مقالات

نحن والأسماء/ بقلم: الكاتب والأديب محمّد علي طه

محمّد علي طه 13:49 29/07 |
حمَل تطبيق كل العرب

على الرّغم من وجود الاف الأسماء في لغتنا الغنيّة الا أنني أجد نفسي في أحيان عديدة أقضي دقائق وربما ساعات وأنا أبحث عن اسم ملائم ليكون بطلاً لقصّتي لأنّ الاسم يخدم الفكرة ويتفاعل مع الأسلوب ومع اللغة ومع الفضاء الصغير أو الفضاء الكبير. الذي يتنفس فيه البطل وكذلك حالي مع اختياري لاسم القصة أي عنوانها واسم المجموعة القصصيّة أو الكتاب فكم مرة غيّرت وبدّلت اسم القصة أو اسم الكتاب قبل النشر وكم أعياني ذلك البحث.

جاء في القران الكريم أن الله تعالى علّم ادم الأسماء كلها وبذلك تفوّق الإنسان على الملائكة، وهذا دليل على أهمية الاسم، منذ بدء الخليقة ودليل على تفوّق الانسان على المخلوقات الأخرى وقدرته فيما بعد على تسمية الاشياء المحسوسة وغير المحسوسة وأن يبدع هذه الاسماء من الطبيعة التي يعيش فيها وتعيش فيه وقد عرف أجدادنا قبل الاسلام أهمية الاسم فمنحوا الاسم الجميل للانثى من مواليدهم وأطلقوا الاسماء الحسنة على عبيدهم وجواريهم من منطلقات ماديّة واجتماعيّة فيما سموا مواليدهم الذكور أسماء قد تبدو قبيحة ليبعدوا عنهم شرّ الحاسدين وعيونهم التي تفلق الحجر وتعلّ البشر.

رُوي حديثٌ عن النبيّ صلعم يقول "خير الأسماء ما حُمّد وعُبّد" وفي حديث أخر ما معناه أنّ من حق المولود على الوالد الاسم الحسن كي لا يعاني من اسم قبيح أو خشن طيلة عمره. وقد عمد العرب القدماء من منطلق التيمّن والتفاؤل أن يسمّوا الأعشى "أبا بصير" والأعور "عينه كريمة" والصحراء القاحلة المخيفة "مفازة" ومن لدغته أفعى وشفاؤه صعب "سليما" الخ.

document.BridIframeBurst=true;

var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });

كان الشّاعر ابن الروميّ يتطيّر من أسماء مثل علقمة وحنظلة ومرّة كم أنه تطيّر من الاسم "اقبال" لأن مقلوبه "لا بقاء" ومن "حسن" لأن فيه كلمة "نحس" ومن جعفر لأنه اختصار "جوع وفقر" كما اعتقد.

هناك أسماء عديدة تخالف أصحابها في الخَلق والخُلق فكم من "كريم" وهو بخيل ومن "جميل" وهو قبيح ومن "صالح" وهو طالح ومن "صادق" وهو كاذب ومن "مرشد" وهو ضالّ وضليل ومن "شريف" وهو بعيد عن الشّرف والأخلاق. وهذا يذكّرني بقادة اسرائيل الذين دأبوا على أختيار اسماء شعريّة ورومانسيّة تتناقض مع مضمونها للعمليات العسكريّة العدوانيّة منذ ما قبل النّكبة حتى اليوم فقد سموا العدوان على لبنان "سلامة الجليل" وفي مرة ثانية "عناقيد الغضب" كما سموا العدوان على شعبنا الفلسطينيّ "الجدار الواقي" و "الرّصاص المسكوب" كما سموا عملية "تطهير" مدينة حيفا من العرب في نيسان النكبة "احراق الخمير".

لا شكّ بأن الاسم كثيرا ما يشير الى قوميّة صاحبه فهناك اسماء خاصة بالعرب واسماء خاصة بالروس وبالفرنسيّين وبالانجليز وبالأسبان وبغيرهم كما أن هناك اسماء خاصة بالديانات مثل الأسماء الإسلاميّة والأسماء اليهوديّة والأسماء المسيحيّة. وهناك اسماء تعبّر عن فترات تاريخيّة فقد انتشرت اسماء "جمال" و "خالد" و "ناصر" في زمن الرّئيس عبد النّاصر كما انتشرت اسماء "ياسر" و "عمار" و"عرفات" و"اياد" و"جهاد" في زمن الرّئيس ياسر عرفات وصعود الثّورة الفلسطينيّة ولا ننسى أسماء مثل "جزائر" و"صنعاء"و"عدن" و"جميلة" و"رجاء" و"لينة" و"ليلى" التي تذكّرنا بثورات وأحداث تاريخيّة حدثت في أيام ميلادهن.

ومن الجميل أن الفلّاح الفلسطينيّ أطلق أسماء على مواقع الأرض وهذا دليل على حبّه لها وتعلّقه بها.

ولعلّ خير الأسماء ما سهل لفظه ولاءم صاحبه وحامله شكلاً ومضمونًا.. وأرجو أن تصبحوا على أسماء جميلة وحلوة لفظاً ومعنى وتطبيقًا.

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com       

 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربة المستخدم. هل تسمح؟

عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا

الخامس +1 234 56 78

فاكس: +1 876 54 32

البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio