لا يخفى على أحد أن تكلفة المعيشة في إسرائيل تُعد من الأعلى في العالم، ومع ذلك تستمر الحكومة في تحميل المواطن المزيد من الأعباء عبر سياسات ضريبية متصاعدة. الإعلان الأخير عن السماح للسلطات المحلية برفع ضريبة الأملاك (الأرنونا) بنسبة قد تصل إلى عشرات النسب المئوية ابتداءً من ميزانية عام 2026، يضع المجتمع أمام واقع أكثر قسوة، ويثير أسئلة جوهرية حول العدالة الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.
الأرنونا كأداة لتفاقم الأزمة
الأرنونا ليست مجرد ضريبة إضافية، بل هي ضريبة أساسية تُجبى من كل بيت وكل مؤسسة. رفعها بهذا الشكل يعني تقليص قدرة المواطن على العيش بكرامة، في ظل غلاء أسعار السكن، الغذاء، والكهرباء. المواطن يجد نفسه محاصراً بين ارتفاع تكاليف الحياة من جهة، وبين جباية ضرائب متزايدة من جهة أخرى، وكل ذلك لتغذية خزينة دولة تُوجّه الجزء الأكبر من ميزانيتها نحو الأجهزة الأمنية والجيش، بينما تُترك الخدمات المدنية في حالة إهمال مزمن.
المجتمع العربي: الحلقة الأضعف
document.BridIframeBurst=true;
var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });المجتمع العربي سيكون الأكثر تضرراً من هذه السياسة. المعطيات الرسمية تشير إلى أن نسبة الفقر بين العائلات العربية بلغت نحو 38% عام 2023، أي ما يقارب نصف المجتمع العربي يعيش تحت خط الفقر. كما أن 34 من أصل 48 مدينة وبلدة ذات نسب الفقر الأعلى في إسرائيل هي بلدات عربية. والأخطر أن تقرير التأمين الوطني لعام 2024 كشف أن 58% من العائلات العربية تعيش حالة انعدام أمن غذائي، فيما لا تتمتع سوى 10% منها بمستوى عالٍ من الأمن الغذائي. هذه الأرقام تعكس واقعاً مأساوياً يتفاقم مع ضعف صناديق الدعم والمنح الدراسية للطلاب العرب، ومع تراجع التمويل الحكومي للمشاريع التنموية في بلداتنا.
سلطاتنا المحلية، التي تعاني أصلاً من ضعف الموارد، تقدم خدمات متواضعة لا ترتقي إلى الحد الأدنى المطلوب: شوارع مهملة، قمامة غير مُجمعة بشكل منتظم، مدارس تفتقر إلى البنية التحتية، ونوادي مغلقة أمام شبابنا. هذه الصورة القاتمة تجعل من رفع الأرنونا قراراً غير عادل، بل مجحفاً بحق مجتمع يعاني أصلاً من التهميش.
سؤال مفتوح: إلى متى؟
إلى متى سيبقى المواطن العربي الحلقة الأضعف في معادلة الدولة؟ إلى متى ستُفرض عليه ضرائب لا تعود عليه بخدمات حقيقية؟ وإلى متى سيبقى يعاني من سياسات مالية لا تراعي واقعه الاجتماعي والاقتصادي؟ رفع الأرنونا ليس مجرد بند في الميزانية، بل هو انعكاس لسياسة ترى في المواطن العربي مصدراً للجباية، لا شريكاً في بناء الدولة.
إن مواجهة هذا الواقع تتطلب موقفاً جماعياً من المجتمع العربي، سلطات محلية، مؤسسات مجتمع مدني، وأفراد، للضغط من أجل سياسات عادلة تراعي الفوارق الاجتماعية وتضمن الحد الأدنى من الحياة الكريمة. فالصمت أمام هذه السياسات يعني قبول المزيد من التهميش، والمزيد من الفقر، والمزيد من فقدان الأمل.
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio