في مساء السبت الماضي، تعرضت شابتان من بلدة الفريديس لاعتداء عنصري في متنزّه زخرون يعقوب من قبل عائلة يهودية. حادثة جديدة تُضاف إلى سلسلة طويلة من الاعتداءات التي تستهدف العرب في هذه البلاد، وتكشف عن الوجه الحقيقي للسياسات الرسمية والإعلامية والقضائية في إسرائيل. هذه ليست مجرد مشادة عابرة بين أفراد، بل هي انعكاس مباشر لثقافة سياسية واجتماعية تتغذى من خطاب الكراهية الذي تبثه الحكومة، وتُشرعنه الشرطة، وتُسوّقه وسائل الإعلام، وتُبرّره المحاكم.
منذ سنوات، يعمل بنيامين نتنياهو وحكوماته المتعاقبة على ترسيخ صورة العربي كعدو دائم، لا كمواطن متساوٍ في الحقوق. الخطاب السياسي الرسمي يحرّض بشكل مباشر على العرب، ويُشيطن وجودهم، ويحوّلهم إلى تهديد أمني دائم. هذا الخطاب لا يقتصر على الحملات الانتخابية، بل يتغلغل في السياسات اليومية: من قوانين قومية تمييزية، إلى تصريحات وزراء تُشرعن العنصرية، إلى سياسات ميدانية تُحوّل حياة العرب إلى جحيم.
نتنياهو يعرف جيدًا أن التحريض على العرب هو الوقود الذي يُبقيه في السلطة. كلما تراجع في استطلاعات الرأي، يرفع منسوب الكراهية، ويُطلق تصريحات تُحوّل العرب إلى “خطر وجودي”. هذه الاستراتيجية ليست مجرد تكتيك سياسي، بل هي مشروع فاشي متكامل، يهدف إلى إعادة تعريف المواطنة في إسرائيل على أساس عرقي وديني، حيث يُعتبر اليهود وحدهم أصحاب الأرض، والعرب مجرد ضيوف غير مرغوب بهم.
الشرطة الإسرائيلية، التي يُفترض أن تكون جهازًا لحماية جميع المواطنين، تتحول في كل حادثة مشابهة إلى طرف متواطئ. في حالات الاعتداء على العرب، نرى دومًا نفس السيناريو: تأخير في الاستجابة، تهاون في التحقيق، إفلات المعتدين من العقاب، وتحوّل الضحايا إلى متهمين. هذه ليست صدفة، بل سياسة ممنهجة. الشرطة تتعامل مع العرب باعتبارهم “مشكلة أمنية”، لا مواطنين يستحقون الحماية.
document.BridIframeBurst=true;
var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });الجهاز القضائي الإسرائيلي يُظهر تساهلًا مريبًا في التعامل مع جرائم الكراهية ضد العرب. الأحكام المخففة، التسويات القضائية، والتأجيلات المتكررة، كلها أدوات تُستخدم لتقويض العدالة. هذا التساهل لا يُفسَّر إلا باعتباره جزءًا من منظومة ترى في العرب مواطنين من درجة ثانية، لا يستحقون نفس الحماية القانونية التي يتمتع بها اليهود.
وسائل الإعلام الإسرائيلية تلعب دورًا خطيرًا في هذه المنظومة. بدلًا من كشف الحقائق، تُمارس التضليل، وتُحوّل الضحايا إلى متهمين، وتُبرّر الاعتداءات باعتبارها “خلافات شخصية” أو “مشادات عابرة”. الإعلام يُعيد إنتاج خطاب الحكومة، ويُسوّق صورة العربي كخطر، ويُخفي حقيقة أن الاعتداءات العنصرية أصبحت ظاهرة متكررة.
ما يحدث اليوم في إسرائيل ليس مجرد سلسلة من الاعتداءات الفردية، بل هو مؤشر على تصاعد الفاشية. الفاشية هنا ليست مجرد مصطلح سياسي، بل واقع ملموس: حكومة تُحرّض، شرطة تتواطأ، قضاء يُشرعن، وإعلام يُضلل. هذه المنظومة تعمل بشكل متكامل لإعادة تعريف العلاقة بين الدولة ومواطنيها العرب: ليسوا شركاء، بل أعداء.
الفاشية تتغذى من الخوف والكراهية، وتُحوّل المجتمع إلى ساحة صراع دائم. الاعتداء على شابتين من الفريديس في زخرون يعقوب هو حلقة في سلسلة طويلة، لكنه أيضًا جرس إنذار. إذا لم يتم التصدي لهذه المنظومة، فإن المستقبل يحمل المزيد من العنف، المزيد من التمييز، والمزيد من الفاشية.
باسم كل الضحايا الذين تعرضوا للااعتداءات العنصرية، وباسم كل العرب الذين يعيشون تحت وطأة التمييز، أقول: كفى. كفى لهذه الحكومة التي تُحوّل الكراهية إلى سياسة رسمية. كفى لهذه الشرطة التي تتواطأ مع المعتدين. كفى لهذا القضاء الذي يُشرعن العنصرية. وكفى لهذا الإعلام الذي يُضلل ويُبرّر.
العرب في هذه البلاد ليسوا أعداء، بل مواطنون يستحقون المساواة والكرامة. لكن طالما أن المنظومة ترى فيهم أعداء، فإن الفاشية ستستمر في النمو، وستُحوّل إسرائيل إلى دولة تُدار بالكراهية والخوف.
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio