تعيش الضفة الغربية في الأشهر الأخيره واحدة من أكثر مراحلها خطورة، مع تصاعد اعتداءات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين بشكل غير مسبوق، وبجرأة يمكن أن تُترجم إلى سياسة رسمية أكثر منها مجرد انفلات مجموعات متطرفة. فالعنف الذي يمارسه المستوطنون اليوم لم يعد أحداثاً متفرقة، بل منظومة منظمة تجد غطاءها السياسي في حكومة بنيامين نتنياهو، وخصوصاً لدى الوزراء الذين يتباهون علناً بتبنّي أجندة المستوطنين، وعلى رأسهم بتسلئيل سموتريتش.
منذ أن تولّى سموتريتش منصب وزير المالية، إلى جانب دوره كوزير في وزارة الأمن الإسرائيلية كمسؤول عن شؤون المستوطنين، تحوّل المشهد في الضفة إلى ما يشبه إطلاق يد ميليشيات مسلحة. فقد تم تزويد المستوطنين بآليات دفع رباعي، وبأسلحة أوتوماتيكية طويلة، تُستخدم في الاعتداء على الفلسطينيين وعلى ممتلكاتهم، وكأنها أدوات تنفيذ لسياسة غير معلنة. الهدف واضح: جسد الفلسطيني، بيته، أرضه، ومصدر رزقه.
التقارير الرقابية الإسرائيلية والدولية الصادرة خلال عام 2025 تؤكد هذا الواقع. ففي تقرير بتسيلم لشهر شباط 2025، تم توثيق ارتفاع كبير في اعتداءات المستوطنين، شمل إحراق منازل ومركبات، والاعتداء على المزارعين، ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم، إضافة إلى عمليات إطلاق نار نفّذها مستوطنون مسلحون تحت حماية الجيش. التقرير يشير إلى أن “التحقيقات في هذه الاعتداءات شكلية، وأن نسبة لوائح الاتهام لا تكاد تُذكر”.
وفي تقرير آخر نشرته منظمة يش دين في نيسان 2025، جاء أن “المنظومة القانونية الإسرائيلية باتت غير قادرة – أو غير راغبة – في مواجهة عنف المستوطنين”، وأن “السلطات السياسية توفر غطاءً عملياً للمجموعات الأكثر تطرفاً، عبر تسليحها وتوسيع صلاحياتها وتجاهل شكاوى الفلسطينيين”.
document.BridIframeBurst=true;
var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });أما مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فقد أكدت في تقرير حزيران 2025 أن “عنف المستوطنين بلغ مستويات غير مسبوقة منذ عقدين”، وأن “السلطات الإسرائيلية فشلت في اتخاذ خطوات فعّالة لحماية السكان الفلسطينيين”، مشيرة إلى أن الاعتداءات تتم غالباً بحضور قوات الجيش.
اللافت أن هذا التصعيد ازداد بشكل ملحوظ بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقف إطلاق النار وبدء المرحلة الأولى من اتفاق غزة. ففي الوقت الذي ينشغل فيه العالم بملامح الاتفاق، يبدو واضحا للعيان أن حكومة نتنياهو تستغل اللحظة لفتح المجال أمام المستوطنين لفرض وقائع جديدة على الأرض. وكأن إطلاق العنان لهم جاء كـ“جائزة ترضية” يقدمها نتنياهو لضمان بقاء أحزاب اليمين المتطرف في ائتلافه، في لحظة سياسية هي الأكثر هشاشة في مسيرته.
إن ما يجري اليوم ليس مجرد انفلات مجموعات متطرفة، بل هو انعكاس مباشر لسياسة حكومية تُغذّي العنف وتحوّله إلى أداة سياسية. حكومة نتنياهو – سموتريتش – بن غفير تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا الانفجار في الاعتداءات، وعن تحويل الضفة الغربية إلى ساحة مفتوحة أمام مجموعات الصهيونية الدينية المتطرفة المسلحة التي تعمل بعقلية الإقصاء والانتقام.
الفلسطينيون يواجهون اليوم مرحلة شديدة الخطورة، حيث تتقاطع مصالح اليمين المتطرف مع ضعف الحكومة الإسرائيلية ومع لحظة سياسية حساسة إقليمياً ودولياً. وما لم تُفرض محاسبة حقيقية، وما لم يتحرك المجتمع الدولي بجدية، فإن هذه الاعتداءات لن تتوقف، بل ستتوسع، لأن من يقف خلفها يشعر بأنه محمي، ومطلوب منه أن يواصل.
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio