مقالات

العلاقات الاجتماعية والجوهر الإنساني والنظام المعرفي-إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

إبراهيم أبو عواد 05:08 16/04 |
حمَل تطبيق كل العرب

 

1

أهميةُ العلاقات الاجتماعية لا تنحصر في كشف أبعاد الجَوهر الإنساني ، بَل تتعدَّى ذلك إلى إعادة بناء مصادر المعرفة على أُسُس أخلاقية ، بعيدًا عن القوالب الفكرية والأنماط الاستهلاكية ، وهذا يُخلِّص السُّلوكَ اليومي من حالة الغُموض ، ويُنقِّي النشاطَ الحياتي مِن الوَعْي الزائف . وإذا كانت العلاقاتُ الاجتماعية هي حَلْقَةَ الوَصْل بين الوقائع التاريخية والأنساق الفكرية ، فإنَّ الجَوهر الإنساني هو حَلْقَة الوَصْل بين الخِبرة الوجودية والتجربة الشعورية . وهذا التشابك المعرفي يُوضِّح طبيعةَ أدوار الأفراد في حركة التاريخ ، وكيفيةَ أداء الظواهر الثقافية لوظيفتها الحيوية في بناء سياسات الرأي العام، الذي يقوم على الاقتناع الذاتي ، وليس الضغط الخارجي . وإذا ترسَّخت البُنى الوظيفية للظواهر الثقافية في الأحداث اليومية ، فإنَّ دور الفرد في المجتمع سَوْفَ يَتَّسع حتى يَشمل تغيُّراتِ الوَعْي ، وتفاعلاتِ اللغة ، وتقاطعاتِ الوَعْي معَ اللغة ضِمن المعايير العقلانية وأُطُرِ الشُّعور . وهذا مِن شأنه صناعة قُوَّة توليدية للفِعل الاجتماعي ، تُنتج أنساقًا إبداعيَّةً لا تعيش مُنعزلةً ، بَلْ مُتفاعلة معَ الذات والبيئة والطبيعة . وكُلُّ نسق إبداعي يُمثِّل رؤيةً لُغوية قائمة بذاتها ، وعمليةً اجتماعية مُكتملة العناصر. وتجب حمايةُ النسق الإبداعي مِن التَّحَوُّل إلى شكل بلا مَضمون، أوْ صُورة بلا عُمق ، وذلك بتكريس مصدر المعرفة كنسق اجتماعي مُندمج معَ النسق الإبداعي ، ودافع له في اتِّجاه تعزيز التواصل بين مركزية التاريخ ورمزية اللغة من ناحية ، وبين الواقع المادي والتحليل الذهني من ناحية أُخرى .

2

document.BridIframeBurst=true;

var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });

تشكيلُ العلاقات الاجتماعية لا يتم بِمَعْزِل عن سِياقِ التجارب اليوميَّة ، وماهيَّةِ المعنى الوجودي ، ومسارِ الوَعْي التاريخي . وكُلُّ علاقة اجتماعية تُمثِّل نظامًا معرفيًّا يُساهم في تكوين آلِيَّات لتفسيرِ الشخصية الإنسانية، وتأويلِ انعكاسات الفِعل الاجتماعي ، وربطِ الظواهر الثقافية بالقوى التي تُولِّدها ، بحيث تُصبح الثقافةُ سياسةً اجتماعية ، ويُصبح المجتمعُ تيارًا ثقافيًّا مُتَدَفِّقًا ، لا يَخضع لإفرازات التاريخ ، وإنما يُساهم في صناعة صَيرورة التاريخ ، وبذلك يصبح المجتمعُ زمنًا جديدًا للمعنى الوجودي والوَعْي التاريخي . والمجتمعُ الحقيقيُّ لا يَنتظر المَوْجَةَ الفكرية كي يَركبها،وإنَّما يَصنع مَوجته الفكرية التي تنتشل الشخصيةَ الإنسانية من الغرق في الاستهلاكية المادية الفَجَّة . والفِكرُ الاجتماعي الحقيقي لا يَسير معَ التيار ، وإنَّما يكون هو التيارَ ، الذي يَستقطب الأفكارَ الإبداعية ، ويُوظِّفها معنويًّا وماديًّا مِن أجل إقامة الكِيان الإنساني على قواعد البناء الاجتماعي .

3

الجَوهرُ الإنساني هو المِحَكُّ الأساسي في مسار الأحداث اليومية ، ووفق هذه الأحداث يتم تأسيس تاريخ شخصي للكَينونة الإنسانية ، يتَّصف بالاتِّزانِ رُوحًا ومَادَّةً ، والتوازنِ نَوْعًا وكَمًّا . والجَوهرُ الإنساني هو الحاملُ للسِّياقات الثقافية بِكُل عناصرها الواقعية والذهنية ، والحاضنُ للمعاني الاجتماعية والتاريخية. وهذا يُعطي زخمًا فلسفيًّا للفِعل الاجتماعي ، ويُؤَسِّس شرعيةَ التفسير المعرفي للذاتِ الإنسانية ومُحيطِها الفكري على مشروعية الظواهر الثقافية ، ودَورها المِحوري في تَشييد الحقيقة الاجتماعية كبناء أخلاقي وإطار لُغوي ونظام معرفي .

 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربة المستخدم. هل تسمح؟

عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا

الخامس +1 234 56 78

فاكس: +1 876 54 32

البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio