قبلت المحكمة المركزية في القدس يوم 5.9.2010 الالتماس الذي قدمه د. محمود مصالحة رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بواسطة المحامي قيس يوسف ناصر من مكتب المحامي غياث ناصر

اصدرت المحكمة امراً نهائيا بمنع توسيع ساحة البراق كما هو مقترح في المخطط

اعتراض د. حنا سويد ود. محمود مصالحة مع اعتراضات من جهات اخرى ادى الى تغيير المخطط بشكل جذري

على ضوء اخبار وتعقيبات مختلفة حول قرار المحكمة المركزية في القدس بخصوص قضية باب المغاربة صوّرت للجمهور ان المحكمة صادقت على جسر باب المغاربة كما اقترحته الجهات الإسرائيلية, وهو امر غير صحيح على الإطلاق, رأينا ان نوضّح للجمهور حيثيات القضية وقرار المحكمة المركزية الأخير الذي يعتبر قرارا هاما في تاريخ النضال ضد السيطرة الإسرائيلية على منطقة الحرم القدسي الشريف.

قبلت المحكمة المركزية في القدس يوم 5.9.2010 الالتماس الذي قدمه د. محمود مصالحة رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بواسطة المحامي قيس يوسف ناصر من مكتب المحامي غياث ناصر, ضد مخطط جسر باب المغاربة, واصدرت امرا نهائيا بمنع توسيع ساحة البراق كما هو مقترح في المخطط, كما قضت انه لا يمكن تخطيط ساحة البراق إلاّ بمخطط يعدّ بمشاركة وموافقة كل الجهات المرتبطة بساحة البراق. ومع قبولها الالتماس غرّمت رئيس المحكمة المركزية في القدس القاضية موسيا أراد حكومة إسرائيل ولجان التخطيط وسلطة الآثار ومقدمي المخطط بمبلغ 30,000 شاقل.

مسار الجسر 
وتعود حيثيات القضية الى عام 2004 حيث سقط جزء بسيط من تلة باب المغاربة والتي كانت طريقا لباب المغاربة الى ذلك الوقت منذ عام 1967. في حينه انهار بشكل مفاجىء جزء بسيط من الحائط الشرقي لتلة باب المغاربة وقد كان بالإمكان اصلاح التلة بوقت قصير وبكلفة زهيدة. الا ان الجهات الأسرائيلية استغلت هذا الانهيار البسيط وأدت الى هدم كل التلة القديمة واقتراح جسر جديد لباب المغاربة يختلف كليا عن المسار الأصلي للتلة القديمة ويقترح توسيع ساحة البراق للصلاة جنوبا على حساب الأرض التي كانت عليها تلة باب المغاربة. النائب العربي د. حنا سويد والدكتور محمود مصالحة اعترضا على المخطط امام لجان التنظيم الأسرائيلية آخرها المجلس القطري للتنظيم والبناء وهو اعلى جهة تخطيطة في اسرائيل, مطالبين بابطال المخطط واعادة بناء تلة باب المغاربة. اعتراض د. حنا سويد ود. محمود مصالحة مع اعتراضات من جهات اخرى ادى الى تغيير المخطط بشكل جذري, فقد قرر المجلس القطري للتنظيم والبناء بعد الأستماع الى الاعتراضات وبعد التشاور مع ممثل اليونسكو في اسرائيل ان يكون مسار الجسر الجديد كالمسار الأصلي للتلة, والاّ يمس الجسر الجديد المحراب الذي اكتشف تحت انقاض التلة, ومنع استعمال الأرض اسفل الجسر كحجرات للصلاة وابقاء بقايا بيوت حي المغاربة التي هدمته اسرائيل عام 1967 مكشوفا للجمهور.

المخطط غير قانوني
وفي عام 2009 قدم د. محمود مصالحة رئيس المجلس الأسلامي التماسا للمحكمة المركزية ضد شرعية المخطط. وفي الالتماس الذي قدمه لإبطال المخطط طعن المحامي قيس ناصر في شرعية قرار لجان التنظيم المصادقة على المخطط, مدعيا بالأساس ان المخطط غير قانوني لأنه يخل بشكل سافر بالوضع الديني القائم منذ عشرات في منطقة الحرم القدسي الشريف وحائط المبكى والذي احترمته السلطات العثمانية وسلطات الانتداب البريطاني, كما انه يخالف القانون الدولي الذي يعتبر القدس أرضا محتلة.
ويشرح المحامي قيس ناصر المحاضر لقانون التنظيم والبناء نتائج النضال التخطيطي والقانوني بقوله: "محصلة الأعتراضات (التي قدمها د. حنا سويد ود. محمود مصالحة) وقرار المحكمة الأخير هامة جدا واذكر منها عدة امور.

 المخطط الأصلي
اولا, حسب المخطط الأصلي اقترح طمس المحراب (محراب صلاح الدين) المتواجد مباشرة اسفل باب المغاربة. بفضل الأعتراضات قررت لجان التنظيم ابقاء المحراب مكشوفا للجمهور. ثانيا, حسب المخطط الأصلي اقترح طمس بيوت باب المغاربة التي اكتشفت خلال الحفريات في تلة باب المغاربة. بفضل الأعتراضات قررت لجان التنظيم ابقاء بيوت باب المغاربة مكشوفة للجمهور. ثالثا, حسب المخطط الأصلي اقترح استعمال الأرض اسفل الجسر كغرف لصلاء النساء وهو ما يغيّر الوضع الديني بشكل جذري. بفضل الأعتراضات (بالأساس اعتراض جمعية "عير عميم"- جمعية اسرائيلية) قررت لجان التنظيم ابطال غرف الصلاة. رابعا, حسب المخطط الأصلي اقترح بناء جسر يختلف تماما عن تلة باب المغاربة من حيث الحجم, العرض والطول.

قرار المحكمة سيجمد كتفة المخططات الاسرائيلية
بفضل الأعتراضات تمخض المخطط عن جسر يلاصق بشكل شبه تام تلة باب المغاربة باختلاف نتج عن مراعاة الأثار الأسلامية التي اكتشفت اسفل تلة باب المغاربة. خامسا, حسب المخطط الأصلي اقترح توسيع ساحة البراق جنوابا لصلاة اليهود بمساحة نحو 350 مترا مربعا. المحكمة المركزية ابطلت هذا المخطط. سادسا, أن يكون الجسر قابل للتفكيك وامرا غير ثابت ولربما يتوصل الفلسطينيون لاتفاق سلام مع اسرائيل وتحل مشكلة الأقصى المبارك. لهذا نستطيع القول بان الجهات الإسرائيلية التي حرّكت المخطط لم تجن اية فائدة ومكسب من المخطط. قرار المحكمة هام جدا لأنه سيجمد كافة المخططات الإسرائيلية في ساحة البراق, ذلك انه حسب قرار المحكمة لا يمكن تخطيط ساحة البراق بشكل متقطع بل من خلال تخطيط شامل يكون باشراك وموافقة كل الأطراف المرتبطة بساحة البراق. لقد منعنا محاولة جديدة للطرف الأسرائيلي بتغيير الوضع الديني في منطقة الحرم القدسي الشريف كان سيضاف الى التغييرات الجذرية التي اجرتها اسرائيل في هذه المنطقة الحساسة منذ عام 1967.

الجسر الخشبي
وقد عقب د. محمود مصالحة رئيس المجلس الأعلى على القرار بقوله: " وأن قضية الجسر هي ثانوية بالنسبة لليهود والقضية الأصلية تتركز في الاستيلاء على التلة وما يحيط بها من أجل توسيع ما يسمى بحائط المبكى عند اليهود. لذا فان من شأن الجسر عند البعض لا مكان له, لأن الاستيلاء على الأرض هو الأساس,خاصه وأنه يوجد جسر خشبي لليهود وللاستعمال. ان الجسر المقرر اقامته هو جسر يستبدل مكان الجسر الخشبي القائم منذ عام 2004 م ولم يكن صنيعة المحكمة كما حاول البعض تصويره. ان ما نشر في الصحف من جهات معينة حول البدء ببناء الجسر هو تضليل للجمهور ولا يدل الا على جهل لقرار المحكمة, لأنه لا يستطيع أحد من اليهود بناء جسر جديد الا بعد تقديم مخطط جديد, حيث أن قسما من الجسر قد خطط في منطقة في ساحة البراق والتي يجب ارجاعها الى التلة وعدم استعمالها لتوسيع ساحة ما يسمى بحائط المبكى, أو من أجل بناء الجسر, وهذا ما قاله كذلك ممثل اسرائيل في لجنة التراث التابعة لليونيسكو البروفيسور طرنر, كونه الخبير المركزي في شؤون الجسر, بالرغم من أن كل ما ذكرناه يظهر في قرار المحكمة (التماس رقم 09/1488 قرار من تاريخ 5.9.2010). أنا لم ولن أمثل أحدا في قضايا تتعلق بالأقصى وخاصة الذين يقولون ما لا يفعلون.

 النوايا حسنة
والذين يتمثل دفاعهم بالعبارات التالية: نستنكر, نشجب, نحمل المسؤولية, نطالب الدول العربية والاسلامية واليونيسكو, وبهذا تحل المشاكل. ليعمل كل واحد منا بطريقته التي تخدم الأقصى المبارك والقدس الشريف طالما ان النوايا حسنة والعمل لوجه الله تعالى. القران الكريم يدعو الى الاعتصام بحبل الله,تعالوا نستثمر الانجازات سوية, تعالوا نتعاون, نحن خدام عندكم في كل قضية تخدم الأقصى المبارك والقدس الشريف, بالله عليكم أن تتركوا كل ما يغضب وجه الله ورسوله والأقصى المبارك. بعد شكر الله تعالى أشكر الاخوان الدكتور حنا سويد والمحامي قيس ناصر الذين لم يصلونا بألسنتهم بل كانوا شركاء لنا في السراء والضراء, وما توصلنا اليه هو ما قدره الله تعالى لنا جميعا وبمساعدة أخواننا المسيحيين العرب, وهذه المواقف ليست جديدة عند أخواننا المسيحيين العرب".

هوية القدس العربية
وقد عقب النائب د. حنا سويد على القضية بقوله: "ان قضية باب المغاربة كشفت فصلاً آخر من الاعيب السيطرة الاسرائيلية على كل شبر في القدس، وتسخير كل الأدوات والأساليب من اجل هذا الهدف، ويجب عدم الاكتفاء بالتنديد والاستنكار، في كل قضية تتعلق بالقدس، وبذل كل جهد ومسعى يحافظ على هوية القدس العربية وعلى مقدساتها التاريخية. وأضاف سويد ان الجهات الاسرائيلية تكثف من عدوانها في القدس بشكل مستمر، ويجب اخضاع قضايا الانتهاكات المتواصلة على الأماكن التاريخية الى اشراف دولي لمنع تزوير الحقائق التاريخية."