للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
في الأسبوع الماضي، قامت القيادة الشمالية بتشغيل ناقلات جند مدرعة في وادي عارة وأم الفحم. كانت ذريعة الجيش الإسرائيلي الرسمية أن الأزقة هناك "تذكر المرء بجنوب لبنان". "ذريعة" - لأن هذا ما كان هنا تمامًا. يأتي هذا التدريب بعد نصف عام من عملية "حامي الأسوار" والأحداث الأخيرة في أيار، وحتى ضباط الجيش الإسرائيلي من المفترض بهم أن يعوا ما تعنيه هذه المناورة بالنسبة لسكان أم الفحم: "نستطيع احتلالكم في أي لحظة". رئيس لجنة الرقابة في أم الفحم، علي عدنان، قال لاحقًا على راديو "ريشت بيت" إن إسرائيل تجعل من السكان العرب أعداءً مثل لبنان.
إن كان للجيش مطلب بالتدرب في بلدة تحاكي الجنوب اللبناني، فلديه ما يكفي من المساحات - والميزانيات كذلك - ليبني له منشأة للتدرب على الحرب الحضرية تشبه مرج عيون. لم يكن جيش الدفاع الإسرائيلي ليخطط إلى مثل هذه المناورة في صفد أو يخرجها إلى حيّز التنفيذ هناك، لا ينبغي ترويع السكان اليهود بهذه الطريقة. بعد أحداث أيار، ادعى الجيش الإسرائيلي أن سائقي حافلات عرب لم يحضروا إلى مناورة أُجريت آنذاك. بعد حوالي أسبوع اتضح بأن الجيش نفسه هو من رفض استدعاءهم للخدمة.
وهنا تكمن النقطة المحورية. فقد تدرب الجيش الإسرائيلي في أم الفحم كما يفعل بشكل دوري في بلدات الضفة الغربية. في أفضل الأحوال يكون السكان هناك مجرد ممثلين إضافيين. وإذا ما أطلقت رصاصة طائشة، أو قذيفة، فسيكون ذلك مؤسفًا بالطبع، لكن ليس مهمًا أكثر مما ينبغي، ولن يجذب أي اهتمام سلبي في إسرائيل.
إنّ الإنجاز الرئيسي لهذه الحكومة هو الشراكة مع القائمة العربية الموحدة في الائتلاف - إذ لم يحصل في الماضي أن شارك حزب عربي في الائتلاف الحكومي منذ قيام دولة إسرائيل. لكن كيف يُعقل بأن هذه الحكومة كغيرها تستمر في معاملة المواطنين العرب - الذين يعانون الأمرين جراء عقود من التمييز المؤسسي وتحريض المؤسسة بدرجة لا تقل عن ذلك - وكأنهم عدو؟ من هنا تنبُع الإشارة إلى الجريمة في المجتمع العربي على أنها "إرهاب"؛ من هنا أيضًا ينبع نبأ صادم آخر تم الكشف عنه بداية هذا الشهر - مفاده أن جهاز الأمن العام (الشاباك) انتزع اعترافات بالإكراه من ثلاثة من سكان يافا، على أنهم ظاهريًّا قاموا بالاعتداء على جندي. لو أن محاميهم لم يعثر على مقاطع فيديو من مكان الحادث، تُثبت أن الثلاثة وصلوا إلى هناك فقط بعد وقوع الحادثة، لكان من المرجح أن تتم إدانتهم بالاعتداء على الجندي.
هكذا هو الوضع عندما تكون مواطنًا عربيًا في دولة اليهود: أنت مذنب بكل الأحوال. يمكن إصدار الاعتقالات الإدارية للعرب وتفتيش منازلهم دون أمر من المحكمة - وهي إجراءات تُستخدم يوميًا من قِبَل الشاباك والجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية.
وهنا لا بد من التذكير بشيء يفضل اليهود نسيانه، لكنه منقوش في ذاكرة العرب في إسرائيل: لم تُبتكر هذه الأساليب في الضفة الغربية. إذ في البداية تم تفعيلها بحق المواطنين العرب في إسرائيل خلال فترة الحكم العسكري، إلى أن تم إلغاؤه عام 1966.
عمليًا، فإن المطلوب منا هو الاختيار من بين طريقتين للنظام. الأولى: نظام قائم على العرق، أي نظام الفوقية اليهودية. والطريقة الأخرى: نظام يرتكز على المواطنة. كما تقضي التعاليم اليهودية القائلة بوجوب العدالة أمام القانون لليهود ولغيرهم. كان حَرِيًّا بمن يحتجّون على تعريف إسرائيل كدولة فصل عنصري أن يقفوا كالبنيان المرصوص في وجه الأفكار الجنونية الداعية لتفعيل نظامي قانون منفصلين - داخل حدود إسرائيل نفسها! - تجاه اليهود من جهة وتجاه بقية الإسرائيليين من جهة أخرى. ويال العجب! هؤلاء المحتجون عينهم هم من يروجون لإحياء ممارسات الحكم العسكري مجددًا.
إنّ حقوق الإنسان أمرٌ لا يقبل التجزئة: إن لم تُمنح الحقوق للمواطنين العرب في إسرائيل، فحقوق اليهود ستكون عرضة للتقويض أيضًا. ستغدو الأدوات المستحدثة مغريةً للغاية في نظر الشرطة وقوات الأمن الأخرى. من الأفضل أن نوقف ذلك قبل فوات الأوان
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com