الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 17 / مايو 09:02

د. محمود أبو فنه كفر قرع:سلطاتنا المحلّية بحاجة إلى رؤيا مستقبلية!

كل العرب
نُشر: 14/05/11 14:51,  حُتلن: 14:15

د.محمود أبو فنه في مقاله:

سلطاتنا تعاني من نسبة جباية متدنيّة من المواطنين، ومن شحّ الميزانيات والدعم الحكوميّ للمشاريع الضروريّة ولمواصلة دفع رواتب الموظفين والعاملين فيها

رغم التحدّيات والأعباء والمهامّ العديدة التي تحاول سلطاتنا المحلّيّة مواجهتها، إلّا أنّني أعتقد أنّ هناك تقصيرا واضحا في أداء تلك السلطات المحليّة وممارساتها!

السلطات المحلّيّة تجبي ضريبة الأرنونا عن تلك البيوت دون أن تعمل جاهدة وبكلّ ما لها من ثقل ومسؤوليّة على إعداد الخرائط الهيكليّة الملائمة وممارسة الضغوط

يجب أن نعترف أنّ سلطاتنا المحلّية المنتخبة – لا اللجان المعيّنة! – تواجه تحدّيات جسيمة، وتتحمّل أعباء ثقيلة، وعليها القيام بمهام كثيرة! فلا زالت بلداتنا تصارع لتوفير البنية التحتيّة الأساسيّة مثل: البدء بتنفيذ مشروع شبكة المجاري وتصريف المياه أو إتمامه، تجديد شبكة أنابيب مياه الشرب، توسيع الشوارع الداخليّة وتعبيدها، ربط البيوت والأحياء بشبكة الكهرباء، سدّ حاجات المؤسسات التعليمية من غرف جديدة وصيانة ونظافة وتجهيزات ضروريّة... كذلك تعاني سلطاتنا من نسبة جباية متدنيّة من المواطنين، ومن شحّ الميزانيات والدعم الحكوميّ للمشاريع الضروريّة ولمواصلة دفع رواتب الموظفين والعاملين فيها.

انعدام الرؤيا
ومع ذلك، رغم التحدّيات والأعباء والمهامّ العديدة التي تحاول سلطاتنا المحلّيّة مواجهتها، إلّا أنّني أعتقد أنّ هناك تقصيرا واضحا في أداء تلك السلطات المحليّة وممارساتها!
إنّ أهمّ ما يؤخذ على سلطاتنا المحلّية هو انعدام الرؤيا المستقبليّة والتخطيط بعيد المدى لبناء الإنسان/ المواطن الواعي المتنوّر، المنتمي لبلده ومجتمعه وشعبه، العارف لحقوقه وواجباته، المطمئنّ على حاضره ومستقبله، الضامن لحياة كريمة له ولأبنائه وأحفاده!
يتحدّث العالِم والباحث في علم النفس ماسلو عن حاجات الإنسان فيصنّفها في سلّم أو بناء هرميّ لا يمكن التدرّج والصعود من الحاجات الأساسيّة - التي تشكّل القاعدة – للحاجات العليا الموجودة في أعلى السلّم أو في قمّة الهرم إلّا بعد إشباع الحاجات الأساسيّة الأولى!  وبهذا السياق نورد الترتيب الهرمي للحاجات كما بيّنه ماسلو، ففي قاعدة هذا السلّم/ الهرم نجد الحاجات الفسيولوجية من غذاء وتنفس. .، ثم تأتي الحاجات العليا الأخرى.. على النحو التالي:
- الحاجات الفسيولوجية: وهي الحاجات اللازمة للحفاظ على الفرد كالتنفس والطعام
والماء والإخراج...
- الحاجة إلى الأمان، فمن أنواعه: الأمان المادي والأمان النفسي.
- الحاجة إلى الحب والانتماء.
- الحاجة إلى التقدير.
- الحاجة إلى تحقيق الذات.
- والحاجة إلى المعرفة والفهم..

رؤيا مستقبلية
والسؤال المطروح: هل هناك رؤيا مستقبلية وتخطيط بعيد المدى لدى سلطاتنا المحلّية للعمل الجادّ المدروس لتوفير الظروف والأوضاع التي تساعد في تلبيّة تلك الحاجات وإشباعها؟ إنّ النظرة الموضوعيّة المتأنيّة للأمور تشير إلى تقصير سلطاتنا المحلّية في ذلك! ففي معظم بلداتنا يوجد مئات – وأحيانا آلاف – البيوت بلا تراخيص بناء. ولا يمكن إلقاء اللوم على المواطن العاديّ – وطبعا أنا لا أشمل المواطن الذي يبني بيته عمدا وعن سابق إصرار في قسيمة مخصّصة للمشاريع العامّة – بل اللوم، كلّ اللوم، يقع على عاتق السلطة المحلّية والوزارات المختلفة التي لم توفّر وتصادق على الخرائط الهيكليّة لبلداتنا!
والسلطات المحلّيّة تجبي ضريبة الأرنونا عن تلك البيوت دون أن تعمل جاهدة وبكلّ ما لها من ثقل ومسؤوليّة على إعداد الخرائط الهيكليّة الملائمة وممارسة الضغوط للحصول على المصادقة عليها، مما يمكّن المواطن العادي الملتزم بالقوانين والتعليمات نيل ترخيص لبيت الأسرة، وربطه بشبكة الكهرباء القطرية!

وهنا يمكن أن نتساءل:
أيحقّ للسلطة المحليّة المتقاعسة جباية رسوم الأرنونا على بيت المواطن الذي حرم من ترخيص لبيته بسبب هذا التقاعس؟! ثمّ، إنّ مساحة الأراضي المعدّة لبناء المساكن لأحيائنا – وحتّى لقبور موتانا – في بلداتنا المختلفة آخذة بالتقلّص، إن لم تكن شبه معدومة!

والسؤال المطروح:
ماذا تفعل سلطاتنا المحلّية لتوفير قسائم للبناء للأزواج الشابّة، وللقبور لمن ينتقل إلى الرفيق الأعلى؟!
وقضيّة أخرى تعاني منها بلداتنا التي أصبحت تشكّل أماكن للنوم والسكنى ولا تتوفّر فيها مصادر عمل ومصادر دخل كافية وناجعة لساكنيها! أين المناطق الصناعية المصادق عليها في بلداتنا؟
لماذا لا تعمل سلطاتنا المحلّية، وضمن رؤيا وتخطيط لحاجات مواطنيها، على توفير المناطق الصناعيّة لفتح المصانع والورش المهنية المناسبة؟! لماذا لا تسعى سلطاتنا للتواصل مع المستثمرين والوزارات المختلفة وحثّهم وتشجيعهم على إقامة المصانع والمشاريع التجاريّة التي توفّر فرص العمل لحشود العاطلين في بلداتنا؟! وقد تكون تلك المصانع والمشاريع حافزا لتأهيل كوادر مهنيّة تتعامل مع مستجدّات التكنولوجيا الحديثة، وتوظّف طاقاتها وكفاءاتها في الإنتاج وغزو السوق المحلّي وغير المحلّي، وبذلك يحقّق المواطنون مزيدا من الانتماء والحيّاة الكريمة!

أيّها المسئولون والمنتَخَبون في سلطاتنا المحليّة:
لا تكفي المشاريع العادية ولا الإنجازات الآنيّة التي قد تُؤتي ثمارَها في الحاضر والمستقبل القريب، بل نريد منكم رؤيا مستقبليّة وتخطيطا مدروسا تتيح للمواطنين عامة، وللأجيال الصاعدة خاصّة، بناء حياة سعيدة آمنة! وآنذاك يمكن القول إنّ المواطنين أشبعوا حاجاتهم كلّها، ووصلوا إلى أعلى درجات سلّم ماسلو في الوعي والمعرفة وتحقيق الذات! 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر.
لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وصورة شخصية بحجم كبير وجودة عالية وعنوان الموضوع على العنوان:
alarab@alarab.co.il
 

مقالات متعلقة