حملت مدينة "عكا" عدة أسماء عبر عصورها التاريخية ، ففي العصر الكنعاني أطلق عليها مؤسسوها اسم "عكو" وهي كلمة تعني "الرمل الحار" وسماها المصريون عكا أو عك، وفي رسائل العمارنة وردت باسم عكا، ونقلها العبريون بالاسم نفسه. ذكرها يوسيفوس فلافيوس باسم عكي ووردت في النصوص اللاتينية باسم عكي، وفي النصوص اليونانية باسم عكي. أخذت المدينة اسم ACKON عكون ابان حكم الفرنجة لها، كما سميت d'acre -Saint - Jean وقبل ذلك في العهدين الكلاسيكي والبيزنطي حملت اسم بتوليمايس ، وظلت تحمله من القرن الثالث حتى القرن السابع الميلادي. وعندما جاء العرب سموها عكا معيدين لها بذلك اسمها الكنعاني القديم بتحريف بسيط، وظلت تحمله إلى يومنا هذا. تاريخ المدينة مر على مدينة عكا الغزاة من العصور القديمة حتى العهد العثماني. سنة 16 هـ ، فتحها شرحبيل بن حسنة . سنة 20 هـ ، انشأ فيها معاوية بن أبي سفيان دار لصناعة السفن الحربية " ترسانة بحرية" سنة 28 هـ انطلقت السفن الحربية العربية من عكا إلى جزيرة قبرص. حكمها الشيخ ظاهر العمر الزيداني فترة من الزمن هو وأبناؤه خلال القرن الثامن عشر، وهو من بني أسوار عكا. حكمها أحمد باشا الجزار فترة من الزمن في نهاية القرن الثامن عشر. سنة 1799م أوقفت عكا زحف نابليون بونابرت وجيشه الفرنسي الذي وصل إليها بعد أن احتل مصر وساحل فلسطين، لقد حاصرها مدة طويلة، فشل في اقتحام أسوارها ودخولها ولقد رمى قبعته من فوق سور عكا داخلها، لأنه لم يستطع دخولها، وماتت أحلامه في الاستيلاء على الشرق وعاد بجيوشه. في 4.2.1918 م احتلها البريطانيون. احتلها العصابات الصهيونية المسلحة بتاريخ 18.5.1948 بعد قتال عنيف وبقى عدد كبير من الفلسطينيين في عكا حتى الآن.
كان قضاء عكا تابعا للواء الجليل الذي مركزه مدينة الناصرة، ويرأس القضاء قائمقام، ويشتمل على عدة قرى ويدير المختار مهام القرية. كان مجموع سكان القضاء عام 1945 68,330 نسمة منهم 65,380 من العرب و 2,950 من اليهود أي بنسبة 4,3% من مجموع السكان.النشاط الاقتصادي تنوعت أسباب العيش لدى سكان عكا عندما كانت مدينتهم تنعم في مركزها الاستراتيجي، فلقد سبق وأن كانت المنفذ البحري لكل من شمال فلسطين وجنوب سوريا ولعبت دورا هاما طويل الأمد في اقتصاديات المنطقة، وبقى الوضع الاقتصادي يتطور حتى أواخر القرن التاسع عشر، عندما أصبحت عكا تابعة لولاية بيروت وبدأت الموانئ السورية تنافس ميناء عكا، وافتتاح الخط الحديدي، الذي يصل حيفا بدمشق، فتحولت البضائع عن طريق ميناء حيفا لتأخذ طريق حيفا ويافا، ولكن المدينة استطاعت تعويض خسارتها واتجهت إلى المجالات التالية:الزراعة :نشطت الزراعة بشكل واسع وساعد على ذلك خصوبة الأراضي وجودتها، واشتهرت فيها زراعة الحمضيات والزيتون والحبوب والتبغ. الثروة السمكية:يشتهر خليج عكا بالثروة السمكية وبتنوع تلك الأسماك ، ومن أهم الأسماك ( الشبوط، أبو منقار، البوري، الغزال، المنورين، المشط، القريدس، الفريدن والأخطبوط ). الصناعة:يمكن تصنيف الصناعات في مدينة عكا إلى قسمين، صناعات تقليدية وصناعات حديثة. الصناعات التقليدية:صناعة الفخار، النحاس، شباك الصيد، الحلويات. الصناعات الحديثة:كانت توجد في عكا عدة مصانع قبل النكبة 1948 أهمها: معامل الكبريت، معامل المياه المعدنية، معامل النسيج، معامل الألبان والجبن. أسواق المدينة:السوق الأبيض: سوق شرقي يقع شرق جامع الجزار ويلاصقه، ويتألف من صفين من الحوانيت المعقودة، ويفصلهما ممر عريض مسقوف، وعلى يمينه ناحية المدخل سبيل ماء يعود تاريخه إلى عهد الوالي سليمان باشا 1814م. السوق الطويل:ويحتل منتصف البلدة القديمة، يبدأ من ساحة ( الحناطير ) في الشمال حتى ساحة الجرينة جنوبا. وهو عبارة عن محلات تجارية تقع على جانبي الطريق . والطريق مرصوفة بالحجارة، لا يتجاوز عرض الشارع خمسة أمتار، ويضم محلات لبيع الخضار والفواكه، ومحلات أخرى لبيع المواد الغذائية من سمانة وحلويات. وفي أقصى الجنوب من السوق تنتشر محلات بيع السمك ، حيث نجد أنواعا عديدة من الأسماك.
الحياة الثقافية :تمتع سكان عكا بكل مظاهر حياة المدن منذ فترة طويلة واهتموا بالتعليم وتطوره بشكل مستمر.التعليم زمن الحكم العثماني:كان في عكا عام 1901م المدارس التالية: • المدرسة الإعدادية. • مدرسة الجزار ( المدرسة الاحمدية ). • مدرسة الروم الأرثوذكس ( للبنين ) مستواها يعادل مستوى الرشيدية. • مدرسة الروم الأرثوذكس ( للبنات ) ابتدائية. • مدرسة البروتستانت ( للبنين ) إنكليزية ابتدائية. • مدرسة البروتستانت ( للبنات ) إنكليزية ابتدائية . • مدرسة الكاثوليك ابتدائية. • مدرسة الراهبات ( للبنات ) فرنسية رشيدية. • مدرسة اللاتين إيطالية ابتدائية. • المدرسة الإيرانية (إيرانية ابتدائية). هذا بالإضافة إلى ثلاث مدارس حكومية، واحدة إعدادية وواحدة ابتدائية للبنين وأخرى ابتدائية للبنات.كان عدد المتعلمين زمن حكومة الانتداب البريطاني من سكان عكا من سن 7 سنوات وما فوق حسب إحصاء 1931 ما يقارب 840 ذكورا من كل ألف ذكر و 308 إناثا من كل ألف أنثى. وفي مطلع الأربعينات كان في عكا ست مدارس إسلامية بما فيها مدرسة الجزار وأربع مدارس مسيحية. وفي أواخر العهد البريطاني في العام الدراسي 1947 - 1948م كان في عكا ثانوية كاملة تابعة لإدارة المعارف، كانت هناك مدرستان للبنات: ثانوية ومتوسطة ابتدائية، وكانت جميع المدارس تهتم بالحركات الكشفية والرياضية والزراعية خاصة مدارس تهتم بالحركات الكشفية والرياضية والزراعية خاصة مداس الذكور. وبالقرب من مزرعة الحكومة ( الدبوية ) كانت هناك مدرسة إصلاحية للأحداث، وهي مزودة بالخبراء الذين يشرفون على تهيئة هؤلاء الأحداث وإصلاحهم، وقد دربوا بإتقان على بعض الحرف والعمل في الزراعة بطرق علمية، وكانت لهم مزارع تدريبية نموذجية. اهتم الأهالي بإرسال أولادهم وبناتهم إلى المدارس، ونشطت الحركة العلمية، وتابع الخريجون دراساتهم العليا في القدس ودمشق وبيروت والالتحاق بالكليات الجامعية. وكان في عكا في تلك المرحلة 4 محامين و 5 أطباء من أبناء البلدة .
الحياة الاجتماعية والعادات والتقاليد الاحتفال بالأعياد والمناسبات:تشكل الاحتفالات بالأعياد والمناسبات ظاهرات مميزة عند أهالي عكا، فأهل المدينة متدينون محافظون، فكانت جوامع البلدة الستة تغص بالمصليين يوم الجمعة، كما كانت تنتشر بعض الطرق الصوفية وأصبحت لها زواياها الخاصة، حيث تقام فيها الشعائر الدينية وحلقات الذكر، مثل الزاوية الشاذلي والرفاعية والحميدية، وفي مساء ليالي الاثنين والجمعة كانت تسمع أصوات الأذكار في مناطق متعددة بالمدينة. وتسمع يوم الأحد أصوات النواقيس تصدح في ضحى ذلك النهار، ويهب المصلون ساعين إلى كنائسهم فرادى وجماعات لأداء الفرائض الدينية.كانت المناسبات والأعياد تجمع المسيحيين والمسلمين صفا واحدا، وما أكثر ما احتفل المسيحيون في الأعياد الإسلامية وشاركوا في إحيائها، وكذلك كان يفعل المسلمون في الأعياد المسيحية، أما المواقف الوطنية والسياسية، فكان الصليب يعانق الهلال للدفاع عن الأماني المشتركة بدون استثناء، ويعتبر يوما الجمعة والأحد من الأعياد الأسبوعية عند أهالي عكا، ففي هذين اليومين كانت المدارس تغلق أبوابها ويخرج الناس من بيوتهم بعد الظهر، وقد لبسوا أحسن ما لديهم قاصدين الشط الغربي الصخري، الممتد بين السجن ومركز البوليس، فترى الناس أمواجا من البشر يتمتعون بهواء البحر المنعش، بينما يذهب آخرون إلى الشط الشرقي وبعضهم يسعى إلى حديقة البلدية، حيث الأراجيح والألعاب للأطفال، والبعض يتجه إلى البلاجات للسباحة على الساحل الرملي جنوب محطة سكة الحديد، والكل ينشد الراحة والمتعة وتمتين العلاقات الاجتماعية مع الآخرين .كنت ترى العديد من الناس قد اعتادوا التنزه في شوارع عكا الجديدة ، يسيرون على الأرصفة بين الأشجار والبنايات الفخمة، يتسامرون ويتحدثون ويجرون عربات الأطفال التي تنقل صغارهم، هذا ونشطت السينما في الفترات الأخيرة نشاطا كبيراً، وكان في عكا سينما غير ناطقة في ساحة الجرينة في الثلاثينات، أما في الأربعينيات فأصبح فيها اثنتان حديثتان هما سينما البرج، وهي موجودة في البلدة القديمة وتقع فوق البوابة الرئيسة، والأخرى سينما الأهلي خارج الأسوار في عكا الجديدة، وعلى الطريق الرئيس العام الذاهب إلى مركز البوليس غرباً، وكان الإقبال عليهما شديداً طيلة أيام السنة، ويشتد الزحام في مواسم الأعياد ومساء كل سبت وخميس من الأسبوع. المقاهي: اعتاد أكثر الناس من أهالي عكا ارتياد المقاهي طلباً للراحة، لذلك كانت المقاهي في عكا كثيرة العدد وبشكل خاص في البلدة القديمة.