كميل فياض في مقاله:
التفكير نفسه القائم وراء سلسلة الخرافات هو ذاته خرافي لا وجود له في ذاته إذ هو مجرد إنعكاس "فتوغرافي" ظلالي عفوي كحركة الموج والهواء بالنسبة للطاقة المُحركة
الإنسان عدو ما يجهل كما قيل .. والحق ليس سهلا على من عاش ألف أو ألفي أو ثلاثة آلاف عام وأكثر على عقيدة مقدسة تنطوي على علاقة حميمة (بالحلول) الشافية لكل إشكالات ومعضلات الغيب والواقع
الفكر الذي هو كالموج في البحر يدرك الزبد فوقه ولا يعي البحر مصدره وخلفيته وأساسه وما طلب النموذج والقدوة من قبل المؤمن إلا تأكيدا على عبوديته للماضي ولأشكال الفهم التقليدي غير المجدي والعبثي ولإتكاله على "منقذ مخلص" من خارجه
document.BridIframeBurst=true;
var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });أُدرك مدى خطورة وصعوبة المواجهة العرفانية التجاوزية للسائد من معتقدات وأفكار ومفاهيم، خصوصا في منطقتنا وفي مجتمعنا الشرق أوسطي عموما، حيث الصفة المشتركة السائدة هي واحدة وهي ذاتها لدى اتباع المعتقدات "التنزيلية والتأويلية على حد سواء" وهي ثنائية الوجود – الخالق بصفتة الشخصية الماورائية القائمة بذاتها من جهة - والخليقة بصفتها المختلفة عن الإله الى حد الإنفصال والتناقض من جهة أخرى.. واستناد كل ذلك على منطق الإيمان المستند بدوره في أفضل أحواله على المنطق السببي الشكلي الصوري، الذي اعتمده الأعرابي في صيغة: البعرة تدل على البعير، كما اعتمده الفيلسوف في صيغة: تداعي الأسباب الى مسبب قائم مكتف بذاته خارج المنظور الحسي.
إقتحام المواجهة
ما يبرر إقتحام المواجهة عدة أمور. أولا: مسألة الكشف عن حقيقة الوجود والتحقق بها، ثانيا: كون هذا الكشف يتحدث عن حقيقة الإنسان بإطلاق، وليس عن حقيقة خاصة لشخص أو لمذهب أو لغيب معين، بالتالي لا مكان للسرية التقليدية هنا، كوننا نعيش في عصر الحرية والديمقراطية، التي لا نقرها دون قيد أو شرط كما هو سائد، المهم أنها تكفل الحرية الفكرية. ثالثا: آن الأوان لمواجهة ما نعتقده ونؤمن به دون جدوى مدى آلاف السنين.. والقصد هنا العمل على تحويل الطاقة الإيمانية الوجدانية من العلاقة بالغيب الماورائي – كجزء آخر من الوعي ذاته في النهاية، الى علاقة بحقيقة الوجود الواضحة داخل الانسان.. وهذا أمر يحتاج الى قدر كبير من المرونة والإنفتاح العقلي والليونة النفسية والتوجه الروحي.. ويحتاج الى تواضع ورغبة في الكشف عن الحقيقة.. الحقيقة التي هي ليس من خلق الإنسان، حيث لا يمكن التفكير بها واستعمال الإرادة الشخصية، أو الدوافع الغريزية في طلبها، كما هو الأمر في طلب الدين والعلم وسائر مطالب الإنسان "دنيا وآخرة".. الحقيقة الأبسط والأعمق، والتي فيها تكمن الحرية والسعادة والطمانينة والجمال والخير والحق وكل ما هو إيجابي في الجوهر الوجودي.. الحقيقة التي تظهر للوعي كجوهرة، بعد توقف كل نشاط إرادي في سكون وصفاء التأمل والتحقق. إذ ذاك يختف الأنا ويبقى اللا أنا بغير صفات، واحد مع الكون، مع كل ظاهر وباطن. هذا هو التحقق.
معارضة وإنكار
من الطبيعي أن يلقى هذا الطرح معارضة وإنكار من قبل الكثيرين لدوافع عدة، منها ضيق الأفق الشخصي، المنطلق من إعتبارات سيكلوجية "ايغوئستيت" ومنها دوافع محض عقائدية، فلسفية، ثقافية، سياسية الخ .. والإنسان عدو ما يجهل كما قيل .. والحق ليس سهلا على من عاش ألف، أو ألفي، أو ثلاثة آلاف عام وأكثر على عقيدة مقدسة، تنطوي على علاقة حميمة (بالحلول) الشافية لكل إشكالات ومعضلات الغيب والواقع، انتهى المؤمن وفرغ من مواجهتها قبل أن يولد، إذ هي واصلة إليه كاملة خالصة لا يأتيها الباطل من كل جهاتها.. وفجأة يأتي (متطفل) يدّعي المعرفة والتحقق لينسف له كل ما يتمسك به من خالد ومقدس.. كيف يمكن ذلك.. ولا مكان للحجة ولا للمنطق بالمفهوم الحسي الخالص، وحيث لا نموذج نتقدم به ولا قدوة لطالب القدوة..؟! إذ أن فكرة النموذج والمثال عائق يحول دون التحقق هنا، من حيث حضور النموذج في وعي طالب النموذج من تجربة الماضي ومن ثقافة الماضي، بينما الحقيقة الوجودية الجوهرية هي فوق الزمن وفوق الحدود وفوق التقييدات الذهنية الفكرية والشعورية.. إنها مشكلة التفكير العادي التقليدي المسترسل والمسيطر نفسيا وذهنيا، والضارب جذوره في اللاوعي منذ الخرافة المتمثلة في قصة آدم والجنة والحية الخ ..
إنعكاس فتوغرافي
هذا التفكير نفسه القائم وراء سلسلة الخرافات هو ذاته خرافي لا وجود له في ذاته، إذ هو مجرد إنعكاس "فتوغرافي" ظلالي عفوي كحركة الموج والهواء بالنسبة للطاقة المُحركة.. الفكر الذي هو كالموج في البحر يدرك الزبد فوقه ولا يعي البحر مصدره وخلفيته وأساسه .. وما طلب النموذج والقدوة من قبل المؤمن إلا تأكيدا على عبوديته للماضي ولأشكال الفهم التقليدي غير المجدي والعبثي، ولإتكاله على "منقذ، مخلص" من خارجه ..عندما يشترط علىّ المؤمن تفهمي وفهمي له دخولي قالبه، هو ليس فقط نفي وإلغاء لحقيقتي، بل هو نفي وإلغاء وإنكار لحقيقة وجوده هو، من حيث أن حقيقة الوجود هي ذاتها بالنسبة لي وله ولنا جميعا ولكل شيء.. إنه غير مستعد لفهمي إلا إذا أدخلت فضائي غير المحدود في شرط فهمه الإصطلاحي الديني الخاص المتعلق بمذهبه وتفسيره، أي لا يقيم معي تسوية إلا إذا أحالني لجزء من قناعاته الموروثة، التي تعود الى ملايين السنين – كأفكار- والتي تعوَّد خلال حياته اليومية (التفشيق) عن تناقضاتها وسطحيتها، كأنها غير قائمة أو خالية من كل عيب.. ولا يجوز لي السماح بذلك إخلاصا للحقيقة أولا وأخيرا ..
حقيقة الوجود
لا يجوز (الصمت).. كشاهد يرى الظلام يتحكم في عقول الناس، يربطهم بأوهام يخلقها لهم ويزخرفها بأمنيات وآمال كاذبة.. لن أكن شاهد زور، وسأواصل الكتابة والحديث في الموضوع ما دمت شاهدا وقادرا على الإدراك والتعبير.. وأن في الكتب المقدسة لمختلف المذاهب والأديان ما يدعم هذا التوجه ويشير الي ما في الدعوة من حقائق .. إن حقيقة الوجود التي هي حقيقة الله، هي حقيقة واحدة تشمل الإنسان في ذاته وطبيعته الجوهرية المطلقة، وعلينا قراءة ذلك ببصائرنا، كما قرأها العارف الهندوسي والبوذي والتاوي والزيني والصوفي والعرفاني والأفلوطيني الخ .. ولتجاوز ثنائيات الوجود في سبيل الكشف عن وحدة الوجود تتحدث الكبالاة العبرية في كثير من فصولها، كما تتحدث الجيتا الهندية، كما يتحدث الإنجيل على لسان عيسى "أنا فيكم وأنتم فيّ .. والملكوت داخلكم.." الخ، والقرآن ينفي أيضا ثنائية الوجود برمزه "لشجرة الزيتون غير الشرقية ولا غربية". ومن ذلك جاء على لسان هرمس التوحيدي: وجعل لكل سبيلا اليه في نفسه ومن نفسه، ولذلك اختلفت عقيدة كل نفس كما اختلفت الأهواء والأرباب، وعين حقيقتها هي الصور للمعبود الواحد في مرآته.
موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع علي العنوان: alarab@alarab.net
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio