الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 29 / مايو 07:02

رسالة مفتوحة إلى الرئيس الفلسطيني - بقلم: الشيخ النائب ابراهيم صرصور

كل العرب
نُشر: 26/09/09 11:19,  حُتلن: 11:21

* ‏كم كانت مفاجئتنا كبيرة بل وصاعقة عندما تناهى إلى سمعنا موافقتكم على المشاركة في اللقاء الثلاثي الذي تم في نيويورك
* أي تعاون مع هذه المكيدة التي تحاك ، والتي لا تخفى على سيادتكم ، سيضر بشكل بالغ بالمصلحة الفلسطينية ، ولن يفيد إلا إسرائيل ومؤيديها حول العالم
* ليس هنالك ما يمكن أن يخسره الفلسطينيون إن كان موقفهم في هذه المرحلة ثابتا ثبات الجبال ، ما دام هذا الموقف منحازا إلى الحق الفلسطيني ولو مؤقتا

حضرة السيد محمود عباس / أبو مازن – حفظه الله – 5 شوال 1430 هجرية

رئيس دولة فلسطين المحترم الموافق 24 أيلول 2009

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،

لقد استبشرنا خيرا حينما أطلق الرئيس الأمريكي أوباما دعوته إلى وقف / تجميد الاستيطان الإسرائيلي في الضفة والقدس المحتلتين كجزء من رؤيته لعملية سلام جدية في الشرق الأوسط ، وما زلنا نشعر بأن الموقف الأمريكي ثابت بدرجة كافية ، رغم غياب الخطة الواضحة التي من المفروض أن تنتقل الإدارة الأمريكية لتنفيذها في حال بقيت الحكومة الإسرائيلية على عنادها الذي نراه اليوم ، وإصرارها على رفض أية صورة من صور تجميد الاستيطان ولو بشكل مؤقت ، وخصوصا في القدس الشرقية المحتلة .

بغض النظر عن تقييمنا للموقف الأمريكي ، ورَأْيِنا فيما ستنتهي إليه السياسة الأمريكية ، لا بد من التحذير هنا إلى أن أي ( تَلْيِينٍ ) في الموقف الفلسطيني أو العربي والإسلامي ، يمكن أن يشكل ضربة قاصمة لموقف أوباما ، لقد رأينا في إصراركم على رفض مجرد اللقاء بنتنياهو لا هنا في فلسطين ولا هنالك في نيويورك ، الموقف الذي نثمنه ونجله إلى أبعد حد ، هو الموقف المطلوب الذي لا مساومة عليه ، وهو الموقف الأقوى لانسجامه مع الشرعية الدولية وروح الموقف الأمريكي ، وذلك في ملف يعتبر واحدا من اخطر الملفات المتعلقة بالقضية الفلسطينية ، والمدخل لأية عملية سلام يمكن أن تفضي إلى حل ما يحقق للشعب الفلسطيني آماله الوطنية ...

‏كم كانت مفاجئتنا كبيرة بل وصاعقة عندما تناهى إلى سمعنا موافقتكم على المشاركة في اللقاء الثلاثي الذي تم في نيويورك باشتراك الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي ، الأمر الذي خيب آمال الكثيرين من الذين علقوا آمالا عريضة على ثبات الموقف الفلسطيني في وجه الرفض والاستهتار الإسرائيلي، رغم تأكيد الناطقين باسم سيادتكم أن اللقاء لا يعني بدأ المفاوضات .


من خلال متابعاتنا لردود الفعل الإسرائيلية قبل اللقاء وبعده ، نستطيع التأكيد على ( نشوة !! ) الانتصار التي تشعر بها الحكومة ابتداء من رئيس الوزراء وانتهاء بأصغر وزير، لا توصف... الكل يتحدث على أن الرهان الإسرائيلي والصهيوني العالمي على تغيير حتمي في الموقف الأمريكي وبالتالي الفلسطيني ، دون أن تضطر الحكومة إلى دفع أي ثمن ، قد فاز وبالضربة القاضية ، وفي مدة قياسية أذهلت المراقبين وحتى دهاة السياسيين ... من رأى نتنياهو ووزراءه يفركون أكفهم لتراجع العالم أمام عنادهم ، والذي أثبت في نظرهم وحسب زعمهم ( صدق !!! ) الموقف الإسرائيلي الرافض لأي تنازل مهما كان بسيطا ومؤقتا ، كمقدمة لإجراء مفاوضات لن تؤدي إلى شيء ، سيقف على عظيم الخطأ الذي ارتكب عند الموافقة على اللقاء الثلاثي ، حتى وإن جاء ( مَسْكًا لخاطر ) الرئيس اوباما ...

ومع ذلك ، وبالرغم مما جرى ، فإنه لا يخفى على سيادتكم أن الموقف الفلسطيني الرافض لأي اتصال مع الجانب الإسرائيلي ما لم يتحقق الشرط الأمريكي ، لا بد أن يعود للواجهة من جديد رغم ما أصابه من ثَلْمٍ ، لأنه بدأ يحظى بتفهم عالمي إن لم يكن من اجل ( عيون ) فلسطين والفلسطينيين ، فمن أجل ( عيون ) الرئيس الأمريكي ، والذي وضع مصداقيته على المحك بسبب مطالبته تجميد الاستيطان ، إلى درجة لا أتصور أن يتراجع عنها من تلقاء نفسه ، مهما مارست ( اللوبيات ) الصهيونية من الضغوط ، ومهما كان حجم الكيد والتآمر الخفي والعلني ضده من الجهات المساندة لإسرائيل ، الأمر الذي يجب أن نستفيد منه إلى أبعد الحدود ، خصوصا وان أي اتصال مع إسرائيل في هذه المرحلة لن يحقق شيئا للفلسطينيين من جهة أولى ، كما لم يحقق هذا النوع من الاتصال مع حكومات سابقة اعْتُبِرَتْ أكثر ( انفتاحا!!! ) أي إنجازات تُذْكَر ، كما وسيضعف موقف الرئيس أوباما وسيحقق لمؤيدي إسرائيل ما أرادوا من جهة ثانية ، وسيعيد إسرائيل إلى مركز دائرة الضوء ( كلاعب بريء ) لا تتحمل شيئا من المسؤوليات عن الانسداد السياسي الحالي ، في الوقت الذي تقف ، أي إسرائيل ، اليوم ( كمتهم وحيد ) في نظر العالم ، تتحمل وحيدة تبعات المخاطر التي تتهدد المجتمع الدولي بسبب تعنتها ورفضها التعاون ولو في حده الأدنى ، من جهة ثالثة ...

من غير أن ( أسيئ الظن !!! ) بالرئيس الأمريكي شخصيا ، وإن كنت أسيئ الظن كثيرا في ( الإستابلشمنت / المؤسسة ) الأمريكية ، فإني لا أستغرب أبدا أن هنالك من الدوائر من يعمل ليل نهار ، في التخطيط لوضع مخرج مناسب يمنع حرج الإدارة الأمريكية والرئيس أوباما المستمر ، وبما لا يخدش نسيج العلاقة الإستراتيجية بينها وبين إسرائيل ... لن يكون احترام الشرعية الدولية والالتزام بها العقبة أمام تحقيق هذا الهدف ، فالشرعية الدولية في كل ما يتعلق بإسرائيل استقرت في أسفل الاهتمامات والأولويات الأمريكية ، إلا أنها ستلجأ قريبا ، ولعلها بدأت فيما رأيناه من زيارات المبعوث ( ريتشارد ميتشل ) في المنطقة مؤخرا ، وفي اللقاء الثلاثي في نيويورك ، في ممارسة الضغط على القيادة الفلسطينية ، وعلى أطراف عربية وعلى رأسها مصر والسعودية ، في سبيل أن تتخذوا القرار ( بإذابة الجليد ) مع إسرائيل حتى قبل أن تتخذ قرارا واضحا وصريحا بوقف / تجميد الاستيطان ، فتحقق الإدارة الأمريكية مجموعة أهداف دفعة واحدة ، من أهمها ، أولا - إنهاء حرج الرئيس الأمريكي ، وثانيا - نقل الكرة إلى اللاعِبِينَ في المنطقة : فلسطين وإسرائيل والعرب ، بدل أن تظل في الملعب الأمريكو – إسرائيلي ، والعودة إلى معادلة المفاوضات المباشرة دون ضغوط خارجية ، والتي أثبتت فشلها منذ أوسلو إلى الآن ، وثالثا – إخراج إسرائيل من دائرة العزلة ، والرجوع إلى منطق إن الأطراف كلها تتحمل المسؤولية بشكل متساوي ...

ما من شك في أن أي تعاون مع هذه المكيدة التي تحاك ، والتي لا تخفى على سيادتكم ، سيضر بشكل بالغ بالمصلحة الفلسطينية ، ولن يفيد إلا إسرائيل ومؤيديها حول العالم ، كما وسيكون لها من النتائج السلبية ما لن تقوم معه للقضية الفلسطينية قائمة بعدها.

ليس أمام الشعب الفلسطيني قيادة وشعبا إلا أن ينتهز هذه الفرصة الذهبية التي أطلقها أوباما ، وعلى القيادة الفلسطينية أن تنسق الموقف مع الدول العربية الفاعلة حتى لا تؤتى من قِبََلِها ، وأن تذهب مع الشروط الأمريكية لإسرائيل إلى نهايتها ، فليس هنالك ما يمكن أن يخسره الفلسطينيون إن كان موقفهم في هذه المرحلة ثابتا ثبات الجبال ، ما دام هذا الموقف منحازا إلى الحق الفلسطيني ولو مؤقتا ...

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم /الشيخ النائب إبراهيم صرصور

رئيس الحركة الإسلامية

ورئيس القائمة الموحدة والعربية للتغيير

مقالات متعلقة