خاطرة

عن الشمعة التي تحرق نفسها/بقلم: أ.د فاروق مواسي

كل العرب 07:48 19/11 |
حمَل تطبيق كل العرب

الشمعة التي تحترق لتضيء على الآخرين

................

كتبتُ قصيدة في وصف المعلم على لسان طالب، وقلت فيها:

وظلت شمعة كبرى *** تضيء لنا وتحترق

document.BridIframeBurst=true;

var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });

نساجلها تفانيَها *** فيسطع ضوءُها الأَلِقُ

ظننت هذا المعنى حديثًا، وأنني استقيته من حديث الناس، حيث المعنى التفاني والإيثار،

فإذا به أقرأه مؤخرًا في أشعار العرب، وبصور مختلفة:

يقول العباس بن أحنف:

أُحرَم منكم بما أقول وقد *** نال به العاشقون مَن عشقوا

صرتُ كأني ذُبالة نُصِـبتْ *** تضيء للناس وهي تحترقُ

(الذبالة: الفتيلة التي تُسرج)

ديوان العباس- دار صادر، ص 221.

وهو أيضًا شبيه بقول المُرتضَى بن الشهرزوري عن الشمعة في قصيدة ذكرها ابن خِـلِّـكان:

كمثل الشمعِ يُمتع من *** ينادمه وينمحق

انظر (وفَيات الأعيان) مادة المرتضى- توفي 511هـ

...

كما نُسب لأبي الفضل الميكالي هذا المعنى أيضًا في قوله وهو يصف الشمع:

تحمّل نورًا حتفُه فيه كامن *** وفيه حياة الأُنس واللهو لو يدري

الحصْري- (زهر الآداب)، ج2، ص 693.

.. ومن الحكم السائرة قول أبي العتاهية، وهو يذكر السراج هذه المرة :

وبَّخت غيرك بالعمى فأفدته .... بصرًا وأنت محسِّنٌ لعماكا

كفتيلة المصباح تحرق نفسها .... وتنيرموقدها وأنت كذاكا.

...

(ديوان أبي العتاهية، ص 361- دار صادر)

ليس بعيدًا عن وصف أبي العتاهية المؤنّب، وجدت تشبيهًا ورد بصورة سلبية لأن التصرف كان سلبيًا:

روى الطبراني بإسناد صحيح عن جندب أن رسول الله قال:

" مثل العالم الذي يعلم الناس وينسى نفسه كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه".

(انظر صحيح الجامع : 5831)

بالطبع فمن تصدر للتعليم عليه أن يعلّم نفسه أولاً، وإلا فهذه ليست تضحية بقدر ما هي تضليل..

...

ما رأيكم فيمن يعارض أن نشبّه المضحّي بالشمعة، ويرى أن التشبيه الأصوب هو:

"كن كالمصباح يضيء لنفسه، ويضيء لمن حوله-

دون ان يحترق"؟

...

الشيء بالشيء يُذكر:

...

* للشاعر الصنوبري ت. 945 م موقف آخر، إذ يرى تشبيه حياة الإنسان بحياة الشمعة- التي لا نعرف متى تُطفأ:

مجدولة في قدّها *** حاكيةٌ قد الأملْ

كأنها عمر الفتى *** والنار فيها كالأجل

* من جهة أخرى نجد في شعر أبي الفتح البُستي أنه يشبه هذا العطاء -الذي بدأنا به عن الشمعة- بما تنسجه دودة القزّ على حساب حياتها:

ألم ترَ أن المرء طولَ حياته *** مُعَنًّى بأمرٍ لا يزال يعالجهْ

كذلك دود القزّ ينسج دائمًا *** ويهْلِك غمًّـا وسطَ ما هو ناسجهْ...

وقالوا قديمًا: الإبرة تكسو الناس وهي عارية.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربة المستخدم. هل تسمح؟

عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا

الخامس +1 234 56 78

فاكس: +1 876 54 32

البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio