الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 16 / مايو 05:01

د. رائد غطاس: الديمقراطية وثقافة التنافس بالإنتخابات

كل العرب
نُشر: 26/07/11 14:52,  حُتلن: 11:49

د. رائد غطاس في مقاله:

فشل المرشح في العمل المهني يشكل مؤشرًا على الفشل في ممارسة النشاط في الهيئة القيادية

قضية هامة أخرى في عملية الإنتخابات هي عملية التجديد والتغيير خاصة ونحن نعيش مرحلة هامة، مرحلة الربيع العربي

الديمقراطية أضحت مبدأً هامًا في كل انتخابات حيث تشكل أساسًا يعتمد للتنافس، يُمنح بموجبه كل عضو في الهيئة حق الترشح والإنتخاب

ثمة عوامل ومواصفات عدة أساسية يجب أن تتوفر في المرشح الراغب في التقدم لمثل هذه الخطوة أولها العامل الأخلاقي، ونجاح المرشح في عمله

القوانين والقواعد والتحديدات مهمة جدًا خاصة إذا كانت مبنية على أساس الديمقراطية، لكنها بحاجة لثقافة خاصة فمتى سنرتقي بثقافتنا لاستخدام هذه القوانين بشكل حضاري وسليم؟

بودّي الإشارة في بداية هذا المقال الى أن الموضوع الذي يعالجه لا يخص حزبًا أو هيئة أو لجنة بشكل عيني أو حصري وإنما يتطرق للقضية بشكل عام وهي حق الترشح والتنافس على مناصب قيادية وتمثيلية مختلفة في الانتخابات الديمقراطية ويسري هذا الأمر على كل الهيئات والمؤسسات والأحزاب بدءًا من لجان الطلاب في المدارس وحتى انتخابات البرلمان، حيث يعتمد مبدأ الترشح والتنافس في الانتخابات.

فهم الديمقراطية وتطبيقها
الديمقراطية أضحت مبدأً هامًا في كل انتخابات حيث تشكل أساسًا يعتمد للتنافس، يُمنح بموجبه كل عضو في الهيئة حق الترشح والإنتخاب للمواقع أو المناصب المختلفة والسؤال المطروح هل نقوم باستخدام الديمقراطية بالشكل السليم؟ برأيي في كثير من الأحيان يتم فهم الديمقراطية وتطبيقها بشكل غير سليم وخاطئ. هنالك حاجة ماسة لانتهاج ثقافة خاصة حتى تصبح الديمقراطية أداة ناجحة وسليمة تدفع في اختيار الأفضل للهيئات التمثيلية والقيادية المختلفة.

عوامل ومواصفات
في البداية لا بد من معالجة قضية الترشيح. صحيح أن الديمقراطية تمنح أي عضو في الهيئة حق الترشح للمواقع واللجان التمثيلية ولكن حسب اعتقادي ثمة عوامل ومواصفات عدة أساسية يجب أن تتوفر في المرشح الراغب في التقدم لمثل هذه الخطوة أهمها:
1. العامل الأخلاقي، فلا بد للمرشح أولاً وقبل كل شيء أن يتمتع بمستوى أدنى من الأخلاق العالية.
2. عامل آخر مهم وهو نجاح المرشح في عمله وبرأيي نجاح الإنسان في مجال عمله المهني والاجتماعي يشكل أحد الضمانات لنجاحه في المنصب التمثيلي الجديد. والعكس صحيح ففشل المرشح في العمل المهني يشكل مؤشرًا على الفشل في ممارسة النشاط في الهيئة القيادية.
3. في حالة كون الشخص المزمع على ترشيح نفسه يمارس أي عمل تمثيلي أو قيادي، فمن المهم جدًا أن يكون قد أثبت نشاطه بشكل ناجح في الموقع الذي استغله قبل الترشح.
4. صفة هامة يجب أن يتمتع بها الإنسان المقدم على ترشيح نفسه وهي مستوى أدنى من الذكاء وصفاء الذهن والقدرات على استيعاب الأمور المختلفة، تحليلها واتخاذ القرارات المناسبة.

عملية الإقتراع
إن إتقان مرحلة الترشح هي خطوة هامة في عملية الانتخاب فإذا أقدم على الترشح أشخاص أكفاء ذوات قدرات، تغدو عملية التنافس والاختيار عملية أرقى وأفضل. حينها يكون الاختيار بين الجيد والأفضل بين الناجح والممتاز. الديمقراطية تتيح الفرصة لكامل أعضاء الهيئة الاقتراع بشكل سري وحر ولكن هل يتم ذلك بالشكل السليم؟ هل تتم عملية الاختيار حسب القدرات والكفاءات؟ للأسف الشديد في الكثير من الأحيان تجري صفقات داخل الهيئة على أساس قوائم تصفية وهذا بحد ذاته يؤدي إلى استثناء العديد من المرشحين ذوي الكفاءات والقدرات العالية. وحتى نحدّ من هذه الظاهرة يجب ليس فقط أن نعطي الفرصة لكل مرشح أن يعرض برنامجه وقدراته ونواياه للعمل في الهيئة القيادية بل أن يُلزم كل مرشح أن يعرض هذا البرنامج. بكلمات أخرى يجب تحويل ذلك من حق إلى واجب بحيث يصبح واجبًا على كل مرشح أن يقف أمام الهيئة العامة ويتحدث عن نفسه ونشاطاته حيث من حق عضو الهيئة السماع والتعرّف وبالتالي تقييم كل مرشح على حدة قبل عملية الإقتراع.

التجديد والتغيير
قضية هامة أخرى في عملية الإنتخابات هي عملية التجديد والتغيير خاصة ونحن نعيش مرحلة هامة، مرحلة الربيع العربي والتي من الممكن وصفها بالتاريخية حيث تهب رياح التغيير على المنطقة برمتها. التجديد والتغيير هما من المبادئ الهامة ويشكلان ضمانًا لاستمرارية وتطور الهيئة بغض النظر عن كونها حزبًا أو لجنة أو أي هيئة تمثيلية أخرى. التجديد هو أمر هام وحيوي ليس بهدف التغيير فقط وإنما من أجل خلق وإدخال روح جديدة وحيوية للهيئة القيادية.


لا بد لأي مسؤول أو أي شخص في موقع قيادي، مهما كانت كفاءاته إلا أن يسأم ويُنهك ويستنفذ قدراته الابداعية وبالتالي يُستنفذ بعد فترة من الزمن. لذلك هنالك حاجة ماسّة لتحديد فترة إشغال المنصب في كل هيئة قيادية لفترة زمنية لا تتعدى 8-10 سنوات. على سبيل المثال لا الحصر في عدة دول أوروبية وفي الولايات المتحدة هنالك تحديد لفترة الرئاسة وكذلك الأمر بالنسبة للعديد من المناصب القيادية في العديد من الهيئات والمؤسسات. حتى في المستشفيات وكليات الطب هنالك تحديد لرئاسة وإدارة الأقسام المختلفة. حيث يستطيع المدير أو رئيس القسم، بغض النظر عن نجاحاته ولمعانه في الإدارة أن يشغل هذا المنصب لدورتين فقط لا تتعدى العشر سنوات يتم بعدها استبداله برئيس قسم جديد من أجل إفساح المجال لقدرات وإبداعات جديدة.
في النهاية بودّي أن أؤكد أن القوانين والقواعد والتحديدات مهمة جدًا خاصة إذا كانت مبنية على أساس الديمقراطية، لكنها بحاجة لثقافة خاصة والسؤال هو متى سنرتقي بثقافتنا لاستخدام هذه القوانين والقواعد بشكل حضاري وسليم؟

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر.
لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il 

مقالات متعلقة