لسنا من هواة القتل ولا نحترف عمليات سفك الدماء. وهذا الامر نابع من قناعاتنا الداخلية بان العنف على جميع اشكاله لن يؤدي في نهاية المطاف الى ايجاد الحلول للمشاكل السياسية والاجتماعية والعرقية العالقة بين البشر على هذه البسيطة. واكبر دليل على ما نقوله هو الصراع العربي الاسرائيلي الذي راح ضحيته حتى الآن الآلاف من ابناء الشعبين، وحسب الدلائل والمؤشرات فان التصعيد في اعمال العنف سيستمر بسبب عدم وجود افق سياسي لانهاء النزاع التاريخي بين الشعبين، أي ان عدد الضحايا من الطرفين سيزداد للاسف الشديد. نسوق هذا الكلام ونحن نتابع ما يجري في قطاع غزة. الجيش الاسرائيلي يواصل عملياته ضد من يسميهم بالمطلوبين الفلسطينيين، الذين يتهمهم بالمسؤولية عن اطلاق صواريخ القسام من القطاع باتجاه البلدات اليهودية الواقعة في الجنوب، وتحديدا بلدة سديروت، وحسب الاحصائيات الاسرائيلية الرسمية فان عدد الضحايا الفلسطينيين منذ بداية الشهر الحالي قد وصل الى 13 قتلوا عن طريق الخطأ! وتؤكد المعطيات انه منذ انسحاب اسرائيل من قطاع غزة في شهر آب من العام الماضي قامت التنظيمات الفلسطينية باطلاق اكثر من الف صاروخ من طراز القسام باتجاه اسرائيل. هذه الصواريخ البدائية ادخلت دولة كاملة الى حالة من الهستيريا، وحتى رئيس الوزراء ايهود اولمرت، قال ان الاجهزة الامنية لا تملك الحلول السحرية لمنع الفلسطينيين من مواصلة عمليات القصف الصاروخي. وهذه العمليات الفلسطينية تعيد الى الاذهان القصف الصاروخي الذي تعرضت له بلدة كريات شمونه من قبل منظمة حزب الله اللبنانية، عندما كانت اسرائيل تحتل الجنوب اللبناني، ولكن اللافت ان حزب الله اوقف القصف بعد اندحار الاحتلال وانسحابه من الاراضي اللبنانية. الامر في قطاع غزة يختلف كثيرا. الفصائل الفلسطينية المختلفة التي تشارك في عمليات القصف الصاروخي تفعل ذلك دون التنسيق مع القيادة السياسية للشعب الفلسطيني، أي دون الاخذ بعين الاعتبار مناشدة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، جميع الفصائل بوقف العمليات.بالاضافة الى ذلك لا يوجد تنسيق بين القيادة السياسية والعسكرية في قطاع غزة، حتى ان رئيس الوزراء الفلسطيني، حسب مصادر مقربة منه، كشفت عن انه عقد اجتماعا مع قادة الجناح العسكري في الحركة وطلب منهم وقف عمليات اطلاق الصواريخ، الا ان طلبه قوبل بالرفض. كما انه لا يوجد تنسيق بين الفصائل المختلفة، واطلاق الصواريخ يتم بصورة عشوائية، دون الاخذ بعين الاعتبار تبعات وتداعيات هذه العمليات على الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة، والذي تتهدده المجاعة بسبب الممارسات الاسرائيلية المدعومة امريكيا واوروبيا. لذلك يوما بعد يوم يتعزز الانطباع لدينا بان عمليات اطلاق الصواريخ غير مبنية على تكتيك معين او على استراتيجية محددة، الامر الذي يقطع الشك باليقين بان حالة الفوضى والفلتان الامني ما زالت سيدة الموقف في قطاع غزة. بالاضافة الى ذلك نعتقد بان التنظيمات الفلسطينية لا تقوم بعمليات اطلاق الصواريخ لاستدراج الاسرائيليين لعلمها بانه لا يوجد تكافؤ بين الجهتين من الناحية العسكرية. كما اننا لا نعتقد بان الفصائل الفلسطينية معنية بان تقوم اسرائيل باعادة احتلال قطاع غزة، وعليه يجب على الفصائل ان تراجع حساباتها مرة اخرى وتسال نفسها: ما الفائدة من اطلاق صواريخ القسام على البلدات الاسرائيلية؟ لماذا تقوم هذه الفصائل من حيث تدري بمنح اسرائيل المسوغات والمبررات لمواصلة عملياتها العسكرية في غزة؟ اطلاق الصواريخ اثبت بصورة قاطعة انه غير مجد بالمرة، واكثر من ذلك، هذه الصواريخ هي باعتقادنا اهداف ذاتية في المرمى الفلسطيني، لانه بسببها خسرنا الراي العام العالمي، ونحن بامس الحاجة اليه، في ظل الصمت العربي.على الفصائل الفلسطينية ان توقف فورا اطلاق صواريخ القسام على اسرائيل،ولكن هذا لا يعني ان وقف اطلاق صواريخ القسام هو نهاية النضال الفلسطيني ضد الاحتلال توقف، ولكن في ظل الظروف الفلسطينية والاقليمية والدولية على الفصائل ان تتحمل المسؤولية التاريخية وتتوقف عن اطلاق القسام لان ذلك لا يصب في مصلحة هذا الشعب الجبار. بكلمات اخرى، يجب حصر المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، لان الشرعية الدولية تكفلها.سديروت ليست كريات شمونه، والفصائل الفلسطينية ليست منظمة حزب الله اللبنانية، وبالتالي فان من يريد نقل الموديل اللبناني الى قطاع غزة يرتكب خطا كبيرا، ويزيد من المآسي والويلات التي يعاني منها الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة.
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio