الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 16 / مايو 14:01

أي مستقبل تريدون لسوريا؟/ بقلم:زياد شليوط

كل العرب
نُشر: 02/02/12 16:18,  حُتلن: 07:35

أهم ما جاء في المقال:
المعلم الشهيد كمال جنبلاط ورغم الجفاء والخلاف الذي وقع بينه وبين نظام حافظ الأسد إلا أنه اعتبر سوريا دائما حليفا طبيعيا للبنان

أكثر ما أستغربه من بعض المعادين جدا للنظام السوري وهم من أشد المعادين لأمريكا ومخططاتها الدنيئة أن يقفوا الى جانب أمريكا التي تعمل ليل نهار لاسقاط النظام السوري

كم كان من السهل على عبد الناصر زرع الخلاف بين القوى الداخلية في سوريا لكنه رفض ذلك ودعا الى الوحدة الوطنية الداخلية في سوريا التي اعتبرها القضية الأساسية والعاجلة الى جانب صيانة كيان الشعب السوري

ليس الهدف من هذه العجالة مناقشة بعض من أدلوا برأيهم في الوضع الداخلي المؤسف في سوريا، خاصة من الذين كتبوا ونشروا في صحافتنا مؤيدين لما يسمى الثورة السورية ومناوئين للنظام الحاكم. لكن ما أصبو اليه أن نتفحص الأمور ونتبين ماذا نريد لسوريا، وأي مصير ننتظر لسوريا، واذا أراد البعض اجراء جرد حساب لأخطاء النظام، فعليه أن ينظر للجانب الايجابي أيضا، وأن يطلعنا على برنامج المعارضة التي يؤيدها.

نظام البعث
يعير البعض نظام البعث أنه لم يحرك ساكنا لتحرير الجولان المحتل، ويتناسون حرب تشرين عام 1973 التي حرر خلالها الجيش الوطني السوري معظم أراضي الهضبة إلى أن جاءت المعونة لاسرائيل من السادات الذي أوقف الحرب على جبهة سيناء، مما سمح لاسرائيل بنقل قواتها ومعداتها للشمال وصد الهجوم السوري. وبالمقابل وما دام بعض أبناء "جماعتنا" محروقة بصلتهم، فهل لهم أن يعلمونا بالمعلومات السرية التي يملكونها ولا نعرفها، أو عن تخطيطات لدى ما يسمى بالمعارضة لتحرير الجولان، والتي لم نسمع منها كلمة واحدة عن الجولان وكأنه ليس من الوطن السوري، فعلام تعيرون النظام بينما المعارضة تملأ فمها ماء؟

سوريا والشعب الفلسطيني
ويعدد البعض أخطاء النظام البعثي بحق القيادة الشرعية لشعبنا الفلسطيني وخاصة ياسر عرفات، وفي تلك القضية وقف معظم أبناء الشعب الفلسطيني الى جانب قيادتنا الشرعية، وهاجمنا النظام السوري في حينه. لكن لماذا نتجاهل من جهة أخرى أن سوريا نظاما وحكومة وشعبا هي أكثر الدول العربية بعد مصر عبد الناصر، التي وقفت الى جانب قضية شعبنا، وان كان لها موقف مناويء لقيادة عرفات إلا أنها لم تتخل عن القضية الفلسطينية انما كان لها اجتهاد مختلف، ونذكر جيدا أن الخلافات الداخلية الفلسطينية والانقسامات كانت أشد وطأة ولؤما على الشعب الفلسطيني من معاداة سوريا للقيادة في حينه. وينسى البعض أن هناك فصائل فلسطينية – بما فيها حماس- وجدت مأوى وحماية لها في سوريا، أفلا تعتبر تلك الفصائل فلسطينية في نظر معادي النظام اليوم من صفوف شعبنا؟
والبعض لا يرى الا تحالف النظام لفترة محدودة مع الرجعية اللبنانية ويتناسون تحالفاتها الواسعة مع القوى الوطنية في لبنان، فالسياسة يعتورها الخطأ والتحالفات غير المقدسة أحيانا، فهل نحاكم نظاما على أخطاء عينية ومواقف غير موفقة في فترات تاريخية محددة ونتجاهل الخط الثابت لهذا النظام؟ وهل نحن أكثر وطنية لبنانية من العماد ميشيل عون، والذي كان من أشد المعادين لسوريا ومن أوائل المطالبين باخراج قواتها من لبنان، لكن بعد تحقيق هذا المطلب، تحول الى أكبر أصدقاء سوريا. كما أن المعلم الشهيد كمال جنبلاط ورغم الجفاء والخلاف الذي وقع بينه وبين نظام حافظ الأسد، إلا أنه اعتبر سوريا دائما حليفا طبيعيا للبنان وأشار في كتاباته إلى أنه يصبو الى عودة العلاقات الطبيعية بين البلدين، ولو كان حيا لما اتخذ خطوة تخالف خطوة نظيره ميشيل عون. فالى متى سيبقى البعض من بيننا يحمل أحقاده القديمة والدفينة ضد النظام السوري على مواقف عفا عليها الزمن؟

معاداة النظام السوري
لكن أكثر ما أستغربه من بعض المعادين جدا للنظام السوري اليوم وهم من أشد المعادين لأمريكا ومخططاتها العلنية والمستورة الدنيئة، والتي لا نختلف معهم حول نواياها المبيتة ضد وطننا العربي، كيف لهم أن يقفوا الى جانب أمريكا اليوم التي تعمل ليل نهار لاسقاط النظام السوري، كيف ينامون الليل وضميرهم لا يعذبهم على وقوفهم الى جانب أمريكا، وكيف لا يتساءلون ما الذي يجعل امريكا تسعى لاسقاط النظام بكل هذه القوة والرغبة، وكيف لا يعملون جرد حساب لمبادئهم؟ وأكثر ما يدهشني حقا أن يحصي البعض متأثرا بوسائل اعلامية معروفة عمليات القتل وكأن النظام وحده يقوم بها، بينما بات العالم كله اليوم يعترف، بل هناك بعض المعارضين السوريين الذين لم يعودوا يحتملون أعمال القتل العشوائية والتسلح الفوضوي داخل سوريا، ويرددون بخجل كما سمعنا في جلسة مجلس الأمن هذا الأسبوع أن أعمال القتل والعنف تقع من جميع الأطراف، فلماذا تتجاهلون الحقائق بأن هناك جماعات مسلحة معارضة للنظام تحمل السلاح وتعمل القتل في صفوف العسكريين والمدنيين السوريين.

بين مؤيد ومعارض
في هذه الأيام وكما أشرت سابقا، ليس أسهل من أن تتخذ موقفا معارضا للنظام ومؤيدا للثورة، حينها ستظهر على أنك ديمقراطي جدا ومع تحرر الشعوب، وضد الفساد والحكم الديكتاتوري. لكن هل من يتعظ من دروس التاريخ. لو رجعنا الى الوراء قليلا، الى عام 1961 أي نصف قرن تقريبا، يوم وقع الانفصال في الجمهورية العربية المتحدة، يوم وقف رئيس الجمهورية وقائد الأمة العربية جمال عبد الناصر، رافضا دعوات التدخل العسكري في سوريا وفرض الحصار عليها عقابا لها على انفصالها، رغم الطعنة النجلاء التي تلقاها بالصميم من قبل قوى انفصالية في سوريا نجحت في ضرب أول تجربة عملية وحقيقية للحدة العربية بين مصر وسوريا. يومها قال عبد الناصر في خطابه "لست أنوي أن أقيم حصارا سياسيا أو دبلوماسيا حول سوريا.. فان الشعب السوري سيكون في النهاية هو الذي يقاسي وهذا ما لا أرضاه." بينما يسارع زعماء الدول العربية اليوم الى فرض الحصار على سوريا بحجة دعم الشعب السوري في ثورته، بينما هم في الحقيقة يحاصرون ويضيقون على الشعب السوري الذي يدعون حمايته ومناصرته، كما أن هذا الموقف يعري زعماء قبائل ودويلات عربية، ويظهر الفارق الكبير بين أن تكون زعيما وأن تكون قائدا. فعبد الناصر الذي خرج مجروحا من طعنة الانفصال رفض فرض الحصار على سوريا وكان بامكانه فعل ذلك بفضل الشعبية الكاسحة التي تمتع بها على طول وعرض الوطن العربي من الخليج الى المحيط. كما رفض التوجه للأمم المتحدة لمنع قبول سوريا عضوا كاملا في الأمم المتحدة، بينما يهرول شيخ قبيلة قطر الى الأمم المتحدة ليضغط عليها بفرض الحصار على سوريا والتضييق عليها والانتقاص من سيادتها. وكم كان من السهل على عبد الناصر زرع الخلاف بين القوى الداخلية في سوريا، لكنه رفض ذلك ودعا الى الوحدة الوطنية الداخلية في سوريا التي اعتبرها القضية الأساسية والعاجلة الى جانب صيانة كيان الشعب السوري، بينما زعامة الإمعة ودمى الغرب وأمريكا لا يقيمون وزنا لتلك الثوابت ويسعون الى تدمير سوريا وتقسيمها تحت مختلف الحجج. وبينما هتف عبد الناصر " أي انقسام في الوحدة الوطنية.. أخطر بكثير من أي عدوان خارجي." يقوم زعماء العرب اليوم بحث والضغط على أمريكا للتدخل في سوريا، ليساهموا في الانقسام الداخلي، وبالتالي تحقيق الانقسام الفعلي واضعاف سوريا بتقسيمها الى كيانات صغيرة وضعيفة ومفككة لازاحتها من دربهم وكي يتسنى لهم تمرير المؤامرات مع الغرب دون عائق.
شفاعمرو/ الجليل

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il

مقالات متعلقة