منصور عباس… بين وهم الاندماج وحقيقة العاصفة المقبلة
خالد خليفة
ان متابعة مسيرة الدكتور منصور عباس منذ منتصف التسعينات، عند دراسته للطب في الجامعة العبرية، تُظهر مسارًا لشخصية صعدت سياسيًا بسرعة لافتة عبر بوابة الحركة الإسلامية الجنوبية، ثم من خلال القائمة الموحّدة إذا كان ذلك في المسيرة الطلابية او في الإطار السياسي العربي العام، ولاحقا عبر نهج المشاركة السياسية المباشرة في ائتلافات الحكم الإسرائيلية والبرلمان الإسرائيلي.
ان هذا المسار والذي كان يومًا ما خطوة جريئة ومختلفة، بات اليوم بحاجة لإعادة تفكير جذريا، ليس لأن منصور أخطأ بالضرورة، بل لأن المشهد السياسي نفسه تغيّر بطريقة عاصفة.
document.BridIframeBurst=true;
var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });منذ أحداث 7 أكتوبر الماضية، دخلت إسرائيل في مرحلة جديدة عنوانها العريض: إعادة تعريف العلاقة بين الدولة ومواطنيها العرب. وإذا كان عباس قد بنى مشروعه على أساس “الشراكة المدنية” و”التأثير من الداخل”، فإن هذه الأسس نفسها تتعرض اليوم لهزة عميقة، ليس لأن الفكرة بالضرورة فاشلة، بل لأن البيئة السياسية لم تعد تسمح بها.
لقد بات السياسيون الإسرائيليون، من اليمين المتطرف وحتى أطراف واسعة في الوسط، ينظرون إلى المواطنين العرب من زاوية ديقة أمنية وليست مدنية. واصبحت عبارات مثل “التضييق على الفرد العربي ”، “الفرز”، “المراقبة”، و“الولاء” جزءًا من الخطاب السياسي الاسرائيلي العام ضد المواطنين العرب وتحركاتهم
في غزة والضفة الغربية تمضي إسرائيل نحو استراتيجية واضحة: حصار، عزل جغرافي، قطع تواصل، وإحضار عمال أجانب هنود واخرين بدل من العمال الفلسطينيين سكان الضفة الغربية. وفي الداخل، تتعزز الأصوات المنادية بتقييد الحقوق السياسية للعرب، كما ظهر في تصريحات أعضاء الكنيست موشي سعاده والجنرال موتي ألموز، اللذين دعوا صراحة إلى سحب حق التصويت عن سكان الدولة الغير خادمين بالجيش.
هذا المناخ ليس تفصيلًا عابرًا، بل هو إعلان واضح بأنّ المرحلة المقبلة قد تحمل تهديدات مباشرة لوجود الأحزاب العربية نفسها. تصريحات نتنياهو عن الإخوان المسلمين، ودعم بن غفير المتواصل له والدعم المتوقع وإدارة ترامب، تؤكد وجود نوايا لإخراج بعض التيارات الإسلامية والعربية السياسية خارج القانون. ومع أن القائمة العربية الموحّدة بقيادة منصور عباس ليست تابعة للإخوان المسلمين، إلا أنّ الخطاب الإسرائيلي لا يميّز كثيرًا في لحظات التصعيد.
وهنا يكمن جوهر مشكلة منصور عباس حيث إنه يتحدث وكأن إسرائيل ما زالت دولة قابلة لمنحه مساحة للمشاركة السياسية، بينما الواقع يقول إنّ التوجه السائد هو تضييق هذه المساحة وليس توسيعها.
المسار الفردي الذي اختاره عباس أعطى ثمارًا محدودة في لحظات معيّنة، مثل زيادة بعض الميزانيات، لكنه كشف أيضًا عن هشاشة هذا النهج عندما تغيّر المناخ السياسي. واليوم، في ظل هذا التحول، يصبح الاستمرار في الرهان على “الاندماج الفردي” مغامرة سياسية قد تكون نتائجها كارثية، ليس على عباس وحده، بل على مجمل الصوت العربي.
الحقيقة الاستراتيجية التي يجب أن يواجهها عباس بوضوح هي أن حماية الصوت العربي أهم بكثير من أي مقعد أو أي تفاهم ائتلافي. فالقوائم العربية قد تواجه محاولات شطب في الانتخابات المقبلة، والأصوات الداعية لإقصائها تتنامى. وفي ظل هذا الخطر، يصبح الحديث عن الانخراط في ائتلافات إسرائيلية—سواء مع نتنياهو أو مع معارضيه—خطأ سياسيًا كبيرًا.
الخيار الأكثر حكمة اليوم هو العودة إلى العمل الجماعي ليس من باب النوستالجيا للقائمة المشتركة فقط، بل لأن العمل العربي الموحد هو الضمانة الوحيدة أمام العاصفة السياسية القادمة. قائمة عربية موحدة، بموقف سياسي واضح، قادرة على التفاوض من موقع قوة، لا من موقع تابع يبحث عن ميزانية هنا أو اتفاقية هناك.
منصور عباس كان يمكن أن يكون بداية نقاش عميق حول مستقبل العرب في إسرائيل، لكنه جاء أقرب إلى خطاب تكتيكي في لحظة تتطلب وضوحًا استراتيجيًا. المطلوب اليوم ليس إدارة العلاقة مع الائتلاف، بل حماية حق العرب في أن يكون لهم ائتلاف سياسي يعبّر عنهم أولًا، ويواجه التحديات الوجودية التي تلوح في الأفق.
في النهاية، هذه ليست لحظة حسابات شخصية أو حزبية.
إنها لحظة تقرير مصير سياسي كامل.
وعلى منصور عباس أن يختار:
هل يكون جزءًا من لحظة الانقسام… أم جزءًا من لحظة التوحيد والاستعداد لما هو قادم؟
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio