى لو كان ذلك يعني أن الناس سيستمرون في العيش في العراء. هناك آلاف العائلات التي تشرّدت بسبب الحرب الأخيرة التي تعرّضت لها غزّة. هناك في المقابل من يرفض الاعتراف بأنه تسبب بهذه الحرب وبأنّ عليه الاعتذار من الفلسطينيين والابتعاد عن ظهورهم بعدما عجز عن تحقيق أي مطلب من المطالب التي رفعها. أين الميناء الذي طالبت «حماس» بإعادة فتحه؟ أين المطار الذي طالبت «حماس» بإعادة تشغيله؟ أين حقوق الصيد البحري التي وعدت الحركة الصيادين الفلسطينيين بها؟ أين المعابر التي وعدت بإعادة فتحها؟

كبيرة هي خسارة ياسر عرفات. الخسارة كبيرة إلى درجة، لم تعد فيها «فتح» قادرة حتّى على حماية قيادييها في غزّة. لم يكشف رحيل ياسر عرفات «حماس» فقط. كشف ايضا إفلاس «فتح» التي تبدو هذه الأيّام وكأنّها فقدت روحها. فلو كان «ابو عمّار» حياً، لما كانت «حماس» تجرّأت على القيام بانقلابها منتصف العام 2007. لو كان ياسر عرفات موجوداً، لما كانت غزّة تعاني من البؤس والحصار. لو كان ياسر عرفات بيننا الآن، لما كانت غزّة تحولّت إلى «امارة إسلامية» تستخدم في حياكة المؤامرات على مصر.

طوال سنوات النضال الطويلة، ارتكب ياسر عرفات أخطاء كثيرة. لا مجال لتعداد هذه الأخطاء التي كان من بينها تصرّفات المقاومة في الأردن ثمّ في لبنان. لا يزال لبنان يعاني حتّى اليوم من السلاح الفلسطيني غير الشرعي ومن انخراط الفلسطينيين في حروب اللبنانيين، من منطلق طائفي، بتشجيع من النظام السوري.
اخيرا، يمكن ان يؤخذ على ياسر عرفات عدم اتخاذه الموقف الصحيح لدى تعرّض الكويت للاحتلال العراقي، الذي كان مغامرة مجنونة لصدّام حسين في العام 1990.

ولكن ما لا بدّ من الاعتراف بأن ياسر عرفات كان رجلاً استثنائياً، خصوصاً بعد خروجه من لبنان صيف العام 1982 وانصرافه إلى الاهتمام بتحصين القرار الفلسطيني المستقلّ. أوصله هذا القرار إلى أن يدخل ارض فلسطين. من كان يصدّق يوماً أن ياسر عرفات سيدفن في فلسطين وعلى ابواب القدس؟

وضع ياسر عرفات اللبنة الأولى للدولة الفلسطينية المستقلة. بكلام أوضح، وضع فلسطين على خريطة المنطقة. المشكلة بعد عشر سنوات على رحيله، أن ليس من يستطيع متابعة الرحلة التي بدأها، خصوصا في ظلّ المتغيّرات الدولية التي تشجع الاحتلال الإسرائيلي على مزيد من التعنّت من جهة... وصعود «حماس» وإصرارها على الاحتفاظ بغزّة من جهة أخرى.

بالرغم من الفراغ القائم، لا تزال «حماس» تخشى ياسر عرفات. تخشى من ان يخرج من قبره ومن ان يطردها من غزّة. كيف يمكن لحركة تدّعي أن لديها شعبية كبيرة بين الفلسطينيين ممارسة كلّ هذا الإرهاب بحق أهل غزّة خشية أن يرفعوا صورة ياسر عرفات؟ أو ليس هذا الخوف دليلاً على أن «ابو عمّار» حاجة فلسطينية وهو حاضر اليوم اكثر من أي وقت داخل كلّ فلسطيني؟

نقلاً عن الراي 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net


مقالات متعلقة