الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 17 / يونيو 13:01

في إسرائيل حريّة دينيّة - بقلم:محمود صلاح عودة

كل العرب
نُشر: 19/08/10 20:03,  حُتلن: 20:00

- محمود صلاح عودة:

شاهدت بعد أيام قليلة التشديدات الأمنية والعسكرية للسلطات الإسرائيلية في القدس وحول المسجد الأقصى تحديدًا

لهذه "الحريّة الدينيّة" في إسرائيل تاريخ حافل، فمنذ عام 1948 والسلطات الإسرائيلية تشن حربًا على المساجد والمقدسات

شاهدت قبل بضعة أيام مقطع فيديو على موقع "يوتيوب"، تحت عنوان "العقيدة في الديار المقدسة" (مترجم)، وهو عبارة عن تعريف الديانات الموجودة في إسرائيل. لم يقتصر الفيديو على تعريف الديانات فحسب، بل شكّل دعاية سياسية لإسرائيل من حيث اختيار الشخصيات الدينية، التي أظهر بعضها تأييدًا للسلطة الإسرائيلية، حتى ادعى بعضهم أن هناك "حريّة دينيّة" في إسرائيل، وزعم أحدهم متحمسًا بأن هذه الحريّة موجودة "بشكل كبير". ثم إن المقطع النهائي للفيديو الذي أظهر شمعون بيرس وهو يلقي كلمة، يقول خلالها إن "السلام وليس الشجار هو الحل"، مع خلفية موسيقيّة دراميّة، يوضّح البعد السياسي للفيلم.

بالمقابل، شاهدت بعد أيام قليلة التشديدات الأمنية والعسكرية للسلطات الإسرائيلية في القدس وحول المسجد الأقصى تحديدًا، في يوم الجمعة الأول من شهر رمضان المبارك؛ حيث احتشد وفق التقارير الإسرائيلية ما يزيد عن 2000 شرطي وجندي في البلدة القديمة وفي محيط المسجد الأقصى، يرافقهم قادة الشرطة الإسرائيلية، وتم منع الرجال دون سن الـ-45 من أداء صلاة الجمعة، كذلك النساء دون الـ-35، ناهيك عن منع أهل الضفة الغربية من الوصول بشكل شبه قطعي، إلا بتأشيرات خاصة وبعد إذلالهم في الحواجز والمعابر على أيدي الجنود الإسرائيليين، هذا ولم نأتِ على ذكرغزة وأهلها المحاصرون. وحتى من دخل للصلاة كان عليه أن يمر عبر أبواب المسجد الأقصى بعد موافقة قوات الأمن والشرطة الإسرائيلية - الموجودة عليها ليلاً ونهارًا، والتي تفتح تلك الأبواب وتغلقها متى شاءت - ولا يخلو ذلك من التضييق والعنف والاعتداءات.

لهذه "الحريّة الدينيّة" في إسرائيل تاريخ حافل، فمنذ عام 1948 والسلطات الإسرائيلية تشن حربًا على المساجد والمقدسات، حيث تم تدمير 1200 مسجد في مئات القرى، وتم تخويف الناس من زيارة المساجد بدعوات عديدة. وإهمال المساجد من قبل السلطات الإسرائيلية على مدار تاريخها كان ضمن هذه الحرب، فتمّت سرقة الأوقاف الإسلامية وتم تعيين أشخاص موالين للسلطة كمسؤولين عن هذه الأوقاف، وبعض المساجد التي كانت بحاجة إلى ترميم لم تحصل على أية تأشيرات لعشرات السنين. ولولا فضل الله، وإيمان وهمّة المصلّين وعزمهم على إحياء بيوت الله لأهملتها السلطات الإسرائيلية، وفرحت بخرابها. ثم إن الاعتقالات والتضييقات التي تتم بحق روّاد المساجد والمدافعين عن المقدّسات دليل قاطع على استمرار هذه الحرب الصهيونية.

أستغرب حقيقة من "رجال الدين" هؤلاء، فما المحرّك من وراء دفاعهم عن إسرائيل وتجميل صورتها أمام العالم؟ وما سرّ دعمهم لحوار الأديان المزيّف الذي يُظهر "حبًا" و"تسامحًا" ويُخفي غايات سياسية شيطانية، ويساوي بين الضحيّة والجلاّد؟. إن النظام الصهيوني اليوم بأمسّ الحاجة لتحسين صورته – ذات الطابع اللا-شرعي المتزايد - أمام العالم، وإن ما جاء في هذا الفيلم يصب في مصلحته دون أدنى شك، والعار كل العار، أن يستر بعض هؤلاء الذين شاركوا فيه عيوب إسرائيل وجرائمها الكثيرة بالعباءات الدينية المختلفة، ويشيّدوا بـ"الحريّة الدينيّة" في إسرائيل.
 

مقالات متعلقة