مقالات

اليرموك وأخواته/ بقلم: سمير عطا الله

كل العرب 08:27 13/06 |
حمَل تطبيق كل العرب

سمير عطا الله في مقاله:

لم يعد شيء يمكن أن يرد سوريا إلى سوريا لقد تحوَّلت إلى أكبر مخيم في العالم

1100 فلسطيني في مخيم لا فرق فيه بين الموت والحياة رقم معيب لأن قدر الفلسطينيين أن يُقتلوا في أرضهم وليس في ضواحي دمشق ولا في صبرا وشاتيلا

ذكرت صحيفة «العربي الجديد» أن 1100 فلسطيني قتلوا في مخيم اليرموك منذ 2011 حتى الآن. هل هم أغلى من 230 ألف سوري قُتلوا في تلك الفترة؟ دعونا لا نزيد الكوارث مأساوية. هذا مثل القول: ما لنا ولآثار تدمر؟ الآن همّنا البشر لا الحجر. فالحجر هو تاريخ الأمم، والشاهد على تاريخ البشرية، وهو أحيانا، مصدر رزق الأحياء والفقراء والأمم. وعندما ذهبت مرة إلى تدمر، لم يأخذني فقط بهاء الحجر القائم في وجه الشمس منذ قرون، بل أُخذتُ أيضا بأنس أهل المدينة وبسطائها، والذين لا يزالون يعيشون من دخل الحجارة الرائعة، وكأنهم في أيام زنوبيا وقوافل روما.

document.BridIframeBurst=true;

var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });

1100 فلسطيني في مخيم لا فرق فيه بين الموت والحياة، رقم معيب. لأن قدر الفلسطينيين أن يُقتلوا في أرضهم، وليس في ضواحي دمشق، ولا في صبرا وشاتيلا. وما من فارق بين أن يُقتلوا دفعة واحدة، أو في التعذيب البطيء، والتجويع، والحصار غير الإنساني. ليس هذا حظ الفلسطينيين من «قلب العروبة النابض»، نظامًا، أو معارضة. فقد كان يقتضي أن يعامل المخيم، من قبل الفريقين، على أنه جزيرة، أو محميّة بشرية، لا يورطه أحد في الصراع، ولا يكبّده أحد هذه الأثمان المريعة في مواجهة لا علاقة له بها.

كان هذا أشبه بإطلاق اسم فلسطين على أسوأ السجون سمعة في سوريا. مسكينة في كل مكان، «قضية العرب الأولى». شرّدتها إسرائيل مرتين، وشردناها من مخيم إلى مخيم. وفي أراضي البطولة ممنوع على الفلسطيني أن يعمل، وأن يتملك، وأن يتمتع بحقوقه المدنية.

هكذا عامل الألمان اليهود. منعوهم من شراء الأرض، ومن تملك البيوت، فانصرفوا إلى التجارة والبورصة والعلم. وبعد فترة، اكتشفت برلين أنهم أثروا وتفوّقوا. ومنعت إسرائيل الفلسطينيين من الوظيفة والتملُّك والحقوق، فانصرفوا إلى العلم. وذات يوم، فاخر أبو عمار بالتساوي في عدد حملة الشهادات مع الإسرائيليين.

في بعض الدول العربية، ظل الفلسطينيون مجرد لاجئين بلا حقوق، وحتى بلا وثائق سفر. غير أن مأساة اليرموك، مثل مأساة صبرا وشاتيلا من قبل، كانت أسوأ ما لحق بالشتات من عذاب. وإذا كان هناك ما هو أسوأ، فهو قول «العربي الجديد» إن الذي تولّى حصار اليرموك والتنكيل بسكّانه، كان الجبهة الشعبية – القيادة العامة لزعيمها أحمد جبريل.

مثل إضافة الإهانة إلى الجرح. ثمة من قال إن بعض فلسطينيي المخيم تورط في النزاع السوري. ربما. لكن العقاب الجماعي غير جائز. والبعض يرد إذا كانت سوريا كلها قد تعرّضت لعقاب جماعي، فهل يمكن استثناء الفلسطينيين؟ تأخر الآن كل قول. لم يعد شيء يمكن أن يرد سوريا إلى سوريا. لقد تحوَّلت إلى أكبر مخيم في العالم.

نقلاً عن الشرق الأوسط

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربة المستخدم. هل تسمح؟

عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا

الخامس +1 234 56 78

فاكس: +1 876 54 32

البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio