في رسالتهم الجماعية والمباشرة للرئيس الامريكي والتي نشرتها صحيفة معاريف 17/12 دعا 600 من كبار قادة الجيش والامن الاسرائيليين السابقين الى اعتماد ادارة ترامب مباديء جوهرية ثلاثة وهي؛ أن نزع سلاح حماس هدف ضروري، لكنه يجب أن يتم بشكل تدريجي ومنسق؛ وبعد ذلك سيكون على الجيش الاسرائيلي الانسحاب من كامل القطاع الى الحدود الدولية؛ والى ضرورة الدور السيادي للسلطة الفلسطينية في غزة. توقيت الرسالة هو قبيل زيارة نتنياهو الى منتجع ترامب في ميامي بدعوة من الاخير.
تشكل الرسالة موقفا واضحا يصبو للأثر من قبل كبار القادة السابقين في الجيش والموساد والشاباك والشرطة ومجلس الامن القومي، كما تسعى بشكل مباشر الى وضع جدول أعمال مغاير لما يسعى اليه رئيس الوزراء نتنياهو خلال لقائه مع ترامب نهاية الشهر الجاري.
تقول الرسالة ما لا تجرؤ المعارضة الاسرائيلية على طرحه في مواجهة ائتلاف نتيناهو وتبدو ذات أثر على مسار المعركة الانتخابية للكنيست وتسعى الى بلورة أفق سياسي مع الفلسطينيين. بل هناك اوساط في المعارضة الاسرائيلية قد تدعم موقفها دون الافصاح عنه، بما في ذلك حزبي لبيد وغانتس وحتى ايزنكوت، فيما يشكل يائير غولان رئيس حزب الدمقراطيون الأقرب الى مضمونها.
فعليا يقف مبادرو الرسالة موقف التحدي المباشر والعلني لنتيناهو ولما يسوّقه بأنه "ثوابت" موقفه، وفي النقاط الثلاث التي يدور موقفه حولها. كما تعزز الرسالة الموقف الدولي والعربي، وتعلن تماهيها الكامل مع خطة ترامب. وإن كان نتنياهو يسعى لوضع العراقيل في حال وجد قدرة على ذلك، امام الولوج في المرحلة الثانية من خطة انهاء الحرب على غزة، ويشدد على نسخ النمط الذي تسلكه اسرائيل في لبنان في اعتبار عدم انجاز نزع السلاح – رغم التقدم الحاصل – مبررا للانتهاكات الاسرائيلية والدفع نحو تصعيد حربي حقيقي وترسيخ البقاء في الجنوب، تأتي الرسالة لتؤكد في الحالتين الفلسطينية واللبنانية بأن نزع السلاح هو خارج الحرب والادوات العسكرية التي لم ينجح نتنياهو خلال عامين من تحقيق هذا الهدف خلال الحرب المكثفة وإنما تندرج في عملية ومسار سياسي وسيادي مستندين الى تجارب نزع السلاح عالمياً.
document.BridIframeBurst=true;
var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });يعارض موقعو الرسالة اي تبرير لبقاء الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة بشكل مستدام، وفعليا هذا يندرج ايضا على لبنان، ويؤكدون اعتماد الحدود الدولية بانتفاء مبررات الانتهاكات الاسرائيلية وبهذا يضعون المسؤولية على عاتق نتنياهو وحكومته. كما يؤكدون على ان الوجود الاسرائيلي في المنطقة الصفراء وعلى طول الحدود هو أمر مؤقت وسيتم تقليصه تدريجيا.
فيما يخص السلطة الفلسطينية فإن الرسالة تعارض بشكل قوي ومباشر كل مبررات نتيناهو العقائدية لاستبعادها والتي تندرج في صلب موقفة الرافض لقيام الدولة الفلسطينية وربط مصير الضفة والقطاع معا. كما ان الرسالة تؤكد ان موقف نتنياهو فعليا في هذا الصدد يشكل معوقا امام انضمام دول هامة لقوة الاستقرار وتدحض الرسالة ذريعة نتنياهو باشتراط دور السلطة بـ"الاصلاحات".
في المجمل يبدو ان تطابق الرسالة وموضوعاتها مع اولويات واشنطن، وتزايد القناعة في ادارة ترامب بأن نتنياهو يسعى للتعويق على المرحلة الثانية ودخول المنظومة الدولية والعربية والفلسطينية الى القطاع. فيما النقاش الدائر في واشنطن بهذا الصدد يجد تعبيرا عنه في موقفين احدهما هو ان نتنياهو "ناكر للجميل" وينبغي التخلص من حكمه بدعم قوى بديلة وبتأزيم سياساته؛ فيما الموقف الاخر يكرر نكران الجميل بينما يرى ان نتنياهو هو الاكثر قابلية لتطبيق خطة وقف الحرب ويحظى بشرعية اسرايئلية حتى يمينية في هذا المسعى الوظيفي بالنسبة لواشنطن، ولا يوجد له بديل حاليا في السياسة الاسرائيلية لكن ينبغي ضبطه سياسيا. فيما عبّر توماس باراك حسبما تم تسريبه من لقائه مع نتنياهو قبل ايام عن الخط الاحمر الامريكي في هذا الصدد وهو ان نتنياهو قد يعبث بمصيره لكن ادارة ترامب لن تتيح له ان يتلاعب بالتزاماتها امام الدول العربية والاقليمية وامام العالم. فيما تعلو الاصوات الامريكية المنتقدة لاسرائيل بسبب التصعيد الاحتلالي الأخطر في الضفة الغربية .
في سياق الموقف الامريكي تبدو رسالة القيادات الامنية الاسرائيلية الى ترامب بأنها جاءت بدفع أمريكي وبتوافق جوهري. القلق الذي يساور نتنياهو من لقاء ميامي مع ترامب يتمحور في النقاط الثلاث التي تتوقف عندها الرسالة. وهي نقاط خلافية مع ادارة ترامب التي تسعى الى تشكيل ضغط اسرائيلي اعتباري على نتنياهو وصدامي مع خطابه، ومع جوهر عقيدته باعتماد حلول أمنية صرف، وعدم الالتزام بأي حل سياسي او حتى أفق لحل سياسي مطروح دوليا.
في الخلاصة؛ تشكل رسالة كبار الاجهزة الامنية الاسرائيلية السابقين الى ترامب، تحديا حقيقيا لنتنياهو، باعتبارها وزنا اسرائيليا اعتباريا يدفع ادارة ترامب الى فرض إملاءاتها عليه فيما يخص الدخول في المرحلة الثانية من خطة وقف الحرب، وباعتبارها دعوة لمزيد من الضغط الامريكي في هذا الصدد.
كما تؤكد الرسالة تراجع الشرعية الاسرائيلية الداخلية للعودة الى الحرب كما يهدد نتنياهو وائتلافه، وهي تسري من حيث المبدأ على معظم الجبهات ولا تنحصر في غزة. بل وتضع نتنياهو في خانة تعارض مع ادارة ترامب واولوياتها.
فيما تشكل الرسالة فرصة للمعارضة الاسرائيلية غير المتجانسة كي تبلور موقفها المعارض لسياسات نتنياهو وليس فقط لشخصه، ولضمان التماهي مع الموقف الامريكي وكسب دعم ادارة ترامب. فإنها تضع المعارضة في خانة الحسم داخلها نحو اعتماد أفق سياسي وباعتبار ان الحل العسكري والتهديد بالحرب مجددا لن يضمنا اي تحسين لوضعية اسرائيل الأمنية.
تلتقي مضامين الرسالة مع موقف قيادة اركان الجيش، وتشكل دعما لها وهي تتعرض للابتزاز السياسي من وزير الامن كاتس.
فلسطينيا تشكل الرسالة المذكورة اول موقف جماعي اسرائيلي واضح لاعادة الاعتبار للسلطة الفلسطينية ودورها في غزة ولربط مصير غزة والضفة ولتقويض فرضية "الاصلاحات" التي تتغنى به المؤسسة الاسرائيلية.
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio